فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

في إدلب: المدارس الخاصة حلّ أم تعقيد لمشكلة التعليم

حسن كنهر الحسين

تزايدت أعداد المدارس الخاصة في إدلب خلال السنتين الأخيرتين، ليجد فيها عدد من السكان حلّاً للمشاكل التعليمية المتمثلة بإيقاف الدعم، وضعف الكادر التدريسي، والفقر باللوازم والوسائل، إلّا أن الرسوم المالية […]

تزايدت أعداد المدارس الخاصة في إدلب خلال السنتين الأخيرتين، ليجد فيها عدد من السكان حلّاً للمشاكل التعليمية المتمثلة بإيقاف الدعم، وضعف الكادر التدريسي، والفقر باللوازم والوسائل، إلّا أن الرسوم المالية التي وصفها بعض من التقيناهم بـ “الباهظة” حالت دون التحاق معظم الطلبة بها، والبقاء في المدارس التابعة لمديريات التربية، والتي تعاني من مشاكل كبيرة، خاصة في العام الحالي مع توقف الدعم عن 65% منها، وزيادة أعداد الطلبة داخل الغرف الصحية التي وصلت إلى (50 طالباً)، ناهيك عن تأخر الكتاب المدرسي والغياب الكامل للمكتبات وأجهزة الحاسوب والوسائل التعليمية.

وتبلغ عدد المدارس الخاصة في إدلب نحو 100 مدرسة، 60 منها مرخصة و40 قيد الترخيص، جميعها ألحقت بدائرة التعليم الخاص في مديرية التربية، بحسب عبد الواحد خضر (مدير الدائرة). والذي قال إن إدلب المدينة وحدها تضم 30 مدرسة خاصة 20 منها مرخصة و10 قيد الترخيص.

وعن زيادة أعداد المدارس الخاصة يقول أحمد الأحمد (مدير مدرسة الهدى الخاصة) إن زيادة عدد الوافدين إلى المدينة بعد حملات التهجير والنزوح، وعدم قدرة المدارس الحكومية على استيعاب الأعداد الكبيرة من الطلبة، هما السببان الأساسيان في هذه الزيادة، خاصة مع تزايد عدد المدارس التي تعرضت للقصف وقلة الدعم من قبل المنظمات.

لا توجد رسوم محددة للتسجيل في المدارس الخاصة، وتختلف هذه الرسوم بين مدرسة وأخرى، دون أن تقوم مديرية التربية بإصدار أي قرار ينظم العملية التعليمية فيها، وتدفع هذه الأقساط بشكل شهري أو فصلي يقول الأستاذ محمد علي (واحد من الكادر التدريسي في مدرسة النور ببلدة كفر كرمين) إن المدرسة تتقاضى رسماً شهرياً موحداً من الطلبة حدده بخمسة آلاف ليرة سورية، بينما يدفع عبد العزيز القاسم 100 ألف ليرة سورية لقاء تسجيل طفله في مدرسة etc الخاصة في بلدة قسطين، مقسمة على فصلين (الأول 60 ألف والثاني 40 ألف ليرة).

ويرجع القائمون على المدارس أسباب اختلاف الرسوم إلى المراحل الدراسية وعدد الغرف الصفية ونوع الكادر التدريسي والخدمات المقدمة للطلبة، إضافة لعدد الطلاب في الغرفة الصفية الواحدة. ويصف بعض من التقيناهم المدارس الخاصية بـ “النموذجية”، إذ لا يتجوز عدد الطلبة في كل شعبة 15 طالباً، وهو ما يؤدي لرفع السوية التعليمية لدى الطلبة ويزيد من قدرتهم على الفهم والاستيعاب وممارسة النشاطات التعليمية، كما تضم هذه المدارس عدداً مناسباً من الكوادر التدريسية المختصة.

 

تقول أم عمر (أم لأربعة أطفال) في إدلب إنها تحاول جاهدة تأمين القسط الدراسي لأبنائها التي قامت بتسجيلهم في مدرسة خاصة رغم الظروف المادية السيئة والأقساط الكبيرة، تخبرنا أنها مرتاحة لمستقبل أبنائها في هذه المدارس واصفة ما يتلقونه من تحصيل علمي بـ “الجيد”، ناهيك عن التحفيز والترغيب وحالة التنافس التي شكلتها هذه المدارس بين الطلبة لدفعهم نحو التفوق، إضافة للمدرسين الجيدين والخدمات والوسائل التي ترفع من جودة المادة التعليمية.

ويرى مصطفى الحاج في “الباص” الذي يقوم بتوصيل أبنائه وإعادتهم إلى المنزل راحة البال وضمانة لسلامة أبنائه خاصة في ظل الأوضاع الأمنية المتردية التي تشهدها المحافظة.

يشكل القسط الشهري للمدارس عبئاً مالياً على معظم الأسر في المحافظة، خاصة لأصحاب العائلات الكبيرة التي تضم أكثر من طالب واحد بعمر الدراسة، يقول أحمد (عامل يومية في البناء) إن دخله الشهري لا يكفيه لتلبية الاحتياجات الأساسية من الطعام والمياه، وهو ما أجبره على إبقاء أطفاله في المدارس الحكومية، بينما تزايدت نسب التسرب الدراسي في المحافظة، خاصة في ظل غياب القدرة الاستيعابية للمدارس لاستقبال طلاب جدد، واحتمال توقف أعداد كبيرة منها عن العمل بعد توقف الدعم، وهو ما قالته المدرسة فاطمة الخطيب “أتمنى أن أمتلك القدرة المادية لتسجيل أطفالي في مدرسة خاصة، المعلمون يقدمون ما يستطيعون في ظل الإمكانيات المتاحة، إلّا أن الأعداد الكبيرة للطلبة ونقص الكتب المدرسية وتوقف الرواتب ساهمت في ضعف التحصيل العلمي”، وترى الخطيب إن “مستقبل الطلبة في خطر كبير”، متسائلة عن دور مديرية التربية في إيجاد حلول للمشكلة التعلمية، بعد فرض مبالغ مالية على شراء الكتب المدرسية وتوقف أجور المعلمين.
وتقول الخطيب “يجب على مديرية التربية تحديد الرسوم في المدارس الخاصة بعد دراستها من حيث تناسبها مع قدرة الأهالي على الأقل، إن كانت لا تستطيع محاكاة الواقع التعليم فيها من خلال المدراس الحكومية، أو  في حال توقفها”.
وحددت الخطيب دور مديرية التربية بالإشراف فقط على هذه المدارس واستصدار قرارات كان آخرها الالتزام بالتراخيص وتدريس المنهاج المعتمد من قبل مديرية التربية، وإزالة المخالفات الشرعية (الاختلاط –اللباس –التبرج)، وعدم تدريس مناهج النظام، لتخلص إلى القول “الممنوعات كثيرة، ولكن أين الأشياء المقدمة للأهالي والطلبة، وما هي الحلول التي ستصدرها المديريات خلال المرحلة القادمة والتي ستتسبب بحرمان نحو 300 ألف طفل من التحصيل العلمي”.

حسن الحسين.