فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

تفجير السويداء…”شدة إدن؟”

فريق التحرير

تفجير السويداء…”شدة إدن؟”

“أهاتف عائلتي غير مصدق، أشتم خطوط الاتصال وكابلات الإنترنت التي أبت أن تمنحني اتصالاً صافٍ من تشويش، لكن ضوضاء الغرفة التي حادثتني منها عائلتي أكدت لي ما كنت أخشى تصديقه… نحيب وبكاء وكلام موجع ينعي فقدان صديقي أحد ضحايا هجوم داعش على السويداء”، يقول عمرو. ه (31 عاماً).

حي المسلخ ودوار النجمة سوق الخضرة وقرب ساحة المشنقة، تبدو أسماء أحياء مدينة السويداء ذات “الأقلية الدرزية” والتي انتقيت بعناية من قبل داعش ومن خلفها لإيصال رسالة دموية لخصت ثورة البلاد ومنهجية النظام في قمعها ومعاقبة كل من لف لفيفها، فكانت المناطق الأربعة مسرحاً لتفجيراتً متزامنة دقت ساعتها فجر25حزيران، لتباغت المدينة الساكنة، رافقها هجوم على القرى الشرقية في المدينة والتي خلفت ما يقارب 250 شهيداً وأكثر من 200 جريح وعدد من المفقودين المخطوفين من قبل التنظيم.

صوت عمرو بالكاد يُسمع، يقول: «عقب الهجوم، تزاحمت أفكار سوداء في رأسي كغربتي، ألاحق جديد الأخبار خائفاً من فقدان عزيز آخر»، حال عمرو كحال الكثير من السوريين ممن بات يتملكهم الخوف من معرفة جديد الخبر السوري.

قبيل استهداف المدينة وريفها بأيام، اجتمع الوفد الروسي مع مشايخ المدينة للتفاوض على سحب السلاح من أيدي المدنيين بعد اقتنائهم لها مؤخراً للاحتماء من هجوم محتمل من “جماعات إرهابية”، لكن الاجتماع أفضى إلى عدم اتفاق على أي من مطالب الروس فيما يخص تسليم السلاح أو شباب المدينة الرافضين للقتال إلى جانب صفوف النظام.

تساؤلات كثيرة عبر فيسبوك استنكر عبرها ناشطو المدينة الحادثة، ولم تخلو هذه التساؤلات من اتهام واضح للنظام المسيطر على مناطق الهجوم دون أن يحرك ساكناً!.. لماذا مدينة السويداء، ولم تزامن نقل النظام لداعش من مخيم اليرموك إلى البادية مع إصرار النظام منذ شهر على سحب السلاح من المدنيين؟ وهل اجتماع الروس مع مشايخ المدينة وعدم القبول بالعرض سبباً لما حصل؟

يتفق معظم أبناء المدينة على تحميل نظام الأسد مسؤولية ما حدث، فالسويداء اليوم تدفع ثمن مواقفها الرافضة للانضمام إلى “الجيش السوري” لقتل “السوريين” وعدم السماح لقوات النظام بتحويل المدينة إلى “سوق لبيع مسروقات التعفيش” التي سرقها الشبيحة من مناطق درعا مؤخراً، بعد المصالحات التي جرت في المنطقة، وقبلها مواقف سابقة للطائفة الدرزية في جرمانا قرب دمشق، كانت أن تحولت إحدى مناطقها إلى سوق لبيع مدخرات السوريين الفارين من منازلهم، فما كان من مشايخ المدينة إلا المطالبة بنقل السوق خارج البلدة، ومقاطعة كل من يقتني “بضاعة مسروقة”،  تقول لينا (طالبة من السويداء في تركيا).

وترى لينا أن علينا في البداية العودة إلى الأسباب التي أدت إلى المجزرة، فالصفقة التي أبرمها الروس ونظام الأسد مع داعش في مخيم اليرموك، والتي تم بموجبها نقل 1000 عنصر من التنظيم إلى بادية السويداء وما تسرب وقتها عن أن النظام رفض نقل “عناصر داعش” إلى مناطق دير الزور بناء على رغبتهم، كانت بداية التحضير لزج السويداء في الأحداث الجارية اليوم، وهو ما أكدته معظم “البطاقات الشخصية” التي وجدت لعناصر داعش الذين تم قتلهم أثناء الهجوم والتي توضح أن معظمهم كانوا من مخيم اليرموك!

ومن اللافت، بحسب لينا، أن تكون عرابة المصالحة في اليرموك “كنانة حويجة” من عائلة اللواء إبراهيم حويجة الذي ينسب له الدروز قتل النائب الدرزي كمال جنبلاط إبان الحرب اللبنانية عام 1977، لمواقفه المناهضة للأسد الأب آنذاك.

بينما اعتبر الكاتب ماهر شرف الدين في فيديو بثه على صفحته الشخصية أن ما حدث في السويداء كان بتخطيط من قوات النظام معتبراً ” 25 تموز مجزرة قتل الناس بالقرى الشرقية مرتبط ارتباطاً بنيوياً بتفجير موكب شيخ الكرامة وحيد البلعوس ورفاقه قبل سنوات”، ويتساءل شرف الدين عن أسباب انسحاب “الجيش السوري” قبل أسبوع واحد من القرى الشرقية في السويداء؟ وكيفية مرور 7 عناصر من داعش بأحزمتهم الناسفة وأسلحتهم إلى داخل السويداء من حواجز التفتيش المنتشرة في جميع مداخل المدينة؟

شيخ الكرامة وحيد البلعوس قبل تفجير موكبه 2015 – انترنيت

وعدّ النائب وليد جنبلاط ما حدث في السويداء استكمالاً لما حدث في عام 2015، بمقتل شيخ الكرامة، ومحاولة زج الدروز الرافضين للتجنيد الإجباري في صفوف الأسد في المعركة القادمة في إدلب والتي تحدث عنها الأسد مؤخراً. بينما يرى ماهر شرف الدين أن “الروس يريدون للدروز أن يكونوا “شرطة” المنطقة الجنوبية، بعد الانسحاب الإيراني (الذي يتمّ الترتيب له على قدم وساق)”.

صفحات أهالي المدن المستهدفة تسهب في ذكر تفاصيل الحادثة المروعة، بدت الأحداث مشابهة لسيناريو هجوم باغت ليلاً مدن وقرى حمص وبانياس وحماة، يُنادى أصحاب المنازل بأسمائهم يخول للناس أن الطارق على دراية بصاحب البيت، ليعاجل القاتل ضحيته بالسلاح الأبيض ويكمل على بقية أفراد الضحية، ويبقي أحدهم حياً لـ يروي ما رأى، لكن الفارق أن داعش لم تكن آنذاك قد خلقت بعد!

يقول كرم. ح (31 عاماً): «منذ قرابة الشهر بدأ النظام بسحب السلاح من مدنيي السويداء، ممن آثر اقتناء سلاح للذود عن نفسه من هجمة مباغتة من داعش، حتى كانت المناظير الليلية ضمن مقتنيات العائلة في المدينة بغرض رصد أي من تلك المجموعات تقترب من المنطقة”.

ويكتفي عبيدة (صحفي من السويداء) بالقول “الصدمة جعلتني أقف متفاجئاً، كأي غريب بات يتلصص على ما كتب على الصفحات رحت أبحث في أسماء الضحايا بفضول، أسماء لأشخاص لا أعرفها وأخرى لأشخاص عرفتها وعشت معها، أغلق الانترنيت محاولاً عدم التفكير، أرسلت إلى والدي لأطمئن، جاءني لرد بعد ساعات “ليس هناك شيء في السويداء.. نحن بخير”، نعم لم يحدث أي شيء في السويداء، هي فقط انضمت إلى ما حدث من مجازر في الحولة والبيضا وغوطة دمشق وغيرها من المدن لسورية”.

وقفة شموع تضامنية في أمستردام، مع أهالي السويداء -انترنيت 

الترجمة الدموية التي يجيدها نظام الأسد، نقلت حلقاتها الأخيرة إلى السويداء، بعد “الانتصار” المزعوم في الجنوب السوري على الثورة في درعا والقنيطرة، ليعلس منطق الجزاء والعقاب الإلهي، فلطالما رأى النظام نفسه إله لسوريا، ولا مانع من “شد إدن” بعض الأقليات في البلاد التي عارضت القتال إلى جانب النظام لإجهاض الثورة وإن كانت على حساب الدم السوري المستباح منذ 7 سنوات عجاف.