فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

مرضى السرطان بالآلاف.. وعجز طبي مع غياب للأدوية في الشمال السوري

لا تُوجد إحصائيات دقيقة لعدد مرضى السرطان في مديريات الصحة في المناطق المحررة، كما لا يوجد أي مركز متخصص بعلاجها، وتكتفي المديريات والمشافي بتحويل المرضى بعد تشخيص المرض (من خلال أطباء بدون أجهزة) إلى خارج المنطقة (تركيا –مناطق النظام).

وبحسب وزارة الصحة (2017) في نظام الأسد، فإن 3% من سكان سوريا مصابون بأورام سرطانية، أي ما يعادل (800000) مريض، يتصدّر هذه الأرقام المرضى المصابين بسرطان الدم (200 ألف مريض) وسرطان الثدي (40 ألف مريض)، وتؤكد الوزارة أن هناك 17000 مريض سرطاني جديد في سوريا، أي بمعدل 60 حالة يومياً. إلّا أن تقارير من مشافي النظام توضح أن 110-120 حالة يومياً تُسجل في المراكز السرطانية، 16% منها لأطفال مصابين.

وبإجراء حسابي بسيط في الشمال السوري، فهناك أكثر من 150 ألف مريض سرطاني يجدون أنفسهم أمام خيار الذهاب إلى مناطق النظام أو تركيا، وفي الغالب ينتظرون انتهاء حياتهم بدون دواء أو علاج.
ويتصدر مرض السرطان قائمة الأمراض الأكثر تسبباً في الوفاة بسوريا، إذ أن 50.92% من الوفيات ناتجة عن الأورام الخبيثة، بحسب تقرير وزارة صحة النظام 2017، في الوقت الذي كانت النسبة فيه لا تتجاوز 5% قبل عام 2011.

 

تُحاول أم محمد (50 عاماً) من مدينة الأتارب في ريف حلب الغربي (مصابة بسرطان الدم) تأمين المبلغ اللازم لإجراء التحاليل المطلوبة منها، بعد علاجها بالجرعات الكيميائية في مدينة حلب (التي تسيطر عليها قوات النظام)، تقول: “ما بعرف إذا بقدر حلل هالمرة، كان لازم أعمل التحاليل بعد الجرعة بس ما في بالحال شي”.

تحتاج أم محمد لما يعادل (100دولار) لإجراء التحاليل بعد كل جرعة كيماوية تتلقاها في مناطق النظام، فالمشفى لا يُقدّم هذه التحاليل، إضافة إلى أجور النقل المُكلفة والمصاريف الأخرى التي تحتاجها شهرياً للوصول من الأتارب، حيث تقيم، إلى حلب.

بينما تحتاج إيمان (35) عاماً مصابة بسرطان الثدي في مدينة الباب إلى (250 دولاراً) عن كل جرعة كيماوية تتلقاها، بعد إجرائها لعملية جراحية لاستئصال الورم.

وينتظر أبو أحمد دوره في الدخول إلى تركيا للعلاج في مكاتب الدور في معبر باب الهوى، وعليه الانتظار، بحسب قوله، إلى 85 أسبوعاً للدخول، في حال سارت الأمور بشكل سليم، بعد أن حدّد الجانب التركي عدد الداخلين يومياً للعلاج بـ 20 مريضاً، تتضمن كافة الأمراض، حصة الأمراض السرطانية منها 30 مريضاً أسبوعياً، مع وجود أكثر من 2000 مريض ينتظرون دورهم في المعابر.

مشفى الهدى في قرية حور بريف حلب -تموز 2018
مشفى الهدى في قرية حور بريف حلب -تموز 2018

مرضى السرطان بالأرقام

لا تُوجد إحصائيات دقيقة لعدد مرضى السرطان في مديريات الصحة في المناطق المحررة، كما لا يوجد أي مركز متخصص بعلاجها، وتكتفي المديريات والمشافي بتحويل المرضى بعد تشخيص المرض (من خلال أطباء بدون أجهزة) إلى خارج المنطقة (تركيا –مناطق النظام).

وبحسب وزارة الصحة (2017) في نظام الأسد، فإن 3% من سكان سوريا مصابون بأورام سرطانية، أي ما يعادل (800000) مريض، يتصدّر هذه الأرقام المرضى المصابين بسرطان الدم (200 ألف مريض) وسرطان الثدي (40 ألف مريض)، وتؤكد الوزارة أن هناك 17000 مريض سرطاني جديد في سوريا، أي بمعدل 60 حالة يومياً. إلّا أن تقارير من مشافي النظام توضح أن 110-120 حالة يومياً تُسجل في المراكز السرطانية، 16% منها لأطفال مصابين.

وبإجراء حسابي بسيط في الشمال السوري، فهناك أكثر من 150 ألف مريض سرطاني يجدون أنفسهم أمام خيار الذهاب إلى مناطق النظام أو تركيا، وفي الغالب ينتظرون انتهاء حياتهم بدون دواء أو علاج.
ويتصدر مرض السرطان قائمة الأمراض الأكثر تسبباً في الوفاة بسوريا، إذ أن 50.92% من الوفيات ناتجة عن الأورام الخبيثة، بحسب تقرير وزارة صحة النظام 2017، في الوقت الذي كانت النسبة فيه لا تتجاوز 5% قبل عام 2011.

وتُوضح إحصائية قام بها مركز فيريل للدراسات في برلين للأرقام السرطانية في سوريا وباقي الدول والنسب التي حددتها منظمة لصحة العالمية وفق الجدول التالي:

يُوضح الجدول حجم الكارثة الإنسانية في سوريا، وازدياد عدد الإصابات بنسبة 112% مع تراجع نسب الشفاء، وزيادة عدد الوفيات بما يتجاوز النصف، على الرغم من أن هذه الإحصائيات أُجريت في مناطق نظام الأسد حيث تتوفّر مراكز العلاج والأدوية بشكل نسبي! فكيف هو الحال في مناطق المعارضة؟

أسباب زيادة الأورام السرطانية

السرطان هو نمو الخلايا وانتشارها بشكل لا يُمكن التحكّم فيه. وبإمكان هذا المرض إصابة كل أعضاء الجسم تقريباً. وغالباً ما تغزو الخلايا المتنامية النُسج التي تحيط بها، ويمكنها أن تتسبّب في نقائل تظهر في مواضع أخرى بعيدة عن الموضع المصاب. ويمكن الوقاية من السرطان بتجنّب التعرّض لعوامل الاختطار الشائعة، مثل دخان التبغ. كما يُمكن علاج نسبة كبيرة من السرطانات عن طريق الجراحة أو المعالجة الإشعاعية أو المعالجة الكيميائية، خصوصاً إذا تم الكشف عنها في مراحل مبكّرة.

يُجمل الأطباء الذين التقيناهم والتقارير الصادرة عن منظمة الصحة العالمية ومراكز الدراسات أسباب زيادة الأمراض السرطانية في سوريا إلى:

انتشار بعض الأمراض التي تعتبر مقدمة لحدوث الأورام إن بقيت دون علاج كالتهابات الكبد والأمراض الجنسية وأمراض الكلية، إضافة إلى نوعية الغذاء (فقد أثبتت الدراسات وجود أغذية منتهية الصلاحية وتحمل مواد مسرطنه في المناطق المحررة، وتم الكشف عن بعض هذه الشحنات وإتلافها في معبر باب الهوى وباب السلامة بعد تحليلها مخبرياً خاصة الفروج المجمد وبعض المعلبات)، يقول الطبيب معن رفض ذكر كنيته “إن حصر هذه الأغذية أمر مستحيل، فمعظمها يأتي عن طريق التهريب، وبعضها يأتي من مناطق النظام وتُستبدل تواريخ صلاحيتها، ولا تقوم الجهات المختصة بالكشف عنها أو تحليلها، ومنها ما يأتي عن طريق ري المزروعات بمياه الصرف الصحي”.

مشفى الهدى في قرية حور النهر بريف حلب -تموز 2018
مشفى الهدى في قرية حور النهر بريف حلب -تموز 2018

كما أدى تعطل عدد كبير من المشافي وتراجع الكوادر الطبية الأخصائية إلى تفاقم هذه الحالات السرطانية التي بقيت دون علاج، ولا يتم الكشف عنها إلّا في مراحل متأخرة من المرض لعدم إجراء الفحوص الدورية.

وتعتبر الحرب التي تشنها قوات النظام السبب الأهم لانتشار هذه الأورام، بما نتج عنها من تلوث في البيئة (الهواء والماء والأتربة) والدخان الناتج عن المعارك، واستخدام المواد المتفجرة المسرطنة والأسلحة الكيماوية وما تخلفه الأسلحة من مواد سامة ومؤكسدة، وانتشار الجثث وتفسخها ومكبات القمامة وتلوث مياه الشرب واختلاطها بالصرف الصحي وانقطاع الكهرباء واستخدام المولدات، بالإضافة إلى حراقات النفط الخام والوقود المستخدم للسيارات والتدفئة وما ينتج عنه من مواد سامه نتيجة الاحتراق والتكرير البدائي.

يقول الطبيب معن “غالباً ما تنشأ في الحروب سرطانات جديدة متعلقة بمخلفات الحرب أهمها الدرق والدم والجلد، وتظهر أعراضها في فترات لاحقة، ويجب أن تجري منظمات الصحة مسحاً طبياً على هذه الحالات في المناطق المحررة، لتجنب ازدياد كبير في الأورام المتفاقمة قبل انتشارها”.

الشمال السوري (بدون أطباء ومراكز متخصصة ومخابر مجهزة وأدوية)

قالت منظمة اليونيسيف أن 50% من الأطباء السوريين قد غادروا البلاد، ناهيك عن الأطباء الذين اختاروا البقاء في مناطق النظام (وهم النسبة الأكبر)، أو أولئك الذين تعرضوا للقتل أو الاعتقال أو الاختطاف، وتكاد تخلو مناطق الشمال السوري (المعارضة) من الأطباء الأخصائيين وخاصة في أمراض الدم والأورام السرطانية، إذ لا يتجاوز عددهم خمسة أطباء بحسب الدكتور (معن).
وتشير الإحصائيات إلى أن 61% من المشافي والمراكز الصحية السورية دُمرت جزئياً أو كليا، وخرج عن الخدمة 59 مشفى كبيراً، 378 مركزاً صحياً، بحسب دراسة مركز فيريل التي أظهرت أيضاً أن 86.7% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر ولا يتحملون نفقات العلاج، في الوقت الذي ارتفعت فيه تكاليف المعيشة إلى 1155%.

الأمر الذي أكدته منظمة الصحة العالمية في تقريرها السنوي عام 2017، بأن هناك 11 مليون سوري يحتاجون للرعاية الصحية في سوريا.

مشفى اعزاز شمال حلب -تموز 2018
مشفى اعزاز شمال حلب -تموز 2018

ويقتصر دور مديريات الصحة والمراكز والمشافي الموجودة في الشمال السوري، على متابعة المرضى في المشافي المتوفرة بالتعاون مع بعض الجمعيات الخيرية التي تسعى لتأمين الأدوية لبعض المرضى، وتحويل باقي الحالات إلى خارج المنطقة المحررة. كما يُوجد مخبَري تشريح مرضيّ لتحليل “الخزع الورمية” واحد منها مجاني في مشفى باب الهوى إذ ترسل العينات إلى مشفى أنطاكيا التركي لتعود بالنتيجة بعد عشرة أيام، والآخر في بلدة الغدفة (7كم عن معرة النعمان في ريف إدلب) ويتقاضى مبلغ (20دولاراً) عن كل تحليل.

كما يوجد في معرة النعمان وسلقين جهازي (مامو غرافيك) للكشف عن سرطان الثدي، يتقاضى أصحابهما مبلغ (18دولاراً) عن كل صورة. في الوقت الذي تصل قيمة الصورة في مناطق النظام إلى (50دولاراً).

فيما عدا ذلك لا تُقدم مديريات الصحة أي شكل من أشكال العلاج سوى بعض التداخلات الجراحية لاستئصال الأورام، يقول الطبيب (أحمد حسن) “لا تتوفر في المناطق المحررة الأجهزة الشعاعية والكيماوية، ولا يتوفر أطباء مختصون ولا تتوفر الأدوية”. ويصف الواقع الصحي لمرضى السرطان بـ “الكارثة الإنسانية”، فقد زاد عدد مرضى السرطان في الآونة الأخيرة بنسبة تفوق 10% عن سابقتها في الأعوام الماضية، وخاصة سرطان الثدي عند النساء وسرطان الرئة والقولون والدم والمعدة عند الرجال.

من جهته قال الصيدلي محمد اليوسف “إن كثيراً من الأدوية السرطانية باهظة الثمن في الصيدليات مزورة! فليس هناك مخابر تحليل للكشف عنها، كما أن بعضها منخفض الفعالية نتيجة سوء الحفظ فمعظمها يحتاج إلى حافظات للتبريد بدرجات معينة، الأمر الذي تفتقر له معظم صيدليات المنطقة.

مريض سرطان من الغوطة الشرقية -المصدر مواقع التواصل الاجتماعي
مريض سرطان من الغوطة الشرقية -المصدر مواقع التواصل الاجتماعي

وتتكلف الجرعة الكيميائية الواحدة لسرطان الثدي على سبيل المثال (250دولاراً). ويحتاج المريض إلى جلسة واحدة قبل استئصال الورم وإلى (10-30) جلسة بعد استئصاله، كما يحتاج المريض إلى أدوية خاصة يزيد ثمنها عن (100دولار شهرياً) لمدة خمس سنوات تجنّباً لعودة الورم. وعليه فإن مريضة سرطان الثدي تحتاج بالحد الأدنى إلى (8750 دولاراً) في الوقت الذي يبلغ فيه متوسط دخل الفرد في سوريا (150دولاراً) !! وتزيد هذه الأرقام في أورام كأخرى كسرطان نقي العظم والرئة.

ويقول الطبيب الحسن “إن العلاج الكيماوي غير مجدٍ وغالباً ما يعود الورم للانتشار في مناطق أخرى من الجسم وبصورة أعنف، ويتطلب هذا الأمر قدرة كبيرة من طبيب الجراحة لاستئصال كافة الخلايا السرطانية وتجريفها تماماً في ظل غياب العلاج الشعاعي -الأكثر نجاعة وقدرة على الشفاء- والذي يغيب عن المناطق المحررة لارتفاع ثمنه وتكاليفه الباهظة، كما يغيب حتى عن مدينة حلب في مناطق النظام”.

الجمعيات الخيرية تغطي جزء من نفقات العلاج

تنشط في الشمال السوري (جمعية الغد الخيرية) التي تتكفل بنفقات علاج 50 مريضاً من أدوية وجرعات ومسكنات، وجمعية (الأمل لمكافحة السرطان) والتي تنتشر فروعها في تركيا والشمال السوري، وتقدّم خدمات مجانية من تسهيل العبور إلى تركيا وتوفير المترجمين والسكن للمرضى في تركيا وبعض الأدوية، إذ قامت منذ إنشائها وحتى عام 2017 بتقديم الخدمات لـ 4700 مريضاً بمعدل (60حالة يومياً).

أطفال مصابون بالسرطان في جمعية الأمل -المصدر صدى الشام
أطفال مصابون بالسرطان في جمعية الأمل -المصدر صدى الشام

إلى تركيا

ينحصر دور المكتب الطبي في إدلب وريف حلب الغربي على تحويل المريض إلى تركيا بعد استكمال الأوراق اللازمة، وتحليل “الخزعة في المشافي التركية”، قبل تحويله لتبدأ معاناة آلاف المرضى في انتظار دورهم الطويل الذي يتجاوز السنة لدخولهم، ويتكفل الأطباء الأتراك في المعبر بقبول أو إرجاع أي حالة، بحسب رؤيتهم وتفريقهم بين الحالات الساخنة والباردة، ويَعدّ الأطباء السرطان من الحالات الباردة.

يقول سعيد الزين (مريض سرطان منذ سبه سنوات) “سابقاً كانت الأمور أبسط، كان مكتب الدور يُحولنا إلى المشافي التركية، ولم يكن الأطباء الأتراك في المعبر يرفضون الحالات السرطانية التي كان لها أولوية الدخول وبأعداد كبيرة تجاوزت في كثير من الأحيان 100 حالة يومياً، أما اليوم ومع تخفيض العدد في منتصف 2017، وحصره بخمس حالات يومياً، بات على المريض الانتظار لأشهر حتى يستطيع الدخول”.

الزين ممن حالفهم الحظ بالدخول إلّا أن أشياء كثيرة تغيرت عن سابقتها، فهو يقف عاجزاً في كل مرة بين العودة والبقاء “إذا رجعت ما عاد فيني أدخل بالوقت المحدد، وما عندي قدرة على العيش في تركيا”.

وتزدحم المشافي التركية بمرضى السرطان على حد قول أم محمد، فقد احتاجت لأربعة أشهر للحصول على بطاقة الكيملك، التي لا يستطيع السوريون العلاج في المشافي دون الحصول عليها، وغالباً ما يحتاج السوري لـ “أكثر من سنة للحصول على الكيملك في بعض الولايات التركية”، ولا يحق لهم الحصول على البطاقة في حال خرجوا من الأراضي التركية!

سعاد الحديدي واحدة من اللواتي التقيناهن في تركيا تخضع للعلاج الشعاعي بعد عملية تجريف من سرطان الثدي قالت “إنها تدفع 750دولاراً شهرياً للبقاء في تركيا للعلاج (إيجار منزل ومواصلات وطعام)، إذ عليها أن تتعرض يومياً (للجهاز الشعاعي لمدة دقيقة ونصف)، ريثما تنتهي جلسات العلاج.

بينما ينتظر أبو أحمد دوره “الذي لن يأتي حتى أموت” على حد قوله، وهو لن يستطيع الذهاب إلى مناطق النظام للعلاج “فثلاثة من أبنائه يقاتلون في صفوف المعارضة”.

مشفى الهدى في قرية حور غرب حلب -تموز 2018
مشفى الهدى في قرية حور غرب حلب -تموز 2018

في الريف الشمالي والشرقي من مدينة حلب يختلف الحال عما هو عليه في الريف الغربي وإدلب، إذ لم يعد الأمر منوطاً بالأطباء السوريين، وعينت الحكومة التركية أحد الأطباء الأتراك لتقدير دخول الحالات إليها في مشفى الحكمة في مدينة الباب.

مراسل فوكس حلب حاول الوصول إلى الطبيب الذي لم يكن موجوداً لأكثر من مرّة، بحسب المترجم المعين من قبل الطبيب، وعند استفسار المراسل عن الحالات التي يقوم الطبيب بتحويلها، وعرض عليه السؤال حول الأورام السرطانية أجابه المترجم “لا تعذب حالك، في الغالب لا يقبل الطبيب بدخول هذه الحالات الباردة!”.
النظام طريق وحيد أمام مرضى السرطان

هناك أربعة مراكز مختصة في مناطق النظام بعلاج مرضى السرطان بعد أن خرج مشفيا البيروني (دمشق) والكندي (حلب) عن الخدمة:

مشفى المواساة في دمشق، ومركز المعالجة الشعاعية والكيميائية للأورام في مشفى تشرين باللاذقية، إضافة إلى قسمين للأورام في مشفى جامعة حلب وابن رشد بإمكانيات قليلة وبلا أجهزة شعاعية.

تتبعنا رحلة (أم محمد) من مدينة الأتارب للحصول على الجرعة الكيماوية والتي روت لنا، تحتاج الرحلة من الأتارب إلى حلب النظام أكثر من عشر ساعات ناهيك عن الحواجز المنتشرة وبكلفة 45 دولاراً ذهاباً ومثلها في الإياب، ما عدا الإتاوات التي تفرضها الحواجز الأمنية.

عند الوصول إلى المشفى إن حالفك الحظ فستجد الأدوية متوفرة، وإلّا عليك أن تدفع 180 دولاراً ثمناً للجرعة، وعليك المبيت في حلب لأربعة أيام على الأقل لتطبيق الجرعة والعلاج، وأجرة اليوم في الفندق تتجاوز 25 دولاراً و10دولارات على الأقل ثمن الطعام.

لا تتوافر التحاليل في مشفى ابن رشد وتحتاج إلى مبلغ 100 دولار مع كل جرعة ثمناً للتحاليل اللازمة، ومثلها بعد الجرعة إن أردت الاطمئنان على آلية العلاج، أما الصورة فيزيد ثمنها عن 50 دولاراً، وتبلغ كلفة كل جلسة شعاعية في المشافي الخاصة (لا وجود لها في مشافي حلب العامة) بين (50-100) دولاراً حسب الحاجة.

في كل مرة تذهب أم محمد لتلقي العلاج عليها أن تدفع ما يعادل (660دولاراً عند عدم وجود الجرعة و480 دولاراً في حال توفرها)، بالإضافة إلى مشاقّ السفر والطريق وإذلال الحواجز الأمنية وازدحام المشافي، إلّا أنها تفضل ذلك عن الذهاب إلى تركيا فالأمر “سيكلفها أضعاف المبلغ ولا يسمح لها بمرافق يعينها، وليس لها مكان تبيت فيه إضافة إلى صعوبات اللغة”.

يلجأ العديد من المرضى للأدوية العشبية التي باتت حلاً وحيداً (غير ناجع) لعلاج الأورام في المناطق المحررة، ما يجعلهم عرضة لعميات نصب من مدّعين يمتهنون بيع الأعشاب الطبية والخلطات المجهولة، ويدفعون لقاءها ثمناً باهظاً، في الوقت الذي يعتمد آخرون منهم على المسكنات ريثما “يحين الأجل” في ظل عجز منظمة الصحة العالمية والمنظمات الإنسانية ومديريات الصحة عن تقديم أي حلول لهم.