فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

الصورة من الإنترنيت

رغم الظروف الأمنية والمعيشية..”الكلاسيكو” حاضر في الشمال السوري

هاني العبدالله

انتشرت المقاهي والكافتيريات في المناطق المحررة، والتي تعرض المباريات لديها كي تستقطب الزبائن، وتعتبر الأسعار فيها مقبولة نوعاً ما، ولا يتقاضى صاحب المقهى أجرة على حضور المباراة وإنما فقط ثمن الطلب، ويبلغ ثمن طلب الأركيلة ألف ليرة، وكوب الشاي بـ 300-500 ليرة، أما باقي المشروبات الساخنة والباردة تتراوح بين 500-1000 ليرة، وبالتالي يمكن للشخص أن يتابع كامل المباراة مقابل كوب شاي فقط

“الانتصار النا ورح نهزمكن على أرضكن..غلطان أنت عنا أسلحة هجومية قادرة على تدمير دفاعاتكن”، هي ليست حرباً باردة تسبق معركة عسكرية على الأرض، وإنما نقاشٌ حادٌ بين شخصين في أحد المقاهي بمدينة اعزاز بريف حلب، حول اللقاء المرتقب بين فريقيّ برشلونة وريال مدريد، والذي سيكون مساء اليوم الأربعاء ضمن مباراة مؤجلة في الدوري الإسباني لكرة القدم.

بات لقاء برشلونة وريال مدريد يستقطب أنظار ملايين الناس حول العالم، وأصبح يُسمى “كلاسيكو الأرض”، ولم يكن السكان في الشمال السوري بمنأى عن هذا اللقاء المثير، فرغم الظروف الأمنية والمعيشية السيئة في تلك المنطقة، إلا أن الحديث عن “الكلاسيكو” كان حاضراً بين الأهالي في كل مكان.

يزيد الحديث عن “الكلاسيكو” في الشمال السوري كلما اقترب وقت المباراة، ليشغل كثير من الشبان في الأسواق والمقاهي والمؤسسات، من المرشح للفوز، وما نقاط ضعف وقوة كل فريق؟ وكل شخصٍ تجده يقدم تحليلات عن المباراة ويشدّد على أن فريقه هو الفائز، متناسين الحديث عن وضع الليرة والواقع الأمني.

يقول أحمد المصطفى من سكان مدينة إعزاز “الرياضة هي المتنفس الوحيد المتاح أمامنا، فحالة الملل التي يعيشها الشباب جعلت متابعة المباريات وسيلةً لنسيان ضغوطات ومشاغل الحياة، لذلك ينتظر الجميع بشغف لقاء الكلاسيكو لمتابعته في المقاهي والمنازل ضمن أجواءٍ حماسية رائعة”.

وأضاف المصطفى لموقع فوكس حلب “لم يعد أحد في الشمال المحرر يتابع الدوري السوري أو مباريات المنتخب، كونهم يمثلون النظام تحديداً، حتى بات المنتخب يُسمى منتخب البراميل، لهذا أصبحت الدوريات الأوروبية هي الشغل الشاغل لمحبي الرياضة، ولاسيما الدوريان الإسباني والانكليزي ودوري أبطال أوروبا إضافةً لكأس العالم”، مشيراً الى أن “الكلاسيكو له نكهة خاصة مختلفة عن باقي المباريات، ويخلق حالة من التحدي والتشويق بين مشجعي الريال والبرشا. حتى عند غير المهتمين بالرياضة والذين يُسارعون لرؤية الكلاسيكو تحديداً”.

كيف سيُشاهد الشمال السوري “الكلاسيكو”؟

انتشرت المقاهي والكافتيريات في المناطق المحررة، والتي تعرض المباريات لديها كي تستقطب الزبائن، وتعتبر الأسعار فيها مقبولة نوعاً ما، حيث لا يتقاضى صاحب المقهى أجرة على حضور المباراة وإنما فقط ثمن الطلب، ويبلغ ثمن طلب الأركيلة ألف ليرة، وكوب الشاي بـ 300-500 ليرة، أما باقي المشروبات الساخنة والباردة تتراوح بين 500-1000 ليرة، وبالتالي يمكن للشخص أن يتابع كامل المباراة مقابل كوب شاي فقط.

وعمد بعض أصحاب المقاهي قبيل “الكلاسيكو”، إلى طرح عروض على الأسعار لتشجيع الناس على حضور المباراة لديهم، فمنهم من طرح عرض أركيلة مع أي مشروب بــ ألف ليرة، وهناك من أعلن عن وضع شاشات كبيرة لعرض المباراة.

ويمتد وقت المباراة من الساعة التاسعة حتى الحادية عشرة مساءً بتوقيت دمشق، وهو وقت قد لا يُناسب كثير من الأشخاص في ظل سوء الأوضاع الأمنية، حيث يخشى البعض من حالات خطف أو سرقة خلال فترة المساء، لهذا يُفضلون مشاهدة “الكلاسيكو” مع الأقارب والأصدقاء ضمن المنزل.

ويقول أحمد المصطفى: “الوضع الأمني في مدينة إعزاز جيد نسبياً، لذلك نستطيع دائماً مشاهدة المباريات ضمن المقاهي والعودة إلى المنزل في ساعات متأخرة من الليل، لكن هناك مناطق أخرى مثل عفرين ونواحيها، يعتبر الوضع الأمني فيها سيء نسبياً، لذلك يُفضَل أغلب الشباب هناك متابعة الكلاسيكو ضمن البيت أو في مقهى قريب منهم”.

في المقابل يبدو الوضع في محافظة إدلب مختلفاً بعض الشيء عن مناطق ريف حلب، حيث تشهد مدن وبلدات إدلب قصفاً متواصلاً، فضلاً عن سوء الأوضاع الأمنية ولاسيما خلال فترة المساء.

يقول يحيى معراوي من سكان مدينة إدلب لموقع فوكس حلب “أعشق الرياضة كثيراً، وأحرص على عدم تفويت أي مباراة، لهذا اشتريت كرت (sports bein) بمبلغ 450 دولار في السنة، تشاركت مع أصدقائي على دفع ثمن الكرت الذي اشتريناه قبل ثلاثة أشهر وكان سعره يعادل 250 ألف ليرة سورية، أما اليوم مع تدهور قيمة الليرة أصبح سعر الكرت نحو 400 ألف ليرة”.

ارتفاع تكلفة كرت (sports bein) دفع بعض الشباب المهووسين بمتابعة المباريات، إلى شراء جهاز خاص بـ 25 دولار وظيفته فك تشفير القنوات الرياضية عن طريق الإنترنت، بشرط ألا تقل السرعة عن 2 ميغا في الثانية، واعتمد كثير من شباب المنطقة على هذه الطريقة، بدلاً من شراء كرت (sports bein) باهظ الثمن أو دفع تكاليف الذهاب إلى المقاهي.

يوم ساخن في المخيمات!

ترقُب متابعة “الكلاسيكو” حاضر حتى في المخيمات رغم سوء الأوضاع المعيشية، حيث عانى قاطنوا المخيمات خلال الأيام الماضية من هطول الأمطار الغزيرة، التي تسبّبت في غرق العديد من الخيم وانتشار الوحل والطين، ما ساهم في قطع الطرقات عن المخيمات نتيجة عدم تعبيدها.

وقال ساجد الشمالي نازح من تل رفعت ومقيم في مخيم السلامة بريف حلب الشمالي “الرياضة هي المتنفس الوحيد لدينا من ضغوط النزوح والتشرّد، لهذا نجتمع دائماً أنا وأصدقائي في إحدى الخيم لمتابعة المباريات، وذلك من خلال الدخول إلى أحد المواقع الالكترونية الرياضية عبر كومبيوتر محمول متصل بالانترنت، وفي حال توفّر شاشة كبيرة نقوم بوصلها على الكومبيوتر، إلا أن بطء الانترنت في المخيمات يتسبّب في تقطّع بث المباريات بشكل متكرر”.

ويشتكي سكان المخيمات من البرد القارس مع دخول فصل الشتاء، في ظل عدم توفّر مصادر التدفئة ورداءة الخيم، وحول هذا علّق ساجد الشمالي ساخراً “كل الأيام نشعر فيها بالبرد، إلا يوم مباراة الكلاسيكو نشعر بالدفء، فقبل اللقاء بساعات يبدأ الحماس والتشويق، وطوال المباراة نهتف ونشجّع بحرارة ونتحرك ونقفز تفاعلاً مع كل هجمة أو هدف، فضلاً عن الانفعال الشديد وإطلاق الشتائم للحكم واللاعبين، وهذا يمنح الشخص حرارة عالية، لدرجة أن النازحين باتوا يتمنون لو أن كل يوم هناك كلاسيكو يُنسيهم برد الشتاء”.

ويتصدر برشلونة وريال مدريد الدوري الاسباني برصيد 35 نقطة لكل فريق، إلا أن النادي الكتالوني يتفوّق بفارق الأهداف على الريال، وبالتالي فإن فوز أي فريق سيجعله ينفرد بالصدارة، كما أن نجميّ الفريقين ليونيل ميسي وكريم بنزيما متساويان في رصيد الأهداف بـ 12 هدف كل لاعب، ما يجعل المباراة في قمة الإثارة.