فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

تهجين الأزهار في مشتل بمدينة كفرنبل بريف إدلب

تهجين الأزهار.. ظاهرة جمالية أم تشوه بصري

الألوان الجديدة لم تستهوِ بعض سيدات المنازل اللواتي اعتدن على رؤية نباتاتهن بالأشكال والألوان التي عرفنها منذ سنوات، تقول أم أحمد (60 عاماً) وهي تتأمل أزهار المشتل “ولك ابني بها الزمن تغير كل شي، أنا بحب كل شي ع طبيعتو لك الياسمين اليوم تغيرت ريحتو”، فمن اعتاد على ملمس  خملة الورد الجوري ونقاء اللون وتفرده قد لا تستهويه تلك الألوان الباهتة التي يراها اليوم، والتي لعب التهجين دوراً سلبياً في تغير شكلها وروائحها أيضا، فأصحاب الذكريات القديمة يرفضون كل تغير قد يطرأُ على خارطة الذكريات.

يجترح الوافدون إلى مناطق إدلب حلولاً جديدة تمكنهم من الحصول على مصدر رزق لإعالة أفراد أسرهم، ونقل ما خَبروه في مواطن سكنهم السابقة إلى أماكنهم الجديدة، بعض هذه التجارب شكّل حالة فريدة أو مذاقاً جديداً لم يألفها سكان إدلب، ما دفعهم لتجربتها واقتنائها.

وإن كانت مشاتل الورد واحدة من المهن المنتشرة في جميع أنحاء سوريا، خاصة خلال فصل الربيع، إلّا أن تهجين هذه الأزهار وإدخال تحسينات عليها، سواء على صعيد اللون أو الرائحة، هو ما يميز مشتل عن آخر، يقول أبو محمد الوافد من مدينة إدلب إلى كفرنبل بريف إدلب الجنوبي.

أقام أبو محمد، منذ ما يقارب العامين، مشتله على مساحة صغيرة لا تتجاوز “دونماً واحداً”، بعد أن استدان مبلغاً صغيراً من المال يعينه على افتتاح مشروعه الصغير الذي يديره برفقة زوجته وأطفاله، مستعيناً بخبرته السابقة في التطعيم والتهجين.
عشرات الأصناف من الورد والنباتات العطرية تتوزع ضمن البيت البلاستيكي الذي أنشأه أبو محمد، بهدف حمايتها من صقيع الشتاء وللحصول على نبات ناضج قبل مثيلاته مما يؤمن له ربحاً أفضل، بينما تحيط غراس الأشجار المثمرة بالبيت البلاستيكي من الخارج بهدف استغلال كل متر من الأرض.

تهجين الأزهار في مشتل بمدينة كفرنبل بريف إدلب
تهجين الأزهار في مشتل بمدينة كفرنبل بريف إدلب

استفاد أبو محمد من خبرته ليطور عمله ويكسر القوالب الجامدة المتبعة في عمل مشاتل الزينة التي يقتصر عمل أصحابها على تأمين البذور وزراعتها في أحواض ملائمة ثم نقلها للعبوات البلاستيكية وبيعها. بينما يعمل أبو محمد على تنمية مهاراته وإجراء تجارب مستمرة من خلال خبرته في تطعيم الأشجار ” وتتمحور عملية “التطعيم” في قدرة الفلاح على نقل عقل من شجرة ما وزراعتها مكان إحدى العقل الرئيسية في الشجرة المراد تعديل صنفها وترك البرعم الجديد حتى ينتش وينمو على شجرته الجديدة”.

تهجين الأزهار في مشتل بمدينة كفرنبل بريف إدلب
تهجين الأزهار في مشتل بمدينة كفرنبل بريف إدلب

“عملت تجارب كتير واستفدت من خبرتي لأعرف الأصناف اللي بتتوافق مع بعضها بالطعم” تمكن أبو محمد مؤخراً من تطعيم غراس شجر الجوز على الوردة الجورية بهدف الحصول على وردة مميزة أسماها “جوري مخرطش”، كما تمكن من تطعيم أنواع مختلفة من الورد الجوري بهدف الحصول على أزهار متمازجة بألوانها مما يحقق له سعراً أفضل عند المبيع.
في زاوية البيت البلاستيكي تجد عبوات من الفلين مملوءة بحجارة سوداء ومغروس بداخلها عيدان العنب والجوز والتين بهدف انتظارها حتى تفرع لينقلها إلى أحواض جديدة، يقول أبو محمد إن الزرعة ضمن هذه الأحجار البركانية تمنح جذور النبات راحة بالنمو، بحيث تحصل على مجموع جذري قوي، بالإضافة لحفظها من التعفن نتيجة ارتفاع نسبة الرطوبة في التراب، “الحمد لله التجربة نجحت بمناطقنا ونقلت أغلب الغراس للعبوات الجديدة”.

بين أكياس البنفسج والقرنفل تشاهد أزهاراً بألوان مميزة لم تعهدها من قبل تمكن أبو محمد من تهجين بذورها خلال عمله، معتمداً على التهجين الطبيعي عن طريق النحل الذي يتنقل  بين الزهور حاملاً الأبواغ من زهرة إلى أخرى مما سيغير بطبيعة البذور الناتجة عن تلك الزهرة.

الألوان الجديدة لم تستهوِ بعض سيدات المنازل اللواتي اعتدن على رؤية نباتاتهن بالأشكال والألوان التي عرفنها منذ سنوات، تقول أم أحمد (60 عاماً) وهي تتأمل أزهار المشتل “ولك ابني بها الزمن تغير كل شي، أنا بحب كل شي ع طبيعتو لك الياسمين اليوم تغيرت ريحتو”، فمن اعتاد على ملمس  خملة الورد الجوري ونقاء اللون وتفرده قد لا تستهويه تلك الألوان الباهتة التي يراها اليوم، والتي لعب التهجين دوراً سلبياً في تغير شكلها وروائحها أيضا، فأصحاب الذكريات القديمة يرفضون كل تغير قد يطرأُ على خارطة الذكريات.

تهجين الأزهار في مشتل بمدينة كفرنبل بريف إدلب
تهجين الأزهار في مشتل بمدينة كفرنبل بريف إدلب

بينما يرى خالد (أحد المهتمين بتربية نبات الزينة في منزله) أن تلك التغيرات من الأشياء الجميلة التي تكسر الروتين المعتاد، فهو يبحث عن كل نبته غريبة ليضيفها إلى مقتنياته “عندي بالبيت فليفلة مدعبلة ع شكل بندورة، بفرح لما حدى بيسألني  شو هي” المتعة عند خالد تكمن في قدرته على تربية أصناف جديدة غير معروفة للناس من قبل وتجبرهم على السؤال عن طبيعتها عند رؤيتها.

تهجين الأزهار في مشتل بمدينة كفرنبل بريف إدلب
تهجين الأزهار في مشتل بمدينة كفرنبل بريف إدلب

يقلّب أبو محمد بين يديه تربة القرنفل والعطرة والحبق وتم السمكة وخدّ العروس قبل أن يبيعها لتجار الجملة، الذين يشترونها بما يعادل مئة ليرة، بينما يبيعونها بثلاثة أضعاف سعرها، يقول “إن عزاءه الوحيد برؤية زهوره تزين واجهات المحال وشرفات المنازل”، آملاً بتوسعة مشروعه واقتناء “سيارة” يبيع منتجاته عليها، دون أن يتعرض للاستغلال من قبل المسّوقين.