تباينت آراء طلاب المرحلتين الأساسية والثانوية بفروعها كافة حول الأسئلة في امتحانات العام الحالي، وغلبت سمات “الصعوبة وطول الأسئلة وعدم مراعاة الوقت” على إجاباتهم بما يخص قسم من المواد، إضافة لوجود أسئلة ضمن مواد أخرى وصفت بـ “المعقدة” أو “الأسئلة التعجيزية”، كذلك بخلل في سلّم توزيع العلامات.
تظهر استبانة أجراها فوكس حلب على ثلاثمائة طالب وطالبة (213 في المرحلة الثانوية، 87 في المرحلة الأساسية) من مدارس مختلفة في محافظة إدلب وريف حلب الغربي، تابعة لمديريات التربية في حكومة الإنقاذ، شملت طلاب المرحلة الأساسية والثانوية بفروعها الأدبية والعلمية والمهنية والشرعية أن:
44 % من الطلاب والطالبات في المرحلة الثانوية بفروعها كافة وجدوا أن الأسئلة طويلة ولا تتناسب مع المدة الممنوحة لحلها، خاصة في مادتي الفيزياء للفرع العلمي والفلسفة للفرع الأدبي، بينما رأى 15% منهم أنها مناسبة و 31 % منهم ذهبوا إلى أن الأسئلة كانت معتدلة الطول.
أما بخصوص تضمن الامتحانات أسئلة وصفها الطلاب بالتعجيزية أو “النكشة” فقد ذهب 70,59% من المشاركين في الاستبانة إلى وجودها، خاصة في مادة الرياضيات للفرع العلمي والفلسفة والتاريخ في الفرع الأدبي.
وذهب 50% من طلاب فروع الشهادة الثانوية كافة لميل الأسئلة الامتحانية للصعوبة والتعقيد، و 2,94% وصفوها بـ متوسطة الصعوبة، بينما وجد 47.06% من الطلبة أن الامتحانات تميل إلى السهولة في معظم أسئلتها.
وأيّد 68% من الطلاب المشاركين في الاستبانة أن عملية توزيع الدرجات الممنوحة لكل سؤال كانت منصفة وتتفق مع درجة صعوبة السؤال ونوعيته، في المقابل خالف 32% هذا الرأي ووصفوا توزيع الدرجات بـ “غير المنصف”.
طلاب المرحلة الأساسية الذين شاركوا في الاستبانة لم يجدوا في الأسئلة أي إطالة تذكر، ورأى 72% منهم أن الأسئلة متوسطة الصعوبة، بينما تقاسم المستبانون بنسبة 50% الآراء حول وجود أسئلة “تعجيزية” من عدمه.
بعيداً عن الاستبانة عبّر معظم من تحدثنا معهم من الطلاب أن الأسئلة التي طالها النقد جاءت في الأيام الأولى للامتحان، مثل الفيزياء والرياضيات والفلسفة وهو ما أثر على أدائهم الامتحاني، وتساءلوا عن سبب وضع المواد التي وصفوها بـ “الثقيلة والهامة” في الأيام الأولى ما يشكل “ضغطاً على الطالب، وخاصة المستجدين الذين يخوضون التجربة الامتحانية للمرة الأولى”.
توافقت آراء الطلاب مع ما ذهب إليه مدرسو قسم من المواد في المنطقة، والذين عبّروا عن صعوبة الأسئلة وقصر المدة الممنوحة للإجابة عنها. يقول عبد الله الهشوم، مدرس مادة الرياضيات في إدلب، إن الأسئلة جاءت “شاملة ومن ضمن المنهاج الدراسي”، لكنها “طويلة جداً وتتطلب وقتاً أطول لحلها”، مؤكداً أنه من الصعب “نيل العلامة الكاملة في أسئلة الرياضيات للعام الحالي”.
ورأى أحمد الدندوش، مدرس رياضيات في ريف إدلب، أن “طول أسئلة مادة الرياضيات شكّل إجحافاً بحق الطلبة، إذ لم تراع الفروق الفردية، وتضمنت أفكاراً من منهاج السنوات السابقة”، وضرب المدرس الدندوش مثالاً حول ذلك بـ “فكرة العددين الأوليين فيما بينهما”، إذ اعتبر أن هذه الفكرة “حفظية وتعود لمنهاج الصف التاسع ولا يجوز إقحامها في أسئلة الامتحانات الثانوية”.
وصف المدرس دندوش أسئلة الرياضيات في العام الحالي بـ “الصعوبة”، وأنه “لا يمكن للطالب متوسط الذكاء حلها، حتى الطالب فائق الذكاء لن يحصل على أكثر من 40 من أصل 60 درجة”.
مدرّس الفيزياء في مدينة إدلب، خالد حلّاق، وصف هو الآخر أسئلة مادة اختصاصه بـ “الشاملة والواضحة” لكنها “طويلة”، يقول “الوقت كان سيفاً مسلطاً على رقاب الطلاب، ومعظمهم لم يتقن التدريب على كيفية التعامل مع الوقت واستثماره في الإجابات الصحيحة خلال العام الدراسي”.
يخالف أحمد الحسن، مدير التربية والتعليم التابعة لحكومة الإنقاذ في محافظة إدلب، ما جاء من نتائج الاستبانة ورأي المدرسين، يقول إن “العملية الامتحانية سارت بيسر كما هو مخطط له، وتميزت هذه الدورة عن سابقاتها بالتطور الذي شهدته بالنسبة لآليات المراقبة والإشراف، واعتماد تقنيات جديدة لتوزيع الأسئلة، إضافة لتحسين مستوى التنسيق بين اللجان الامتحانية المختلفة”، دون أن يتطرق الحسن لتفاصيل تلك التحسينات أو أن يمنحنا أمثلة عن الآليات الجديدة المتبعة.
وأجمل الحسن إجاباته حول النقاط التي أثارتها الاستبانة، وملاحظات الطلاب على بعض المواد، بأن الأسئلة “وضعت ضمن معايير معتمدة ودقيقة، تكفل الشمولية والعدالة، وتهدف لتمايز الطلاب في مستوى أدائهم وحفظهم”، وبـ “أن الإطالة التي اشتكى منها بعض الطلاب ترجع لنوع المادة العلمية والموضوع المختار للسؤال”.
لم ينف الحسن وجود أسئلة “تعجيزية” موضحاً أن الهدف منها هو “اختبار قدرات الطالب على التفكير التحليلي والنقدي، وتشجيعه على التفكير خارج الصندوق”، مبينا أن “ذلك يصب في مصلحة الطالب لا العكس، كما تراءى لقسم من الطلاب والمدرسين”.
ونفى الحسن وجود أسئلة من خارج المنهاج المقرر للطالب، مؤكداً على عدم “ورود أي شكوى بهذا الخصوص”، وفي حال تمت ملاحظة أي سؤال قادم من خارج المنهاج، أو وردت شكوى بهذا الخصوص “ستقوم المديرية بالتحقق من الأمر، واتخاذ ما يلزم في حال ثبوته، بما في ذلك تعديل سلالم التصحيح المرتبطة بتلك المادة الامتحانية”، وأوضح “أن الأمر قد يختلط على الطالب أحيانا، في حال اعتمد السؤال على تطبيق المعرفة، بطرق غير تقليدية”.
وأكّد الحسن أن آلية الامتحانات ووضع سلالم الدرجات عملية دقيقة تتم لكل مادة على حدّة، وتكون بالتعاون مع خبراء و مختصين في المواد المعنية”، وسلسل الحسن كيفية وضع سلالم التصحيح، بتشكيل اللجان بداية ثم تحليل الامتحان وتحديد النقاط الأساسية فيه، تليها مرحلة وضع الدرجات وتوزيعها، وفي النهاية ترسم سلالم التصحيح بما يتوافق مع الدرجات الممنوحة ودرجة صعوبة السؤال ذاته.
لم يغفل الحسن إمكانية اللجوء لتعديل في سلالم التصحيح معللاً ذلك بسببين اثنين، أولهما ملاحظة أخطاء وردت في السلم الأصلي عند بدء عملية التصحيح، وثانيهما يعتمد على رد فعل المصححين أنفسهم، وتقييمهم للسلم ومدى تماشيه مع مصلحة الطالب وضمان الدقة في العلامة المعطاة له.
يملك الطالب حق تقديم الاعتراض أو التظلم بعد تقييم درجاته، وهي عملية تتم بعد إعلان النتائج مباشرة ولفترة زمنية يتم تحديدها مسبقاً، يقوم الطالب خلالها بالتقدم بطلب إلى دائرة الامتحانات التي ترسله بدورها للجهة المختصة باتخاذ القرار، وتشمل عملية مراجعة علامات المادة إعادة تصحيح وتدقيق الورقة بالكامل، وليس فقط جمع الدرجات على هوامش الورقة، كما أشيع سابقاً، بحسب ما أوضحه مدير التربية.
يتوقع مدير التربية إصدار النتائج الامتحانية في نهاية الأسبوع الأول من شهر آب القادم، لتبدأ بعدها المديرية باستقبال الاعتراضات والتجهيز للدورات التكميلية، في الوقت الذي يأمل فيه الطلب مراجعة العملية الامتحانية لآرائهم وتلبية ما يرونه ومدرسيهم حقاً في تجاوز بعض الإشكاليات التي شهدتها الامتحانات الحالية.