فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

الحملة العسكرية على ريف حماة تعكس تردي الواقع الاقتصادي في ريف إدلب

ريتا خليل

لا يستطيع سكان المدينة تجاهل مادة الخبز، في الوقت الذي يخشى معظمهم الوقوف على الأفران، المستهدفة أيضاً، بعضهم استعان بخبز التنور يقول غسان العلي “الله يخليلنا الوالدة وتنورنا، كنا صفينا بلا خبز”، بينما يخاطر الآخرون بالذهاب لشراء الخبز من الأفران أو ما تبقى من دكاكين السمانة.

محمد الجمال (مدير فرن خاص في كفرنبل) يقول إن الطوابير اختفت من أمام الفرن، هناك كساد في انتاجنا منذ بدابة القصف، نقوم بتصريف جزء منه عبر المحلات والباعة الجوالين، واضطررنا أيضاً لتخفيض كميات الإنتاج “كنا نخبز 12 عجنة بوزن 250 كغ للواحدة، تكتفي اليوم بأربع عجنات”، يخبرنا الطحن أن هذه الكمية لا تسد حاجات المدينة و”لكن ليس باليد حيلة”، فأحياناً نضطر لإخلاء الفرن من العمال أيضاً نتيجة الغارات، ناهيك عن تعرض العجين للتلف والخبز للكساد.

أغلقت معظم المحال التجارية في مدينة كفرنبل أبوابها منذ بداية الحملة العسكرية التي أطلقتها قوات الأسد وحلفاؤها على أرياف حماه وإدلب، والمستمرة منذ ما يزيد عن ثلاثة أسابيع استهدفت معظم قرى وبلدات هذه المناطق بالصواريخ والقذائف، ما أدى إلى شلل في الأسواق بسبب استهدافها بشكل رئيسي ونزوح كثير من سكان هذه المناطق إلى أماكن أكثر أمناً.

“لم نعد نأمن على أنفسنا الخروج لشراء كيس من الخبز” يقول الحاج جميل العلي (سبعين عاماً من أبناء كفرنبل)، فـ “الطائرات تملأ الأجواء، وفي كل يوم ترتكب عدة مجازر في أنحاء المدينة والبلدات المجاورة”.

لم يترك الحاج جميل منزله إلّا أنه وعائلته لا يخرجون من المنزل إلا نادراً لشراء بعض الاحتياجات الأساسية، غالباً لم تعد المدينة تلبي متطلبات أبنائها، والتي تزيد خاصة في شهر رمضان، إلّا أن “الشهر الفضيل مرّ هذا العام ليس كغيره من الرمضانات السابقة، قصف وخوف ونقص في كل شيء”.

نزار الأقرع ويعمل كمربي أبقار في المدينة وجدَ نفسه مضطراً لتوزيع جزء من الحليب دون تصنيعه أو بيعه لمن تبقى من أهالي الحي الذي يقطنه، أما الفائض فيتم تحويله إلى ما يطلق عليه “الدوبيركه” عند أهل المنطقة (وهي تشبه اللبن المصفى يضاف لها الملح بعد غليها وتستخدم كبديل للبن في الشتاء)، يقول إنه اضطر لذلك بعد أن أقفلت معظم محال الألبان والأجبان في سوق المدينة والذي كان محطة يقصدها أهالي كفرنبل والقرى المجاورة لها لشراء احتياجاتهم.

يعتمد الأقرع على منتجات أبقاره لتأمين دخل لأسرته المؤلفة من سبعة أفراد، “الوضع كان جيداً قبل الهجوم الأخير”، أما اليوم فمعظم ما يبيعه من حليب “لا يكفي لإطعام الأبقار” على حد قوله، خاصة وأن الحليب ومشتقاته تباع “باكراً” قبل أن تفسد، ولا يوجد أماكن أو كهرباء لتخزينها.

عقبة الجعار (صاحب محل لبيع الألبان والأجبان في المدينة) أكد على ما قاله الأقرع وأضاف “إن سوق كفرنبل يشهد حالة ركود كبيرة بفعل الغارات دفعت أصحاب المحلات لإغلاقها جزئياً أو كلياً، السوق مستهدف وكذلك أي تجمعات من الأشخاص، معظم الناس تحتمي في الملاجئ، حركة البيع والشراء شبه متوقفة، والمنتجات معرضة للتلف بسبب الكساد وارتفاع درجات الحرارة وغياب الكهرباء”.

ليس قطاع الألبان والأجبان وحده من تضرر بفعل الغارات، يقول محمد السويد (يملك محلاً لبيع الخضار والفاكهة على دوار كفرنبل) إن دكانه يقع في أهم النقاط الاقتصادية من السوق، ومع ذلك فإنه يضطر يومياً لإتلاف كميات لا بأس بها من الخضار والفواكه، هناك شلل جزئي في حركة السوق والمواطنين، لا أحد يخاطر بالنزول إلى هناك.

لا يمكن لنا أن توقف عن البيع يقول السويد، إلّا أننا لجأنا كأصحاب محلات لتخفيض كميات المواد التي نأتي بها من سوق الهال، كذلك بالنسبة للأنواع أيضاً، واقتصر “مسواقنا” على الخضار الأساسية التي تحتمل الظروف لفترات طويلة كالبطاطا.

يرى وائل العبدو، أيضاً هو صاحب محل للخضار والفاكهة في كفرنبل، أن هناك أسباب أخرى لضعف حركة البيع والشراء، أجملها بارتفاع الأسعار وضعف القدرة الشرائية للمواطن، فبعد سيطرة قوات الأسد على قلعة المضيق بريف حماه والتي كانت المعبر الرئيسي لدخول الخضراوات والفاكهة إلى كفرنبل من مناطق النظام، استعاض التجار وأصحاب المحلات بأسواق معر تمصرين والدانا، وهو ما أدى إلى زيادة الأكلاف ورفع أثمانها.

لا يستطيع سكان المدينة تجاهل مادة الخبز، في الوقت الذي يخشى معظمهم الوقوف على الأفران، المستهدفة أيضاً، بعضهم استعان بخبز التنور يقول غسان العلي “الله يخليلنا الوالدة وتنورنا، كنا صفينا بلا خبز”، بينما يخاطر الآخرون بالذهاب لشراء الخبز من الأفران أو ما تبقى من دكاكين السمانة.

محمد الجمال (مدير فرن خاص في كفرنبل) يقول إن الطوابير اختفت من أمام الفرن، هناك كساد في انتاجنا منذ بدابة القصف، نقوم بتصريف جزء منه عبر المحلات والباعة الجوالين، واضطررنا أيضاً لتخفيض كميات الإنتاج “كنا نخبز 12 عجنة بوزن 250 كغ للواحدة، تكتفي اليوم بأربع عجنات”، يخبرنا الطحن أن هذه الكمية لا تسد حاجات المدينة و”لكن ليس باليد حيلة”، فأحياناً نضطر لإخلاء الفرن من العمال أيضاً نتيجة الغارات، ناهيك عن تعرض العجين للتلف والخبز للكساد.

رافق حركة البيع شبه المعدومة في أسواق المدينة ارتفاع سعر صرف الدولار واقتراب موسم الأعياد، والذي أدى بدوره إلى ارتفاع أسعار المواد التي لا تجد في الأصل من يشتريها.