فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

هكذا تحولت باصات حلب سلاحاً في الحرب

هكذا تحولت باصات حلب سلاحاً في الحرب

محمود عبدالرحمن.

 

من مظاهر الحرب في مدينة حلب استخدام الباصات بشكل واسع كسواتر وحواجز، ما أدى الى تدمير وسائل المواصلات العامة. “فوكس حلبتحقق في الملف، وتروي تفاصيله.

بعد ٦ أعوام من إعلانه، بدأ تنفيذ القرار 7167 الصادر عن مجلس الوزراء القاضي بـ"إخراج سيارات الميكروباص (السرفيس) من المدينة واستبدالها بباصات النقل الداخلي بهدف تخفيف الأزمة المرورية وتقديم خدمة أفضل للمواطنين"، بحسب وزارة المواصلات حينها. بدأ تنفيذ القرار في مدينة حلب عام 2009 بإشراف مديرية النقل التي خدمت باصاتها خطوطاً ثم طرحت الخطوط الباقية للإستثمار عن طريق مناقصات رست بمعظمها على أعضاء مجلس الشعب أو شركاء لهم. إلا أن القرار الذي استغرقت دراسته ست سنوات لحل الأزمة المروية لم يزدها إلا تفاقماً، فحجم الباصات الكبير بالنسبة لمعظم شوارع حلب زاد الإختناقات المرورية، وبخاصة في أحياء حلب الشرقية والمدينة القديمة. كما لم تحقق الخطة النتائج المرجوة على الصعيد الشعبي بسبب تلاعب الشركات الخاصة بالأسعار وعدم إلتزامها بالمواعيد المحددة، وفقاً لدراسة أجرتها جريدة الجماهير بينت أن 100% من المواطنين شكت الإزدحام الشديد في الباصات فيما فضل 42% منهم عودة الميكروباص إلى الخدمة. وأخرج القرار الالآف من سيارات الميكرو باص عن الخدمة وبالتالي قطع موارد عائلات السائقين الذين كانوا يعتمدون عليها لتتركز في يد أصحاب شركات النقل، ما أثار نقمة في نفوس فئة واسعة. ومع بداية الحراك السلمي في مدينة حلب، زاد من نقمة الشباب الحلبي على هذه الشركات نقلها الشبيحة وتمويلها لهم ومشاركة موظفيها في فض التظاهرات بالعنف أحياناً. "لم توجد هذه الشركات لخدمتنا كما كنا نعتقد، بل لملء جيوب المستثمرين على حساب قطع أرزاق السائقين المساكين ومساعدتها النظام في قمع المظاهرات أكبر دليل على ذلك"، يقول عبدو أحد سكان حي طريق الباب الذي شهد تحطيم أول باص للنقل بعد دهس باص "شركة كدرو" الطفل بشار ابراهيم (12 عاماً) في إحدى التظاهرات. ويروي عبدو الحادثة: "في اليوم التالي لموت الطفل بشار الذي دهسه باص شركة كدرو. وبعد المظاهرة المسائية إلتقينا بأحد باصات الشركة فصاح متظاهر عار علينا أن نسمح لباصات قاتل الأطفال أن يمر في شوراعنا فأوقفنا الباص وحطمناه إنتقاماً لدم الطفل بشار". تلت ذلك حوادث تدمير وإحراق للباصات لم تكن جميعها بدافع الثورة، بل ورقة ضغط لتحقيق مطالب أخرى، كما حصل في حي الليرمون حيث أحرق بعض سكانه باصاً "لشركة الزبير" للمطالبة بالسماح للميكروباصات بالعمل إذ كان كثير منهم يعتمدون عليها لكسب لقمة عيشهم. ومع دخول الثورة السورية للمنحى المسلح وإنقسام حلب إلى مناطق يسيطر عليها النظام وأُخرى تسيطر عليها فصائل المعارضة، استخدم الطرفان هذه الباصات كـ”مساتر” لقطع الطرقات. كما أثبتت فاعليتها في بعض عمليات التفجير، ما أدى إلى تدمير عدد كبير منها بفعل الإشتباكات والقصف المدفعي والغارات الجوية. واستخدمت المعارضة الباصات التي بقيت في مناطقها وسلمت من التدمير لخدمة السكان داخل المدينة وفي بعض القرى وفي نقل الركاب إلى المعابر الحدودية. حافظ النظام على المناطق والأبنية المرتفعة في حلب حيث قتل قناصته المتمركزون فيها، المئات من سكان مناطق المعارضة، معظمهم في باب الحديد وعلى معبر “كراج الحجز” قبل إغلاقه، وهو الوحيد بين مناطق النظام والمعارضة. لحجب الرؤية عن قناصة النظام، حاول بعض الفصائل استخدام الستائر القماشية لكنها لم تصمد طويلاً أمام الرياح وطلقات الرصاص، فلجأت أخيراً إلى استخدام الباصات بوضعها فوق الأبنية العالية وملئها بأكياس الرمل. تعتمد مناطق المعارضة اليوم على الميكروباص في النقل، فيما يقتصر دور الباصات على كونها مساتر تعتلي الأبنية، ما يراه كثيرمن سكان حلب أهم من دورها في النقل.