فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

تراجع زراعة المحاصيل الاقتصادية في حوض العاصي

فريق التحرير

دمّرت الحرب معظم البنى التحتية الخاصة بعمليات الري، من مضخات ومحطات في السدود، وبعض أقنية الري، وقطعت الطرق الزراعية، كما تعرضت للقصف بعض المنشآت الزراعية والوحدات الإرشادية

يشكل نهر العاصي مع روافده والسدود المقامة عليه شرياناً هاماً للزراعة في المنطقة التي يمر بها، خاصة سهل الغاب ، إذ ينتج حوض العاصي والذي تبلغ مساحته نحو 21.6 ألف كم، 24% من منتجات سوريا الزراعية و16% من المنتجات الصناعية في السابق.

سهل الغاب السلة الغذائية الأهم في حوض العاصي

يعدّ سهل الغاب من أهم سهول سوريا وحوض العاصي وأكثرها خصوبة، وهو سهل منبسط يقع بين جبال اللاذقية غرباً وجبال الزاوية وشحشبو شرقاً، وما بين جشر الشغور شمالاً وتل سلحب جنوباً، يبلغ طوله 80 كيلو متراً، ويتراوح عرضه بين 13-15 كيلو متر، وتزيد مساحته عن 500 ألف هكتار، تسيطر قوات المعارضة على الجزء الأكبر منه ويشكل سلة غذائية لمناطق الشمال السوري، بحسب غسان عبود (مدير زراعة سهل الغاب).

سهل الغاب -فوكس حلب
سهل الغاب -فوكس حلب

يقول العبود إن خصوبة التربة في سهل الغاب ساهمت في تنوع محاصيله وجودتها على امتداد العام، إذ تزرع فيه العديد من المحاصيل الزراعية الاقتصادية مثل القطن والشمندر السكري والتبغ والذرة والصفراء، إضافة للنجيليات مثل القمح بصنفيه القاسي والطري والشعير، والبقوليات بأنواعها مثل الفول والحمص والعدس والبازلاء، ويخصص قسم منه لزراعة الخضار الموسمية كالبطاطا والبندورة والباذنجان والفليفلة والفاصولياء والملفوف والقنبيط وغيرها.

وأوضح العبود إن هذه المحاصيل تنظم وفق خطة زراعية كانت تضعها وزارة الزراعة سابقاً، لتحقيق التناسب بين حاجة السوق وطاقة المعامل، مثل معامل السكر والكونسروة، تجنباً للانعكاسات السلبية على أسعارها ما يترك أثره السلبي على المزارع.

سهل الروج -فوكس حلب
سهل الروج -فوكس حلب

وعن الخطة الزراعية في السهل يشرح العبود إن محصول القمح كان يحظى بنسبة 60% من الأراضي المزروعة، يليه القطن بنسبة 20%، والبقوليات 5%، والخضار الصيفية 5%، والشمندر 3%، والخضار الشتوية 2%، بينما تأخذ المحاصيل الأخرى النسبة الباقية كالذرة وغيرها، عدا محصولي التبغ والبصل، واللذين كانا يحظيان بعقود خاصة حسب المساحة المعطاة من وزارة الزراعة بالتعاقد المباشر بين المزارع والمؤسسة أو المعمل المصنع.

وزراعات سهل الغاب مروية عبر نهر العاصي بشبكات ري فرعية موزعة على كامل السهل، كانت تدعمها السدود التخزينية والترشيحية صيفاً، وبعض الينابيع الموجودة في المنطقة مثل نبع باب الطاقة وقسطون والبارد.

أثر الحرب على الزراعة في سهل الغاب

دمّرت الحرب معظم البنى التحتية الخاصة بعمليات الري، من مضخات ومحطات في السدود، وبعض أقنية الري، وقطعت الطرق الزراعية، كما تعرضت للقصف بعض المنشآت الزراعية والوحدات الإرشادية، ناهيك عن السرقات التي طالت مشاريع السدود ومضخاتها.

يقول المهندس أنس أبو طربوش (من مديرية زراعة سهل الغاب) إن نزوح الأهالي بفعل المعارك الدائرة والقصف أدى إلى ترك مساحات كبيرة من الأراضي دون زراعة، كما أدى القصف إلى تعطيل معامل السكر، ومحالج القطن التي تضررت أو نقلت إلى خارج البلاد، وانعدمت زراعة التبغ لعدم وجود طريقة لتسويقه، إذا لا يوجد في المنطقة التي تسيطر عليها لمعارضة أي معمل للتبغ.

كما ساهم ارتفاع أسعارها المستلزمات الزراعية مثل الأسمدة والبذار المحسنة والموثوقة والمبيدات الفعالة والمراقة، ساهم في غياب الكثير من الزراعات خاصة الاقتصادية منها، لينخفض إنتاج سهل الغاب بنحو 80% عنه ما قبل 2011، بحسب طربوش الذي قال إن الزراعة فيه حالياً تقتصر على ثلاثة أصناف بعلية هي (القمح والشعير والبرسيم العلفي)، إضافة لمساحة صغيرة لا تزيد عن أربعة هكتارات خُصصت للمحاصيل في الصيف (خضراوات فقط)، وتزرع في أماكن مصادر الري المتبقية أو بجانب الآبار، أغلبها لا يغطي كلفة النفقات الزراعية بسبب غلاء الوقود والنقل والعبوات والأسمدة والمبيدات الحشرية وشبكات الري الصناعية.

جسر الشغور

تقع منطقة جسر الشغور إلى الشمال من سهل الغاب على حوض نهر العاصي، وتتبع إدارياً لمحافظة إدلب، بريفها الغربي، وأهم مدن وبلدات هذه المنطقة الزراعية، جسر الشغور، ودركوش والعديد من البلدات والقرى التابعة لهما، وتغلب على زراعاتها بساتين الأشجار المثمرة، باستثناء الجزء الجنوبي من ريف جسر الشغور المتاخم لسهل الغاب، وبعض المساحات الصغيرة.

تضرر محصول القطن في جسر الشغور
تضرر محصول القطن في جسر الشغور

يقول المهندس الزراعي مفضي الخليل إن نسبة زراعات الأشجار المثمرة بهذه المنطقة، تبلغ 88%، ونسبة المساحات الزراعية الأخرى تبلغ 12 %، حسب إحصائيات مديرية زراعة إدلب عام 2014، حيث تبلغ المساحة المزروعة بالأشجار المثمرة البعلية حوالي 18.4 ألف هكتار، أما مساحة الأشجار المروية تبلغ 2.1 ألف هكتار، وتزرع الخضار بمساحة تقارب 537 هكتاراً، ويتبقى حوالي 1.6ألف هكتار تزرع بالمحاصيل المختلفة الأخرى.

الأشجار المثمرة في جسر الشغور
الأشجار المثمرة في جسر الشغور

وأهم مزروعات الأشجار المثمرة هي (المشمش والخوخ والتفاح والرمان واللوز والجوز والزيتون والكرمة والحمضيات)، وتعتمد حالياً غالب زراعتها المروية على نهر العاصي، وسد الدويسات، ويغيب دور سد زيزون بعد خروجه عن الخدمة.

سهل الروج

وهو أحد أهم سهول حوض العاصي، ومن أهم سهول إدلب، يقع غربي إدلب، بين جبلي الزاوية والوسطاني، ويتصل في الجنوب مع سهل الغاب، وهو سهل خصب، وكان يعد من سهول إدلب المغذية للمحافظة وللبلاد بمزروعات متنوعة.

وتبلغ مساحة سهل الروج 12 ألف هكتار، كان يروى من نبع عين زرقا، وسد البالعة بشكل شبه كامل، وتزرع فيه أغلب المحاصيل الزراعية المروية، كالقطن، والشمندر السكري، والبطاطا، وكافة أنواع الخضار، إضافة للحبوب، ويزرع موسمين في العام الواحد، أما حالياً وبسبب توقف مشروع الري فإن 90% من مساحة السهل تزرع بالحبوب والبقوليات (قمح، شعير، حمص، عدس، جلبان، حبة البركة) و10% من مساحته تزرع بالخضار المروية المنوعة، كالطماطم، والخيار، والفاصولياء، بحسب المهندس الزراعي أحمد رشواني.

سلقين
إلى الشمال من جسر الشغور، وعلى نهاية حوض العاصي في الأراضي السورية، تأتي منطقة زراعية أخيرة، هي مساحات مدينة سلقين وريفها، والتي تتبع إدارياً لمنطقة حارم بمحافظة إدلب، غالب زراعتها الاشجار المثمرة، وفي مقدمتها الزيتون.

الزيتون في سلقين
الزيتون في سلقين

يقول المزارع سامي البوبكي (من أبناء سلقين) إن أغلب مساحة المنطقة تزرع بالأشجار المثمرة وأكثرها الزيتون، حيث يوجد صنف زيت يحمل اسم المدينة، تنتجه مزارعها، يسمى الزيت السلقيني وهو صنف مشهور، ومن الأشجار الأخرى التي تزرع فيها الرمان، والجوز، واللوز، والتين، والكرمة، والجارنك، والمشمش، إضافة لمساحات صغيرة تزرع ببعض المحاصيل كالقمح والحبوب، ومساحات أخرى صغيرة بالخضار، كالبندورة، والفليفلة الحمراء، والباذنجان، والخضار الأخرى، كلها تروى من مياه نهر العاصي بـ “النضح” عبر محركات سحب صغيرة  تسحب المياه من نهر العاصي للمزارع.

غياب المياه ومشاريع الري سبب في تراجع كبير على مستوى الزراعات الاقتصادية التي غابت بالكامل، والتي كانت تشكل نواة الزراعة في سهل الغاب وبعض من قرى وبلدات ريف حلب الجنوبي، خاصة مع توقف المنشآت التي كانت تحتاج لهذه المنتجات في الصناعة، ما أدى إلى فقدان مئات من العائلات لوظائفهم من جهة، وخسارة الفلاح لقسم رابح من الزراعات التي كانت تتكفل “الحكومة” بدعمها وشرائها وبأسعار مناسبة.