فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

مياه الصرف الصحي بالقرب من المنازل في قرية ميزناز بريف حلب الغربي

“الجور الفنية” في ميزناز تلوث مياه الشرب وتنشر الأوبئة في القرية

بعد المسافة وأجور النقل المرتفعة حالت دون قدرة الأهالي على تقديم العلاج المناسب لأطفالهم

يعتمد أهالي قرية ميزناز في ريف حلب الغربي على القرى المجاورة للحصول على مياه صالحة للشرب، بعد أن لوثت “الجور الفنية” المنتشرة في القرية والتي يسكنها ما يزيد عن 12 ألف شخص، إضافة إلى سكان المخيم المؤقت والذي أنشئ في القرية، ما سبب انتشاراً واسعاً لعدد من الأمراض والأوبئة، أهمها اللشمانيا والتهابات الأمعاء، ناهيك عن بعض الأمراض الجلدية المستعصية.

عيسى خلوف (واحد من سكان القرية) نقل لنا معاناة أهل القرية نتيجة انتشار “الجور الفنية”، إذ تعاني نسبة كبيرة، خاصة الأطفال، من انتشار مرض اللشمانيا أو “حبة السنة”، والتي تعيش ذبابة الرمل (المسبب الرئيسي اللشمانيا) في المستنقعات والأماكن الرطبة، والمنتشرة في ميزناز، ناهيك عن تلوث مياه الشرب، وهو ما دفع معظم الأهالي لشراء المياه عبر “صهاريج” من القرى المجاورة، بكلفة كبيرة، إضافة إلى غياب الرعاية الصحية بعد أن تحوّل المستوصف الوحيد في القرية إلى مكان خالٍ من الأطباء والأدوية، نظراً لتوقف الدعم.

المركز الصحي الوحيد في قرية ميزناز بعد توقف الدعم عنه
المركز الصحي الوحيد في قرية ميزناز بعد توقف الدعم عنه

وهو ما أكده أبو دياب (من سكان القرية) والذي تتسرب المياه الملوثة من الجور الفنية وتشكل بالقرب من منزله مستنقعاً للحشرات والقوارض، ما أدى إلى إصابة أطفاله بالأمراض الجلدية، يقول “شوفة عينك كل الولاد مصابين باللشمانيا”، ناهيك عن الروائح الكريهة والبعوض والذباب، خاصة خلال فصل الصيف، والذي يجعل الحياة في المنزل أمراً بالغ الصعوبة.

رئيس المجلس المحلي في ميزناز قال لفوكس حلب إن القرية تفتقر لوجود صرف صحي نظامي، وهو ما أدى إلى انتشار الجور الفنية في القرية، ونظراً لضعف الإمكانيات لم يتخذ المجلس إجراءات للحد من انتشارها بالرغم مما تسببه من أضرار صحية وبيئية.

وأضاف رئيس المجلس إن مناشدات كثيرة قدمت من قبل المجلس للمنظمات الإنسانية والمؤسسات المعنية، دون جدوى، حتى الآن.

وعن تلوث مياه الشرب قال رئيس المجلس إن المشكلة ليست وليدة السنوات الماضية، بل تعود إلى سنوات ما قبل الثورة، إذ لم تقم حكومة النظام سابقاً بأي إجراء لإنشاء صرف صحي في المدينة، وأغلقت مؤسسة المياه في حلب البئر الارتوازي الذي حفرته في القرية، بعد إجراء التحاليل التي أثبتت أن المياه غير صالحة للشرب نتيجة اختلاطها بمياه الصرف الصحي في القرية.

انتشار الجور الفنية في قرية ميزناز بريف حلب الغربي
انتشار الجور الفنية في قرية ميزناز بريف حلب الغربي

عيسى خلوف قال إن مياه الصرف الصحي لوثت حتى “الجباب = غرفة صناعية لتخزين المياه تحفر في الأرض بعمق 3-5 أمتار”، وهو ما زاد “الطين بلّة” فحتى المياه التي يقوم الأهالي بشرائها تكون عرضة للتلوث والأمراض والأوبئة.

ويختلف سعر صهريج الماء في القرية بحسب المسافة وأسعار الوقود، إلّا أن متوسط سعره يصل حتى (5000 ليرة) وهو ما يضاعف من الأعباء المالية لأهالي القرية في ظل الظروف الاقتصادية السيئة وغياب فرص العمل.

طلال سليمان يوسف (ممرض في المركز الطبي بميزناز) قال إن المركز لا يقدم الآن سوى بعض الخدمات الأساسية كالضماد ومعالجة الجروح البسيطة، بعد أن توقف الدعم عنه، واقتصر عدد المراجعين فيه على شخص أو شخصين يومياً، بعد كان يخدم وسطياً 3200 مراجعاً عند تأسيسه منذ ثلاث سنوات، والذي كان يضم ثلاثة أقسام (داخلية وأطفال ونسائية)، وكوادر طبية مختصة من أطباء وممرضين وقابلات، تركوا المركز بعد توقف الدعم، ناهيك عن افتقاره للأدوية.

المركز الصحي الوحيد في قرية ميزناز بعد توقف الدعم عنه
المركز الصحي الوحيد في قرية ميزناز بعد توقف الدعم عنه

وأكمل اليوسف إن حالات كثيرة تراجع المركز نتيجة انتشار الأمراض والأوبئة من المياه الملوثة والجور الفنية يتم تحويلها إلى مناطق أخرى، يقول إن أقرب مشفى عن ميزناز هو مشفى “تفتناز” وتزيد المسافة للوصول إليه عن 15 كم.

بعد المسافة وأجور النقل المرتفعة حالت دون قدرة الأهالي على تقديم العلاج المناسب لأطفالهم، يقول اليوسف “إن الفقر والإهمال وبعد المشافي ساهم في تفاقم العديد من الحالات المرضية”.

أحمد جمعة العثمان (من قرية ميزناز) يقول إنه دفع (25ألف ليرة) كأجور مواصلات، في أربعة أيام، للوصول إلى طفله الذي اضطر إلى وضعه في مشفى تفتناز، بينما قال أبو صطيف إنه لا يراجع المراكز الطبية سوى في الحالات الحرجة والاضطرارية، فكلفة الوصول تزيد عن “كشفية الطبيب”، مؤكداً أن عيادات متنقلة تزور القرية (مرة أو مرتين) في الشهر، لخدمة المواطنين، إلّا أن هذا الأمر لا يلبي احتياجات سكان القرية التي تضاعف سكانها في الآونة الأخيرة، من الوافدين إليها.