فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

“تلطيش الحجارة” مهنة تعود للرّواج من جديد

حسن كنهر الحسين

بعد تفجير تلك الصخور نقوم بتقطيعها إلى حجارة صغيرة وتنجيدها وتسويتها بمقاس واحد، يضيف الحبيش الذي قال إنهم يستخدمون البارود وما يطلق عليه “العتلة” لحفر الألغام في الصخور وتفجيرها، إضافة إلى ما يعرف بـ “المهدّة” وهي مطرقة حديدية تزن ما يقارب تسعة كيلو غرامات تستخدم لتقسيم الحجارة المدورة والكبيرة، و”الإزميل” وهو أداة معدنية ذات طرف مدبب تستخدم لاختراق أو تكسير الخشب أو الباطون أو مواد صلبة أخرى، وكذلك “القارص” وهو قضيب حديدي طويل رأسه مدبب يستخدم لقلب الأحجار الثقيلة وتحريكها من مكانها و”الدبورة” وهي عبارة عن مطرقة شبيهة برأس الرمح تساعد في هندسة القطعة المخصصة لتنجيد الكتل الحجرية الصغيرة على قالب موحد بحيث تصبح صالحة للبناء.

“أصعب من قطع الحجارة” مثل شعبي متداول يستخدم كدليل على قسوة عمل ما والتعب الذي يخلفه، فكيف إن كان العمل فعلاً بتقطيع الحجارة أو تهذيبها، وهي مهنة قديمة يطلق على ممتهنيها اسم “الحجّارين”، وباللهجة العامية “الملطّش”، عادت لتجد حضوراً بعد تراجعها لصالح المعدّات الحديثة.

في مدينة كفرنبل بريف إدلب الجنوبي يتوجه فايز الحبيش برفقة عدد من أصدقائه إلى الجبال الصخرية في المدينة، يرتدي ثياب “العمل” ويتزود بطعام وإبريق من الشاي، يقول إن تقطيع الحجارة باتت مهنته منذ انشقاقه عن نظام الأسد، حيث كان يعمل في سلك الشرطة.

يختار الحبيش ورفاق المهنة السفوح البركانية للحصول على الحجارة، يتم تفجيرها إلى كتل صخرية كبيرة، ومن ثم يعمل الحجارون على تقطيع تلك الكتل إلى حجارة صغيرة يقومون بتهذيبها لتغدوا صالحة لعملية للبناء.

لا يمتلك الحجارون أدوات حديثة، بل يعتمدون على الأدوات البدائية القديمة والتقليدية يكمل فايز وهو يشرح لنا مراحل عمله “بداية نختار نوعية الصخور المناسبة، فليست كل الحجارة تصلح للبناء، كالكلسية الهشة والحمراء المنخورة، كذلك يقل الطلب على الحجارة السوداء فنادراً ما يتم شراؤها من قبل أحد الراغبين، وتعتبر البيضاء أفضل أنواع الحجارة وأكثرها رواجاً”

بعد تفجير تلك الصخور نقوم بتقطيعها إلى حجارة صغيرة وتنجيدها وتسويتها بمقاس واحد، يضيف الحبيش الذي قال إنهم يستخدمون البارود وما يطلق عليه “العتلة” لحفر الألغام في الصخور وتفجيرها، إضافة إلى ما يعرف بـ “المهدّة” وهي مطرقة حديدية تزن ما يقارب تسعة كيلو غرامات تستخدم لتقسيم الحجارة المدورة والكبيرة، و”الإزميل” وهو أداة معدنية ذات طرف مدبب تستخدم لاختراق أو تكسير الخشب أو الباطون أو مواد صلبة أخرى، وكذلك “القارص” وهو قضيب حديدي طويل رأسه مدبب يستخدم لقلب الأحجار الثقيلة وتحريكها من مكانها و”الدبورة” وهي عبارة عن مطرقة شبيهة برأس الرمح تساعد في هندسة القطعة المخصصة لتنجيد الكتل الحجرية الصغيرة على قالب موحد بحيث تصبح صالحة للبناء.

تحتاج تلك المراحل إلى جهد عضلي كبير، إضافة إلى مهارة ودقة كبيرتين، لذلك يلجأ الحجارون إلى تقسيم عملهم عبر مجموعات يقول فايز “نتوزع المراحل فيما بيننا، بعضنا يفجر الصخور، آخرون يكسرونها، ومن تبقى يقومون بتهيئتها لتصبح جاهزة للبيع”.

يختار الحجارون أماكن بعيدة عن المنازل السكنية للقيام بعملهم، تجنباً للمخاطر، خاصة خلال تفجير الصخور، ويتم نقلها وبيعها عبر وسطاء أو تجار بناء، وفي الآونة الأخيرة عن طريق أشخاص يشترونها ويبيعونها للراغب بالبناء بشكل مباشر، يقول محمد منصور الذي يمتهن بيع وتوزيع الحجارة في ريف إدلب إنه يحصل على القطعة الواحدة والتي تسمى “وجه” بتسعين ليرة من الأماكن المعروفة، ويبيعها بمائة ليرة أو أكثر بحسب الاتفاق وبعد المسافة، وغالباً ما تتم عملية البيع مباشرة لأصحاب المنازل دون حاجة لوسيط أو تاجر”.

ويرى المنصور إن أكثر الحجارة المرغوبة من قبل السكان هي البيضاء، وذلك لمتانتها ومظهرها الجميل، فضلاً عن ما تمنحه من دفء في الشتاء وبرودة في الصيف، وهو ما قاله حسين الذي بدأ ببناء منزل له في المدينة “اخترت الحجر لبناء منزلي لأسباب عدة أهمها المتانة والصلابة، إذ لا يمكن مقارنة نفاذية الشظايا، التي نتعرض لها من القصف اليومي، للحجر بغيرها من القرميد أو غير ذلك”.

يعود ظهور مهنة قطع الحجارة في جبل الزاوية بريف إدلب إلى ستينيات القرن الماضي، إذ شهدت عصراً ذهبياً في ذلك الوقت لممتهنيها، إلّا أنها تراجعت بعد دخول مناشر الحجر الكبيرة والاستغناء عن الحجارين اليدويين، لتعاود نشاطها في الآونة الأخيرة كمهنة لعدد ليس بقليل من أبناء المنطقة الباحثين عن فرصة عمل، كذلك لتجار مواد البناء الذين أعادوا فتح مراكز لهم مختصة ببيع الحجارة وأنواعها في المنطقة، إضافة إلى غياب المناشر الآلية وحاجة الناس إليها لبناء ما تهدّم.