فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

عمار وبتول في بطولة الحسن الدولية للتيكواندو -إنترنيت

براعم سوريا الرياضية دون دعم أو هوية أو علَم

يقول ياسر والد الطفلين، اللذين ورثا براعتهما في تلك اللعبة عنه، إنه لم يجد جهة رياضية ثورية تتبنى طفليه ما أشعره بالعجز حيال رسم الطريق لموهبتهما، ويتساءل “ما ذنب أولئك الأطفال ليمروا بهذه التجربة المؤلمة في بداية مشوراهم الرياضي”؟

لم تفلح الميداليتان الذهبية والفضية التي حصل عليها الطفلان السوريان اللاجئان عمار وبتول، ببطولة الحسن الدولية للتايكواندو في الأردن (شباط 2019)، في إخفاء ملامح التجربة المؤلمة والمصير المجهول الذي ينتظرهما، في ظل غياب من يرعى تلك المواهب الرياضيات وعدم الاعتراف الدولي بالاتحادات الرياضية المشكّلة في مناطق المعارضة، والسماح لها بالمشاركة تحت علم الثورة.

يقول ياسر والد الطفلين، اللذين ورثا براعتهما في تلك اللعبة عنه، إنه لم يجد جهة رياضية ثورية تتبنى طفليه ما أشعره بالعجز حيال رسم الطريق لموهبتهما، ويتساءل “ما ذنب أولئك الأطفال ليمروا بهذه التجربة المؤلمة في بداية مشوراهم الرياضي”؟

يختلف حال الرياضيين السوريين اللاجئين في دول أوروبية عنه في البلدان العربية، إلّا أن المشكلة الأهم التي يتشاركون بها تكمن في عدم قدرتهم على اللعب في البطولات الدولية تحت اسم بلدهم، بل من خلال الأندية المنتمين إليها، أو البلدان التي منحتهم جنسيتها. وهو ما قاله علاء الكراد (بطل عربي ودولي يعيش في ألمانيا) والذي شارك مع ابنه تيم (8 سنوات) في عدة بطولات (مصارعة رومانية وحرة) في ألمانيا، كان آخرها بطولة مقاطعة بنسلفانيا في كانون الثاني من العام الحالي وحصل فيها على الميدالية الفضية، في حين خطف الابن ذهبية البطولة.

ويضيف الكراد إن مشاركتهم جاءت ضمن الدوري الألماني، إلّا أن اللعب تحت الأخضر (علم الثورة) بحسب قوله يتم عبر المشاركة كلاعبين أحرار دون رعاية من أي جهة. ويأمل بإيصال اسم سوريا الحرة إلى منصات التتويج، مؤكداً أن المدربين يهتمون بموهبة طفله تيم التي وصفها بـ “الواعدة” والتي ستكون على “منصات التتويج الدولية قريباً”.

وعن آلية عمل المؤسسات الرياضية التابعة لمناطق المعارضة يقول عروة قنواتي مدير المكتب الإعلامي للهيئة السورية للرياضة والشباب إنه لا يسمح للرياضيين المنتسبين لهذه المؤسسات بالمشاركة في كثير من بطولات الصف الأول كـ “الأولمبياد وكأس العام وكأس آسيا”، وتقتصر المشاركة على البطولات الدولية المصنفة والبطولات الإقليمية. كما أن الرياضيين السوريين المتوزعين في بلدان كثيرة أوروبية وعربية لا يمكنهم اللعب إلا تحت اسم الأندية التابعة للدول التي تحتضنهم، بخاصة في الدول العربية، ولا يمكن اعتبار مشاركتهم تمثيلاً رسمياً. وهو ما أكده أيضاً أحمد شرم (عضو المكتب التنفيذي في الهيئة) مرجعاً ضعف التواصل مع اللاعبين وتأمين الاعتراف بهم كلاعبين أحرار ضمن بطولات دولية إلى قلة الدعم الذي يصل إلى مرحلة العدم غالباً، ما يضع الرياضيين أمام صعوبات كبيرة.

يقول حيدر وردة، الملاكم الذي أنهى أولى مبارياته على طريق الاحتراف الدولي بالضربة القاضية من الجولة الأولى في نيسان الماضي، إنه “وبالرغم من وجود عدد من الكيانات الرياضية المنشأة من قبل مؤسسات الثورة إلّا أنها تقف عاجزة أمام تلبية احتياجات ومتطلبات اللاعبين المنتسبين إليها”، وهو ما يحتم على اللاعب تحمّل كافة أعباء المشاركة المالية على نفقته الخاصة.

لا تعيق وردة الأكلاف المالية التي بات قادراً على تحملها بحسب قوله، إلّا أن مستقبل أعداد كبيرة من الرياضيين مهدد بالتوقف نتيجة عدم الرعاية وتبني المؤسسات الرياضية لهم ليضعهم أمام خيارين، إما الاعتزال وإنهاء المسيرة الرياضية أو اللعب لصالح دولة أخرى، وهو ما يعني خسارة سوريا لممثليها من الرياضيين.

وفي الجهة المقابلة يسعى نظام الأسد لاستقطاب الرياضيين السوريين إلى صفوفه وتقديم الإغراءات الكبيرة لهم للعودة واللعب تحت مظلته، يقول وردة “إن نقصاً حاداً للأبطال في كافة الرياضيات تشهده مناطق النظام، ما دفعهم للاعتماد على لاعبين بإمكانيات قليلة لتغطية الفجوة التي خلفها التحاق الرياضيين بركب الثورة”. يتألم  وردة وهو يحدثنا عن العروض والمغريات التي قدمها له النظام عبر بعض الأطراف، بشكل غير مباشر، كان آخرها نشر فيديو الضربة القاضية، التي فاز بها، على إحدى صفحات النظام الرياضية وما تبعها من تعليقات رافضة لنشرها وأخرى داعية لعودتي إلى سوريا، يقول “النظام دائماً يسعى لإعادة رموز الرياضة الحرة لعِلمه بأهمية ذلك وأثره على مجتمع الثورة وإظهار انتصاره المزعوم، في المقابل نجد عدم الاهتمام وانعدام الرعاية من قبل المؤسسات الثورية الرياضية، معتبراً ذلك بمثابة إفساح المجال للنظام لتصيد اللاعبين الأحرار تحت المغريات المادية والمعنوية”.

يحمل وردة علم الثورة في كافة المحافل الدولية التي شارك بها، ويرى أن على المؤسسات الرياضية التركيز على الأطفال الرياضيين والعمل على دعمهم وتلبية احتياجاتهم بوصفهم مستقبل سوريا الرياضي القادم.

وتراجع عدد المنتسبين إلى الهيئة السورية للرياضة والشباب إلى أربعة عشر ألف رياضي موزعين على أربعة عشر اتحاداً، على رأسها كرة القدم، بعد أن وصل العدد إلى أربعين ألف رياضي منتسب في العام 2017، وذلك لخروج مناطق واسعة من الأراضي السورية عن سيطرة المعارضة، بحسب ميسر محمود (أمين سر الهيئة)، والذي عدد بعض آخر إنجازات الرياضيين السوريين في البطولات الدولية كـ “فضية وبرونزيتين ضمن بطولة البلقان الدولية للكاراتيه، وبرونزية سارية الجزائري في بطولة العالم للأندية في الكيك بوكسنغ. وبرونزية الدولي أنس محمود ببطولة العالم لسباحة الماستر في قطر”.

يحاول عمار البحث عن هوية، وهو يراقب باقي المنتخبات المشاركة تحت علم وهوية بلدانها، يوزع نظره في أرجاء الصالة باحثاً عن علم بلاده غير الموجود، لتعتريه ملامح من اليأس والألم، حاله حال أخته بتول، والتي اعتاد مشاركتها تحمل ويلات اللجوء فقاسمته الميداليات بإصرار على التحدي، لتحصل على ذهبية بطولة الحسن الدولية فيما يحصل عمار على الفضية وسط دموع والدهما الذي يشعر بالعجز لمستقبلهما.

فداء الصالح