فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

“ألعاب الموبايل” إدمان خَطِر ومصدر دخل

يقول الباحث الاجتماعي الدكتور محمود الحسن إن “أي سلوك تتوفر فيه ثلاث نقاط يتحول إلى عادة، ومع تكرار هذه العادة تتحول الى إدمان، وهذه النقاط هي المعرفة والمهارة والرغبة، ففي البداية يبدأ الشخص بمعرفة كيفية ممارسة اللعبة عبر الجلوس مع الأصدقاء الذين يعلّمونه طريقة اللعب، ومن ثم يمارسها عدة مرات عندها يصبح ماهراً بها، وبالتالي تتشكل لديه رغبة كبيرة في ممارستها دوماً”.

وأضاف الحسن أن “تكرار ممارسة أي لعبة لمرات عديدة، تحفز الدماغ على إفراز هرمون الدوبامين المسؤول عن السعادة، وبالتالي تتحول تلك العادة إلى ما يُعرف بالإدمان السلوكي، وهو لا يقل خطورةً عن إدمان التدخين والمخدرات”.

 

انتشرت على الهواتف المحمولة ألعاب كثيرة استهوت عقول المستخدمين خاصةً الشبان والأطفال، لتستحوذ على جزءٍ كبيرٍ من حياتهم، وتُحولهم إلى مدمنين على تلك الألعاب وأهمها لعبتي “ببجي” و”كلاش أوف كلانس”.

ولجأ كثير من السوريين إلى ممارسة هذه الألعاب، بعدما أصبحت متاحة بيد الجميع، خاصةً أنها مجانية وسهلة التحميل، بعضهم استخدمها بغرض التسلية وتمضية الوقت، والبعض الآخر باتت بمثابة مهنة له لكسب المال.

“رزق الهبل ع المجانين”

عبد الرحمن عبيد (من سكان مدينة إدلب) كان يعمل في ورشة لصيانة السيارات، إلا أن ورشته في المنطقة الصناعية تعرضت للقصف قبل عامين، ما أدى إلى بتر قدميه ولم يعد قادراً على العمل.

يقول “بعد أن تعرضت للإعاقة وخسرت عملي، جلست في البيت عدة أشهر وخلال هذه الفترة وجدت في لعبة كلاش أوف كلانس وسيلةً لتمضية وقت الفراغ، ومع الوقت تعلّقت باللعبة وزادت خبرتي بها ووصلت لمراحل متقدمة فيها، وصرت أتشارك مع أصدقائي في اللعب بها فهي لعبة جماعية”.

وأضاف عبيد “في إحدى المرات وجدت شخصاً أعلن في منشورٍ له على الفيس بوك، عن رغبته في بيع قريته ضمن لعبة كلاش أوف كلانس، وكان هناك إقبال من بعض الأشخاص لشرائها، ومنذ ذلك الوقت خطرت ببالي فكرة بيع مستويات متقدمة من اللعبة، فهناك زبائن لها خاصةً من دول الخليج”.

تشكّل هذه الألعاب مصدر دخل، حيث تتفاوت أسعار اللعبة حسب مستوى تطورها، فالمراحل المتقدمة هي الأكثر رغبةً في الشراء، حيث تتراوح أسعار المرحلتين التاسعة والعاشرة بين حوالي 500-1000 دولار، بينما تصل أسعار المرحلة 11 ما بين 1200 حتى 1500 دولار، كونها مرحلة معقدة، وقد يستغرق الوصول إليها أكثر من عام.

هوس بعض مدمني اللعبة يدفعهم إلى الاستعجال في تخطي مراحلها الطوال، ويُمثل أولئك “الزبون” المناسب والقادر على دفع الثمن دون أدنى تفكير بأن ما يدفعون ثمنه هي لعبة في النهاية لن تقدم ولن تأخر.

رياض شعبان من سكان الأتارب بريف حلب يقول: “استغرب أن هناك أشخاصاً يدفعون مبالغاً تصل إلى 1000-1500 دولار من أجل لعبة، لكن ربما هذا ينطبق على ما يُقال (رزق الهبل ع المجانين)، فمن يمارسون اللعبة ومن يشتريها كلاهما يضيعان الوقت والمال، بدلاً من تسخير وقتهم في شيء مفيد وينفع المجتمع”.

كيف تصبح اللعبة مصدر ربح؟

يقول مهندس المعلوماتية يحيى حميدان “يمكن لأصحاب الخبرة تحقيق الربح عبر هذه الألعاب حتى المتواجدين في المناطق المحررة، فكل ما يحتاجه الشخص أن يمتلك هاتفاً محمول ويقوم بتحميل اللعبة عبر متجر التطبيقات المجاني، ومن ثم يقوم بإنشاء حساب خاص باللعبة، عندها يمكنه أن يبدأ باللعب، مع العلم أن اللعبة تحتاج أن يكون الهاتف موصولاً على الانترنت”.

وأضاف يحيى “حين يصل الشخص إلى مراحل متقدمة في بناء القرية، يمكنه عرضها للبيع، وحين يتفق مع زبون يُرسل له المبلغ المتفق عليه بحوّالة مالية، وفي المقابل يقوم صاحب اللعبة بإعطاء الزبون الحساب الخاص باللعبة مع كلمة السر لتصبح ملكاً له”.

ويمكن للشخص زيادة نسبة ربحه من خلال إنشاء عدة حسابات مختلفة للعبة، حتى يتمكن من بناء عدة قرى استراتيجية وتحصينها بآن معاً، ما يعني أنه يمكن خلال عدة أشهر أن يكسب حوالي 5 آلاف دولار في حال بنى أربع إلى خمس قرى بمراحل متقدمة.

ولكن أوضح المهندس يحيى أنه “يمكن أن يتعرض حساب الشخص الخاص باللعبة للسرقة عبر تهكيره، عندها لن يستطيع الدخول إلى حساب اللعبة مجدداً، وبالتالي يضيع تعب شهور طويلة، لذلك أنصح أن يضع صاحب اللعبة كلمة سر معقدة، وألا يقوم بتنزيل تطبيقات من مصادر غير معروفة لأنها قد تكون فيروس تهكير”.

إدمان عواقبه وخيمة

حصلت بعض ألعاب الموبايل على العديد من التحميلات، وحققت لعبة “ببجي” على سبيل المثال رواجاً كبيراً في العالم العربي، حيث أصبح العديد من جيل الشباب مهووساً بها، وتجاوز تحميل هذه اللعبة الـ 100 مليون نسخة بعد 4 أشهر فقط على إطلاقها، فيما يلعبها يومياً أكثر من 15 مليون مستخدماً.

وأشارت صحيفة “ذي غارديان” البريطانية في تحليلٍ نشرته، إلى أنّ اللعبة تشجع على القتل ولها آثار نفسية سيئة لكونها ترفع من معدلات التوتر لدى اللاعبين طوال فترة المعركة، مشيرةً الى أنّ عملية النهب التي يقوم بها اللاعبون وإثارة الرعب والفوضى في الشوارع ضمن العالم الافتراضي للعبة، قد تؤثر سلباً بشكل كبير عليهم في الواقع.

وأضافت الصحيفة أن من يدمن على الألعاب الإلكترونية يفقد القدرة على التركيز والانتباه والتحكم بانفعالاته، كما يؤثر في قدرته على التعاطف وسلوكه الأخلاقي ويقتل الإبداع لديه، ويؤثر على الصحة أيضاً من خلال اضطرابات النوم والنظام الغذائي، وضعف النظر، وتضرر العمود الفقري والرجلين والأصابع، والسمنة.

وأدمن الكثير من السوريين ألعاب الموبايل، بسبب قلة فرص العمل، وازدياد الشعور بالملل وتوفر الوقت لديهم، فوجدوا في تلك الألعاب متنفساً لهم، وقد يكون إدمان الألعاب بسبب مشاكل اجتماعية أو أسرية أو مادية يريدون أن يتناسوها، أو بسبب جوٍّ يفرضه الأصدقاء ولا ينتبهون إلى عواقبه.

وعن انتشار هذه الظاهرة وآثارها السلبية يقول الباحث الاجتماعي الدكتور محمود الحسن إن “أي سلوك تتوفر فيه ثلاث نقاط يتحول إلى عادة، ومع تكرار هذه العادة تتحول الى إدمان، وهذه النقاط هي المعرفة والمهارة والرغبة، ففي البداية يبدأ الشخص بمعرفة كيفية ممارسة اللعبة عبر الجلوس مع الأصدقاء الذين يعلّمونه طريقة اللعب، ومن ثم يمارسها عدة مرات عندها يصبح ماهراً بها، وبالتالي تتشكل لديه رغبة كبيرة في ممارستها دوماً”.

وأضاف الحسن أن “تكرار ممارسة أي لعبة لمرات عديدة، تحفز الدماغ على إفراز هرمون الدوبامين المسؤول عن السعادة، وبالتالي تتحول تلك العادة إلى ما يُعرف بالإدمان السلوكي، وهو لا يقل خطورةً عن إدمان التدخين والمخدرات”.

ويرى الحسن أن “إدمان ألعاب الموبايل له تأثيرات عديدة، حيث سينعزل الشخص عن المجتمع ويصبح شبه متوحد، ويفقد الكثير من علاقات التواصل مع أفراد المجتمع سواءً عائلته أو أصدقائه، وإذا كان طالباً سيُضيّع وقتاً طويلاً على اللعبة ما يؤدي الى تراجع مستواه الدراسي كثيراً، فضلاً عن احتمال وصوله إلى مرحلة الاكتئاب وربما قد تدفعه إلى الانتحار”.

وللتخلص من الإدمان على هذه الألعاب يقول الحسن “يجب أن يكون لدى الشخص رغبة في التخلص من إدمان هذه اللعبة من خلال إدراكه لأضرارها، ويكون ذلك عبر تخفيض عدد الساعات التي يقضيها على اللعبة بشكل تدريجي مقابل التعويض بعمل مفيد، وبالتالي يتحول ذلك الإدمان السلبي الى إدمان إيجابي، ووضع أهداف وتحقيق نجاحات مميزة”.

وفي السنوات الأخيرة انتشرت ألعاب حرب كثيرة، ومن ضمن الألعاب التي حصلت على الشهرة مؤخراً بشكل واسع لعبة “الباتل رويال ببجي”، والتي تسمح لمجموعة ضخمة من اللاعبين باللعب بشكل فردي أو مجموعات والقتال بين بعضهم، وأصبحت حالياً أشهر ألعاب الحرب وأكثرها اهتماماً بالواقعية.

وتبدأ اللعبة بمئة لاعب في طائرة حربية تحلّق فوق جزيرة كبيرة، حيث يمكن للاعب أن يختار مكان قفزه من الطائرة، بعد ذلك عليه جمع الأسلحة والإضافات الأخرى الموجودة في هذه الجزيرة لتساعده على النجاة، وكل اللاعبين المئة سيكونون صيادين وقتلة أو ضحايا في اللعبة، وعليك أن تكون الشخص الأخير الحي على الجزيرة بقتل جميع المحاربين كي تفوز.

في حين تقوم فكرة لعبة “كلاش أوف كلانس” التي لا تقل أهمية عن لعبة “الببجي”، على السماح للاعبيها بإنشاء عالمهم الخاص، حيث يقوم اللاعب بالمهمات العسكرية كتدريب الجنود ومهاجمة اللاعبين الآخرين، كما يستطيع بناء أنظمة الدفاع وأنظمة الهجوم، كما يمكن للاعبين استخدام خاصية الدردشة المحملة في اللعبة والتواصل أثناء اللعب، وكذلك استدعاء الدعم من أصدقائهم وأقربائهم.

هاني العبد الله