فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

المشاتل الصغيرة سبل للعيش ومساندة للفلاحين

الكلفة المادية القليلة للمشروع والخبرة الزراعية لأبناء المنطقة التي تعتمد على الزراعة في عملها،  دفعت أبو غسان النازح من ريف حماه الشمالي إلى التفكير بمشروعه، كما أدت إلى انتشار المشاتل وزيادة العاملين فيها في مختلف أرياف محافظة إدلب، وتحوّل عدد ليس بقليل من بيوتات المنطقة لإنشاء مشاتل صغيرة في ساحات المنازل، إذ يحصل أصحابها على الغراس والبراعم بشكل مجاني من الأراضي المجاورة، وعلى الأسمدة الطبيعية (روث الحيوانات من الأبقار والأغنام) مجاناً في الغالب من قبل مربي الثروة الحيوانية، بينما يدفع أصحاب المشاتل ثمن الأكياس، زهيدة الثمن، والماء اللازم للسقاية، والكثير من التعب والجهد.

يتفقد أبو غسان غراس مشتله الصغير الذي أنشأه في قرية الشيخ مصطفى بريف إدلب الجنوبي التي نزح إليها، يُقلب التربة ويعتني بالشتلات الصغيرة، يغمر الجديدة منها بالماء، بينما يروى الغراس الأكبر سناً وفقاً لحاجتها، كما يقوم بتعشيبها وتسميدها والتأكد من سلامة الأكياس التي اعتمدها لزراعة غراسه.

في واجهة مشروعه الصغير يضع غراس التين والعنب بـ “عمر السنة” ليبيعها للمزارعين الذين يقصدون مشتله للحصول عليها مع اقتراب موسم زراعتها في شباط القادم، بحسب أبو غسان الذي قال إنه يحصل على “الغراس الوليدة” وهي براعم يأخذها من الأراضي الزراعية في المنطقة خلال عمليات تقليم الأشجار، ويعمل مع زوجته وأطفاله الستة على إعادة زراعتها في أكياس من النايلون الأسود المخصص، بعد أن يملأها بالتراب وخلطها بالأسمدة الطبيعية الحيوانية بنسبة الربع، وغمرها بالماء في المرحلة الأولى.

تبدو المهمة سهلة، إلّا أن أبا غسان يخبرنا عن ضرورة توفر الخبرة اللازمة لزراعة الشتلات، من اختيار البراعم المزروعة والتربة الصالحة وطول الشتلة وطريقة ريّها وعدد “العقل” فيها، ناهيك عن مواسم زراعتها التي تختلف بين شجرة وأخرى.

مشتل أبو غسان في ساحة منزله بريف إدلب
مشتل أبو غسان في ساحة منزله بريف إدلب

الكلفة المادية القليلة للمشروع والخبرة الزراعية لأبناء المنطقة التي تعتمد على الزراعة في عملها،  دفعت أبو غسان النازح من ريف حماه الشمالي إلى التفكير بمشروعه، كما أدت إلى انتشار المشاتل وزيادة العاملين فيها في مختلف أرياف محافظة إدلب، وتحوّل عدد ليس بقليل من بيوتات المنطقة لإنشاء مشاتل صغيرة في ساحات المنازل، إذ يحصل أصحابها على الغراس والبراعم بشكل مجاني من الأراضي المجاورة، وعلى الأسمدة الطبيعية (روث الحيوانات من الأبقار والأغنام) مجاناً في الغالب من قبل مربي الثروة الحيوانية، بينما يدفع أصحاب المشاتل ثمن الأكياس، زهيدة الثمن، والماء اللازم للسقاية، والكثير من التعب والجهد.

التربة الحمراء الصالحة لزراعة الغراس في المشاتل
التربة الحمراء الصالحة لزراعة الغراس في المشاتل

وعن آلية عمل المشاتل يقول المهندس الزراعي معاذ الخطيب لفوكس حلب إن موسم زراعة الغراس في الأكياس يختلف بحسب نوع الغرسة ومواسم تقليمها، فالتين يزرع في شهر شباط أما العنب ففي آذار يليه الزيتون والفستق والرمان، وهو أمر يتطلب الخبرة خاصة في اختيار “العضّ المناسب” وكيفية غرسه، مفرّقاً بين طعمي التين والعنب والذي يقص من إحدى العقد بمقص التقليم الخاص، ويجب أن لا يقل طوله عن 25 سم ولا يزيد عن 40 سم، أما الزيتون فيزرع بطريقتين إحداهما “العقل” والأخرى وهي الأكثر رواجاً في المنطقة، بأخذ قطعة من قاعدة شجرة مسنة تكون بحجم قبضة اليد أو تصغرها قليلاً، ويتم غرسها بشكل كامل في التراب وسقايتها بحسب الظروف المناخية والتي تختلف بين أشهر السنة، ومن ثم وبعد عدة شهور تبدأ غرسة الزيتون الجديدة بشق طريقها في التربة لتخرج براعمها فوق التراب.

تباع الغراس في المشاتل، بحسب نوعها، يقول الخطيب، فالعنب والتين والكرز واللوز تباع بعمر السنة، أما الزيتون فلا تباع غراسه قبل عمر السنتين، ويتفاوت سعرها بحسب النوع والجودة، يقول أبو أحمد (مزارع من قرية معرة حرمه) إن المزارعين يعرفون الغرسة الجيدة من عدد براعمها وقوتها واستقامتها، إذ يتجنب معظمهم الغراس المائلة التي تتطلب جهداً مضاعفاً في العمل مستقبلاً بعد زراعتها في الأرض.

يقدر ثمن غرسة التين في المنطقة وسطياً بـ 500 ليرة، بينما تباع غرسة العنب بما يقارب 800 ليرة، والزيتون بـ 1000 ليرة، وهو ثمن قليل مقارنة بالظروف المعيشية القاسية لأهالي المنطقة، يقول أبو غسان إن مشتله لا يؤمن له دخلاً مناسباً، خاصة في سنوات الجفاف التي يضطر فيها لشراء الماء من المناهل، إذ يصل سعر صهريج الماء إلى 4000 ليرة، وهو ما دفعه للتفكير بإدخال أنواع جديدة من الغراس إلى مشتله، كاللوز والرمان والفستق الحلبي، والتي تباع بأسعار أفضل، إذ يزيد ثمن غرسة الفستق الحلبي عن 1500 ليرة.

يكمل أبو غسان عمله وهو يخاطبنا مشيراً بيده إلى مشروعه “سنزرع هنا وأينما حللنا”.

سناء العلي