فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

صورة تعبيرية

دروس ضائعة لمعارك فككت الحاضنة الشعبية

  لم تكن نتائج معركة فك الحصار عن حلب، والتي يصادف تاريخها هذه الأيام مع نهاية تشرين الأول من عام 2016، سوى انكسار جديد للثورة، بعد أن فتحت الباب أمام […]

 

لم تكن نتائج معركة فك الحصار عن حلب، والتي يصادف تاريخها هذه الأيام مع نهاية تشرين الأول من عام 2016، سوى انكسار جديد للثورة، بعد أن فتحت الباب أمام “تهجير قسري”، لسلسلة من المناطق “فرطت كحبات المسبحة”، واحدة تلو أخرى، وذلك لأسباب كثيرة، كان أهمها الفشل الذريع الذي منيت به تلك الحملة، إضافة إلى ما سبقها من فشل طال الحملة التي سميت بـ “ملحمة حلب الكبرى”، في تموز من العام نفسه، إضافة إلى تصاعد حدة الخلافات والاتهامات بين الفصائل، وإلقاء كل فصيل المسؤولية على غيره، متهماً إياه تارة بالخيانة وأحياناً بالبيع، وفي أضعف الأحوال، بـ “التقاعس”، لتبدأ مراحل جديدة واتهامات أخرى بالظهور، كـ “الضفدعة” والتواطؤ تحت اسم “المصالحات”.

شكّلت “الملاحم” التي فشلت في فك الحصار عن مدينة حلب، نقطة تحوّل، في مسار الثورة السورية، بكاملها، إذ أظهرت من جهة، نجاعة الأسلوب الذي اتبعته قوات الأسد وحلفاؤها من الميليشيات الإيرانية والعراقية واللبنانية وبدعم روسي، بالحصار الخانق وسياسة الأرض المحروقة، وتدمير البنى التحتية، ومن ثم السماح بتدويل القصة لعرض مصالحات، اختلفت شروطها في كل منطقة عن سابقتها، متخذة من سلاح المدنيين وتجويعهم وضغط الحاضنة الشعبية الوسيلة الأجدى للسيطرة على هذه المناطق، دون معارك في الغالب، أو بمعارك شكلية، وبشروط تسمح بخروج من يريد نحو الشمال السوري، مع وسائل تطمأن من يريد البقاء، لم يلتزم بها نظام الأسد غالباً، فيما يدعى بـ “تسوية الأوضاع” و “العودة إلى حضن الوطن”، مع تخلي الجميع عن أسلحتهم الثقيلة، وربما عن حقهم بالعودة، نظراً للقوانين التي يصدرها نظام الأسد في كل وقت، والتي تخص السيطرة على الأملاك والبيوت والأراضي التي يصف أصحابها بـ “الإرهابيين”، وبطريقة شرعية عبر مراسيم جمهورية.

ومن جهة أخرى، عمقت حالة الخلاف الفصائلي، فيما بينها، ومع الحاضنة الشعبية التي حُمّلت العبء الأكبر في هذه المصالحات، دون دراية منها، فهي أي الحاضنة الشعبية لم تشارك في عمليات الصلح، وكان قرارها موافقاً لما أقرته الفصائل العسكرية، التي اختار بعضها الخروج إلى الشمال السوري، في حين تواصل جزء من هذه الفصائل مع قوات الأسد، ليكونوا ضمن نسيج قواته، لأسباب غير مفهومة، وإن ردّها البعض إلى تواصلات قديمة مع النظام، ولكن هذا الرأي يبتعد عن الحقيقة، لما خاضته هذه الفصائل من المعارك، راح ضحيتها الكثير من القتلى والجرحى، إضافة إلى تعرضهم للقصف المتواصل.

البحث عن أسباب هذه “الظاهرة” إن صح التعبير، يحتاج إلى تعقب كل شخص على حدة، وأسبابه ودوافعه، وهو أمر شبه مستحيل، مع التركيز على بعض الحالات الفردية لقيادات ذات شأن، باتت اليوم في مناطق النظام لتشاركه عملياته العسكرية، فيما أظهرته بعض مقاطع الفيديو التي انتشرت عبر وسائل الإعلام الموالية.

المناطق التي انطلقت منها معركة فك الحصار تشهد ومنذ ساعات الظهيرة اقتتالا على المحور الغربي من حلب بين هيئة تحرير الشام والجبهة الوطنية، في مشهد تكرر لعشرات المرات خلال الأشهر الماضية، لاقتتال بين الهيئة والفصائل بمسمياتها المختلفة، سنحصد نتائجه لاحقاً، دون أن نتعلم من الدروس، والأغلب ستكون مشابهة لما آلت إليه “الملاحم” السابقة، والتي أدت إلى خسارة معظم المناطق التي سيطر الثوار عليها خلال سنوات الثورة، ومحاصرتهم في إدلب وريفي حلب الشمالي والغربي، ليبقى الحديث عن ما يزيد عن خمسة ملايين مدني في هذه المناطق، شمّاعة جديدة لأي حلول قادمة.