فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

النزوح الحلبي إلى اللاذقية: فقراء معدمون وأثرياء مرفّهون

النزوح الحلبي إلى اللاذقية: فقراء معدمون وأثرياء مرفّهون

 

ناي .

أصبحت اللاذقية منذ بداية الثورة السورية مقصداً للمهجرين من كافة المناطق السورية، وخصوصاً حلب، إذ يعيش اليوم قرابة المليون حلبي في اللاذقية، موزعين على مناطق مختلفة. بعض هؤلاء الحلبيين خسر أمواله وعمله، ويعيش اليوم حالة سيئة في مخيمات المدينة وحاراتها الشعبية. الأقل ضرراً من هؤلاء النازحين استأجر لنفسه محلاً صغيراً للمعجنات أو البهارات أو الألبسة، في حين انتقل كبار الأثرياء المرتبطين بالنظام مع مصانعهم وتجارتهم إلى شاليهات فارهة. محمد، صاحب محل “حلويات حلب” في المشروع السابع، وهو من الأكبر في اللاذقية، يقول لنا إن “العمل في اللاذقية أسهل بكثير من العمل في حلب، خلال سنة استطعت أن أشتري محلاً وبيتاً في المشروع السابع، وضعي مرتاح جداً هنا، ولا أريد العودة إلى حلب حتى”.

“محمد” ليس مثالاً لجميع الحلبيين الموجودين في اللاذقية. ثلاثون دقيقة فقط تفصل بين المشروع السابع في اللاذقية ومخيم المدينة الرياضية الذي يضم أكثر من ٨ آلاف عائلة حلبية مهجرة من حلب، غالبيتهم من الأطفال والنساء يعيشون في خيم ضمن ظروف معيشية وحياتية صعبة جداً. معظمهم خسروا بيوتهم وأعمالهم نتيجة ممارسات النظام الوحشية في حلب، أطفالهم ينطلقون كل صباح باتجاه شوارع اللاذقية يحملون علب البسكويت والعلكة ليبيعوها، ويتعرضون لأبشع أنواع الذل والقسوة.

نجيب طفل لم يتجاوز العاشرة من عمره، يعيش مع إخوته وأمه في غرفة في الرمل الفلسطيني. نجيب رفض ترك المدرسة. حين يكون دوامه صباحي في المدرسة، يذهب ظهراً للعمل. وحين يكون ظهراً، يستيقظ باكراً، يحمل حقيبته المدرسية وبسكويتاته التي يبيعها ويتجول في الشوارع حتى وقت دوامه. عندما تسأل نجيب ما أكثر ما يشتاق له، يجيبك “دارنا الكبيرة بحلب و بسكليتي الزرقة”.

ليس بعيداً عن المدينة الرياضية في منطقة الشاطئ الأزرق التي طالما كانت شاليهات يرتادها السياح صيفاً “وأغلبهم من الحلبيين”. عائلات حلبية كثيرة تسكن تلك الشاليهات تتشارك كل ثلاث أو أربع عائلات شاليهاً من ثلاث غرف ليستطيعوا توفير الإيجارات التي يفرضها أصحاب تلك البيوت، يعيشون بمبالغ مالية صغيرة يدخرها الرجال من أعمالهم والمساعدات التي تقدمها الأمم المتحدة والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين كل خمسة عشر يوماً. في الجانب الآخر، مبالغ خيالية يدفعها حلبيون آخرون إيجارات لبيوت في أرقى مناطق اللاذقية السكنية. هؤلاء الحلبيون لم يتوانوا عن نقل تجاراتهم وأعمالهم إلى اللاذقية حيث انتقلت محلات كبيرة ومطاعم فخمة ومعامل كما هي. مشاريع ضخمة يقيمها الحلبيون اليوم في اللاذقية، مستغلين ضعف التجار المحليين، ونسبة اليد العاملة الكبيرة ووفرة رأس المال لديهم وعلاقاتهم بالقيادات الأمنية والضباط الكبار. كان انتقال التجار الحلبيين الى اللاذقية بمثابة الصدمة الكهربائية التي نشطت سوق التجارة في الساحل وأعادت الحياة والمنافسة له.

حالة من عدم التوازن المجتمعي والمالي تسيطر على المهجرين الحلبيين في اللاذقية. نساء تركب أفخم السيارات وترتاد أفخم المطاعم وأخرى تراها تسحب خلفها أطفالها تبحث لهم عما يأكلونه. رجل خسر عمله وبيته ويمضي هنا كل يومه يبحث عن عمل يوفر له خمسمئة ليرة في اليوم وآخر يقيم حفلاً كبيراً احتفالاً بحصوله على عقد يقدر ب ٣٠٠ مليون ليرة سورية لإقامة مجمع تجاري وسياحي في شارع ٨ آذار وهو نفسه يمنع أطفال محافظته من دخول مطعمه لبيع العلكة.