فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

طيور الزينة.. من هواية إلى مصدر رزق

محمد العلي

تباع هذه الطيور في الأسواق المحلية والبازرات، إلّا أن القسم الأكبر منها يتم تصديره إلى مناطق النظام ومن ثم إلى لبنان أو دول أخرى، وهو ما جعل تجارتها رائجة، يقول عبد الكريم “سابقاً كانت عفرين المصدر الأهم لتصدير هذه الطيور عبر وسطاء، وعن طريق وسائل التواصل الاجتماعي وغرف الواتس آب المختصة، والتي تضم مربين وتجاراً ومهتمين وأصحاب رؤوس أموال ووسطاء، أما اليوم فيتم تصديرها عبر معابر النظام وهو ما يزيد الكلفة ويعرضها للموت نتيجة طول الطريق وصعوبة التفتيش، ناهيك عن الإتاوات التي يتم دفعها”.

لم تعد تربية طيور الزينة في إدلب وسيلة للتسلية والترفيه فقط، بل أصبحت تجارة رائجة لها طرقها وأسواقها، كما دخلت كمنتج يباع عبر التسويق الالكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي، وبالرغم من قدم هذه المهنة في المنطقة، إلّا أن أعداد ممتهنيها ازداد في الآونة الأخيرة، وباتت مصدر رزق للكثير من العائلات من سكان المنطقة أو الوافدين إليها.

يقول أحمد عبد الكريم (أحد مربي طيور الزينة والذي ورث المهنة عن والده) إن هذه المهنة كانت سابقاً تقتصر على بعض الأشخاص في المنطقة، لما تحتاجه من عناية خاصة ومعرفة بأنواع الطيور وأمراضها وطرق تهجينها، بينما كان الناس يشترون “زوجاً من الطيور” كنوع من التسلية والاستمتاع بصوتها وجمال شكلها.

ويقول “عبدو الياسين، وهو وافد من مدينة حمص نحو الشمال السوري، إن مهنة تربية “طيور الزينة” ليست ظاهرة حديثة العهد، إلا أن انتشارها سابقاً كان يقتصر بالدرجة الأولى في المدن السياحية ومراكز المدن التجارية، حسب تعبيره.

ويروي الياسين تجربته الشخصية مع مزاولة المهنة “كان جدي يعمل في مهنة صناعية، إلا أن تربية طيور الزينة كانت بمثابة هواية يمارسها لقضاء وقت ممتع، ولا يقصد به المردود المادي، بل يكتفي برعاية الطيور وتقديم ما يلزم لها واستخدامها في زينة البيت والمحال التي يملكها”.

“بوصول المهنة إليّ تحوّلت من هواية إلى مصدر رزق” يقول عبدو الذي يعتمد على تربية الطيور وبيعها لتأمين لقمة عيشه، بعد أن اضطرته ظروف الحرب لترك مهنته الأساسية بتجارة “مواد البناء”، إلّا أنه يصف سوق الطيور بـ “الضعيف” بسبب الحالة الاقتصادية السيئة التي يعيشها سكان المنطقة.

يخالف الحاج “أبو حسن”، من أبناء محافظة إدلب، الياسين في ضعف أسواق طيور الزينة، إذ يحتوي متجره اليوم أكثر من مئة نوع من طيور الزينة، ويرى فيها مصدر رزق جيد، إضافة إلى ما تمنحه هذه المهنة من بهجة وسعادة لممتهنيها، مؤكداً على “إصرار أهالي المدينة على الحياة وحبهم للجمال، رغم كافة الظروف”.

وعن انتشار الظاهرة كمهنة تجارية، قال “مصطفى العمر”، وهو أحد مربي الطيور إنه أنشأ مشروعه التجاري منذ أربع سنوات، من خلال تربية “طيور الزينة”، بمبلغ 200 ألف ليرة سورية، لشراء بعض أنواع الطيور والعناية بها وتكاثرها لمشاركته في البيع والشراء ضمن أسواق باتت تنتشر في معظم المناطق التجارية شمال سوريا.

ويبلغ سعر الطير الواحد بشكل متوسط نحو 10 آلاف ليرة سورية، ويهتم “العمر”، بأنواع من الطيور تُسمى “العواشق”، ويقول إنها حساسة جداً، وتحتاج إلى رعاية بسبب قابلية نقلها لـ “فيروسات”، من الطيور الأخرى في حال اختلاطها في القفص ذاته، مما يضاعف تكلفة تربيتها لا سيما ثمن الأدوية لها.

ويخبرنا “العمر”، عن خبرته الطويلة التي اكتسبها، قائلاً أتعامل مع كافة انواع طيور الزينة المتوافرة لا سيما بعد تحولها من هواية إلى مصدر رزق، منها “طيور الجنة -الكناري -الاسترالي العادي -الهولندي الضخم -الإنكليزي الضخم -الببغاء -الحسون -الكنار”.

وعن مصدر هذه الطيور يقول أحمد عبد الكريم “معظم هذه الطيور تأتي من تركيا عبر وسطاء، غالباً من السوريين، يحضرون معارض طيور الزينة والتي تقام بشكل شهري في الولايات التركية، ويتم الشراء عبر الواتس آب، ونقلها إلى المعابر الحدودية، إذ يتم تهريبها إلى الداخل السوري”

ويكمل عبد الكريم “إن عملية النقل تزيد من أسعار الطيور، فكلفة التهريب باهظة، كما يتم نقلها عبر حاملات تتسع لما يقارب خمسين أو مئة عصفوراً، وهو ما يؤدي إلى موت عدد منها في الطريق”، يقول “غالباً ما يموت ثلث العدد المتفق عليه، ولا يتحمل الوسيط أو المهرب المسؤولية بحسب العرف التجاري، وهو ما يؤدي لرفع أسعار الطيور لتغطية الخسارة”، يضاف إليها الأكلاف العالية لتربية الطيور من تأمين للغذاء والعلاج والمناخ المناسب في ظل ارتفاع الأسعار إذ يتوجب، بحسب عبد الكريم، تأمين أنواع معينة من الطعام يصل متوسط سعرها ما يقارب 1000 ليرة للكيلو غرام، بينما تحتاج لتأمين الدفء خلال فصل الشتاء “مدفأة المازوت لا تكاد تطفأ خلال الشتاء، أحياناً أحرم أطفالي الدفء لتأمينه للطيور”، يقول عبد الكريم، ناهيك عن الأدوية غير المتوفرة والتي يتم الحصول عليها من تركيا في الغالب وبأسعار باهظة.

وبحسبة بسيطة يخبرنا عبد الكريم أن تكلفة وصول الطائر بحسب نوعه، فهناك طيور تنقل لوحدها، وهي من الأنواع باهظة الثمن يصل سعر بعضها مئات أو ربما آلاف الدولارات، إلّا أن متوسط نقلها يصل إلى ما يقارب 2000 ليرة سورية.

تباع هذه الطيور في الأسواق المحلية والبازرات، إلّا أن القسم الأكبر منها يتم تصديره إلى مناطق النظام ومن ثم إلى لبنان أو دول أخرى، وهو ما جعل تجارتها رائجة، يقول عبد الكريم “سابقاً كانت عفرين المصدر الأهم لتصدير هذه الطيور عبر وسطاء، وعن طريق وسائل التواصل الاجتماعي وغرف الواتس آب المختصة، والتي تضم مربين وتجاراً ومهتمين وأصحاب رؤوس أموال ووسطاء، أما اليوم فيتم تصديرها عبر معابر النظام وهو ما يزيد الكلفة ويعرضها للموت نتيجة طول الطريق وصعوبة التفتيش، ناهيك عن الإتاوات التي يتم دفعها”.

وعن أنواع طيور الزينة الرائجة يقول عبد الكريم “عشاق الطيور مزاجيون، وتتغير أنواع الطيور المطلوبة في كل فترة، فما كان رائجاً في فترة ما تراه كاسداً في فترات أخرى، وهو ما يعرض التاجر للخسارة في بعض الأحيان”، ويكمل بـ “أنّ ذائقة الناس بدأت بالتغير، هم يميلون الآن لشراء بعض الطيور المهجنة بأشكال محروفة، بعد أن كانت الطيور الملونة أو البيضاء الصافية، الكناري، هي الأكثر مبيعاً، والتي كان يتجاوز سعرها 30 ألف ليرة”.

ليس هناك أسماء حقيقية لهذه الطيور، وإنما يصطلح مربوها أسماء متعارف عليها بينهم لتسهيل عمليات البيع والشراء، وتتشابه إلى حدّ كبير في المناطق السورية والدول المجاورة.