فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

على أهميتها.. التحاليل الطبية ليست شرطاً للزواج في إدلب

محمد الأسمر

لا تزيد كلفة التحاليل الطبية عن سبعة آلاف ليرة سورية، وتشمل “التهاب الكبد وتعداد الدم والرحلان والتلاسيميا والإيدز والزمر الدموية” بحسب الخطيب الذي قال إن الكلفة المالية قد تكون أحد أسباب إهمال هذا الجانب، بينما يرى فادي السعيد (إجازة في الاقتصاد) إن “الكلفة قليلة وهي لا تتجاوز ثمن بنطال أو قميص في السوق اليوم، في ظل التكاليف المرتفعة للأعراس”، ويرجع السعيد السبب “لحالة اللامبالاة والكسل وقلة الوعي عند بعض الأهالي، والتي تفترض أن تواجه من خلال إعادة التحاليل الطبية كشرط لا يتم تثبيت الزواج دونه”.

يحاول سعيد (30 عاماً) والمقيم في السعودية منذ عشر سنوات أن يتخلص من زواجه الذي تمّ دون حضوره، بعد أن اكتشف من خلال التحاليل الطبية التي أجريت لـ “زوجته المستقبلية” والمفروضة من قبل السفارة لإدخالها إلى المملكة، إصابتها بفيروس التهاب الكبد من النوع (سي)، ما حال دون الموافقة على سفرها.

يقول سعيد إن زواجه تمّ عبر عقد عرفي، وعند دخول الفتاة إلى تركيا عرف بمرضها، ولكن “الفأس وقع في الرأس”، فكلفة زواجه زادت عن ثلاثة ملايين ليرة، إضافة إلى المهر الكبير الذي كتبه على نفسه، ورفضِ الفتاة التنازل عنه رغم مرضها.

لم تنفع جميع المحاولات التي قام بها والد الشاب لإقناعهم بخطورة مرض الفتاة والعدوى التي من الممكن، وبنسبة كبيرة، أن تنقلها لزوجها وأطفالها المستقبليين، وهو ما اضطره لرفع دعوى تفريق، بانتظار قرار المحكمة يصف سعيد حاله بـ “لا معلّق ولا مطلق”.

وبالرغم من المبالغ المالية الكبيرة التي أنفقها الشاب، إلّا أن حاله أفضل من حال “صطوف” المتزوج منذ خمس سنوات، ولديه ثلاثة أطفال مصابين بذات المرض، يقول “إنهم ورثوه من أمهم المصابة، دون أن يعرف بمرضها سابقاً”.

لا تشترط المحاكم ودوائر النفوس التي تشكلت مع تحرير مدينة إدلب إجراء التحاليل الطبية كشرط من شروط عقد الزواج، يقول الطبيب المخبري حسين الخطيب والذي يرى وجود هذه الشرط من أهم الإجراءات التي يجب على الجميع اتباعها، إذ أنه يساعد في الحدّ من الأمراض المتفشية والأوبئة المعدية.

ويروي الطبيب أن هذا الإجراء كان معتمداً سابقاً في زمن النظام، ويتم في مخابر خاصة معينة من قبل المحاكم، للتأكد من سلامة طرفي العقد قبل الزواج، وإن وجود أحد الأمراض كان يعتبر مانعاً للزواج، أو على الأقل معرفة الطرفين بالضرر للوقاية والعلاج.

قلّل الناس من أهمية إجراء التحاليل في المناطق المحررة، واعتبروه إجراءً روتينياً بالإمكان الاستغناء عنه، دون معرفة مخاطره على الصحة والأطفال، يضيف الطبيب الذي يقول “إنه ومن النادر اليوم أن يأتينا أحد الزوجين لإجراء التحاليل للزواج، ويقتصر الأمر على بعض الخاطبين بصفة شخصية، دون أن إجبار من المحكمة”.

لا تزيد كلفة التحاليل الطبية عن سبعة آلاف ليرة سورية، وتشمل “التهاب الكبد وتعداد الدم والرحلان والتلاسيميا والإيدز والزمر الدموية” بحسب الخطيب الذي قال إن الكلفة المالية قد تكون أحد أسباب إهمال هذا الجانب، بينما يرى فادي السعيد (إجازة في الاقتصاد) إن “الكلفة قليلة وهي لا تتجاوز ثمن بنطال أو قميص في السوق اليوم، في ظل التكاليف المرتفعة للأعراس”، ويرجع السعيد السبب “لحالة اللامبالاة والكسل وقلة الوعي عند بعض الأهالي، والتي تفترض أن تواجه من خلال إعادة التحاليل الطبية كشرط لا يتم تثبيت الزواج دونه”.

من جهته يرى القاضي مصطفى الرحال (الرئيس السابق لمحكمة معرة النعمان بريف إدلب) إن “الآلية الصحيحة في المعاملات الزوجية برمتها كانت شبه معطلة، فمعاملة الخاطب والمخطوب والتي تقدم إلى المحاكم لعقد الزواج ألغيت بالكامل من قبل أصحاب العلاقة أنفسهم، إذ لم يرد إلى المحكمة خلال ترؤسه لها سوى حالات تثبيت الزواج الذي يكون في الأصل قد تمّ بعقد عرفي وخارج أروقة المحاكم، وغالباً ما يكون هذا الإجراء متأخراً فيأتي العروسان برفقة أطفالهم لتثبيت زواجهم، ما يمنع وضع أي شروط مسبقة لإثبات هذا الزواج”.

يضيف الرحال: “تلك العشوائية أدت لمشاكل كبيرة في وقت لاحق حيث تقدم عدد من الناس بمعاملات تفريق للمحكمة بهدف إنهاء الزواج نتيجة ولادة أطفال حاملين لمرض معين أو تشوهات معينة نتيجة تقصير الطرفين في إجراء الفحوصات الطبية اللازمة قبل الزواج، ولطالما شجعنا على إجراء تلك الفحوص من خلال إلغاء أي رسوم على تلك المعاملات لكن لم نحصل على التجاوب المطلوب”.

كحال المحاكم تكتفي مديرية الشؤون المدينة في تسجيلها للزواج والحصول على البطاقة العائلية بـ “حصول الزوجين على قيود فردية لهما، ومن ثم الذهاب للمحكمة الشرعية لعقد الزواج أصولاً، والحصول على صك الزواج، ومن ثم مراجعة السجل المدني لتسجيله والحصول على البطاقة العائلية، دون شرط التحاليل الطبية” بحسب طلال زغيب معاون وزير الداخلية للشؤون المدينة.

وفي ظل عجز المحاكم والدوائر المدينة عن إجبار المقبلين على الزواج لإجراء التحاليل الطبية يرى الخطيب أن الحل المتاح حالياً يكمن في التثقيف الصحي وتسليط الضوء على أهمية إجرائها والمخاطر الناتجة عن إهمالها، من خلال الندوات والحملات الطبية وإلصاق البروشورات وتفعيل القضية عبر وسائل الإعلام.