فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

izaz

بعد تأهيل سوق إعزاز.. ساعات محددة للسيارات واحتجاج للتجار

وليد عثمان

انقسم سكّان مدينة إعزاز بين مؤيد ومعارض لمشروع تأهيل السوق وقرار منع دخول السيارات إليه، في الوقت الذي رفض تجّار وأصحاب المحلات القرار وعدّوه خطوة غير مدروسة تسبّبت بشلل السوق

عارض تجّار وأصحاب محلّات تجارية في إعزاز بريف حلب الشمالي قرار المجلس المحلي بإعادة تأهيل شارع السوق الرئيس في المدينة، فيما وجد فيه مواطنون حلّاً للازدحام وطمأنينة على أسرهم بعد سلسلة تفجيرات شهدها السوق خلال السنوات الماضية.

قرار تأهيل السوق، وقت إقراره من المجلس المحلي في آذار الماضي، شمل توسعة الأرصفة وتضييق الشارع الذي يتوسطها، إضافة لمنع دخول السيارات منه وإليه من الساعة التاسعة صباحاً وحتى الساعة التاسعة مساء، قبل أن يعدّل القرار إلى تخفيض ساعات منع دخول السيارات إلى ثمانية ساعات، بدءاً من الساعة 12 ظهراً  وحتى الساعة 8 مساء تلبية لاحتجاج أصحاب المحلّات والإضرابات التي دعوا إليها.

حركة السوق الذي يعدّ أحد شرايين مدينة إعزاز والذي يمتد بطول 800  متراً وعرض 16 متراً، إضافة للأرصفة، انخفضت بعد مشروع التأهيل بنسبة كبيرة يقدّرها من تحدثنا إليهم من أصحاب المحلات بنحو 70% مما كانت عليه في السابق.

ويتوسط السوق الرئيس مدينة إعزاز ويضمّ عشرات المحلات التي تلبي الاحتياجات اليومية للسكان من مستلزمات “السمانة والخضار والألبان والأجبان والألبسة واللحوم والمطاعم ولوازم البناء ومحلاّت الصاغة والأدوات الكهربائية، جملة ومفرّق، إضافة للمباني الحكومية من المجلس المحلي والبلدية والمستوصف الطبي ومركز البريد التركي PTT وفرع الأمن الجنائي”.

وأرجع المجلس المحلي السبب في إطلاق مشروع تأهيل السوق، عبر معرفاته الرسمية، إلى “تنظيم العمل وتلبية مطالب المواطنين”، إضافة للحدّ من ظاهرة “التوقف العشوائي للمركبات وإيجاد مساحة مناسبة لحركة سير المواطنين والمركبات في السوق”.

مرّ المشروع بمراحل عديدة أبرزها توسعة أرصفة المشاة من مترين إلى خمسة أمتار في كل جانب من الطريق، وهو ما أدى إلى تضييق شارع مرور السيارات، في الفترة التي يسمح بدخولها إلى السوق، إلى نحو ستة أمتار، الأمر الذي دفع أصحاب المصالح التجارية إلى الاحتجاج على المشروع وتنفيذ إضرابين في 8 و14 أيار الحالي، بعد ما وصفوه بـ “الشلل” الذي أصاب السوق، مطالبين بفتح مداخل السوق على مدار الساعة وإلغاء نظام الإغلاق المفروض، لكن مطالبهم لم تلق أذناً مصغية، سوى بحلول جزئية وصفوها بـ “غير المرضية”، بتخفيض ساعات الإغلاق. 

الصورة من سوق مدينة إعزاز

مصطفى طباش، مسؤول المكتب الإعلامي للمجلس المحلي في مدينة إعزاز قال إن “المشروع يندرج ضمن خطة المجلس  لتطوير البنية التحتية والخدمات ضمن المدينة، وإن مشروع إعادة تأهيل سوق المدينة الرئيس ووضع آلية لإغلاق السوق خلال ساعات الذروة كان ضرورة أمنية إضافة إلى كونه ضرورة لتنظيم حركة المرور وتقليل الازدحام في المدينة وتحسين المظهر العام”.

ووصف طباش المشروع بـ “الضروري” للحد من الازدحام المروري الخانق الذي كان يشهده السوق يومياً وإشغال الأرصفة الضيقة من قبل أصحاب المحلات ما يمنع أو مرور المشاة.

وتحدّث طباش عن آلية تنفيذ المشروع والتي بدأت، على حدّ قوله، بإبلاغ جميع مالكي العقارات الواقعة ضمن مكان التنفيذ بالمشروع وشرح مراحله وأخذ اقتراحاتهم ومحاولة تنفيذها، إن أمكن، وهو ما أقرّه المجلس بالسماح للسيارات بالدخول إلى السوق بين الساعة الثامنة صباحاً والثانية عشرة ظهراً، ما يسمح  للتجار بإدخال بضائعهم وقضاء ما يلزم نقله أو إخراجه من مستودعاتهم، ويحقق بيئة تسوق آمنة للسكان من بعد الإغلاق حتى الثامنة مساءً.

وحول إضراب التجار وإغلاق محلاتهم علق طباش أن “المجلس المحلي يراعي المصلحة العامة لا المصلحة الفردية، من حيث تأمين السوق وطمأنة السكان وتلبية مطالبهم، إضافة لتنظيم السوق وتجميله، خاصة وأن المرحلة الثانية للمشروع تتضمن توحيد اللوحات الإعلانية الخاصة بواجهات المحلات على امتداد السوق بشكل عصري وأنيق”.

وكان سوق إعزاز ذاته قد شهد عدة تفجيرات، كان آخرها في نيسان الماضي، قبل أيام من عيد الفطر، والذي أسفر عن مقتل ثمانية أشخاص وإصابة أكثر من عشرين آخرين، سبق ذلك تفجير سيارة وصهريج في حزيران وكانون الثاني من عامي 2019 و 2017، راح ضحيتهما العشرات من أبناء المدينة وسكانها بينهم نساء وأطفال.

أصحاب محلّات تجارية وجدوا في مشروع تأهيل السوق وما ساقه المجلس المحلي من توضيحات حججاً غير مبررة، على حدّ وصفهم، يقول أحمد كنو، يملك محلّاً لبيع الخردوات ومواد البناء في السوق، إن “مشروع تأهيل السوق غير مبرر ولا يمكن فهمه، إذ تعمل السلطات دائماً على توسعة لا تضييق الشوارع الأكثر الازدحاماً والأنشط تجارياً”.

ويضيف كنو “قرار منع دخول السيارات أسفر عن شلل شبه تام في حركة البيع والشراء، خاصة وأن السوق يمتاز بالتنوع ويلبي احتياجات المواطنين كافة، بدءاً من الطعام وليس انتهاء بمواد البناء”. ويتساءل كنو ومن تحدثنا إليهم من أصحاب محلات في السوق عن الجهة التي تحكم المدينة و تتحكم بالقرارات الإدارية والخدمية، إن كان المجلس المحلي أم الفصائل العسكرية؟

يأتي ذلك في إطار ردّهم على تبرير المجلس المحلي بعد لقائهم بمسؤوليه وشرح شكواهم، بأن الإغلاق كان لضرورات أمنية مرجعاً القرار للقوى الأمنية والعسكرية في المدينة!

يقدّر كنو الضرر الحاصل في حركة السوق نتيجة منع دخول السيارات، بنحو 70% من المبيعات، ويشرح ذلك بأن المشروع حوّل السوق إلى سوق مشاة يحول دون قدرة المتسوّقين على شراء احتياجاتهم نتيجة لطول المسافة وتنوع  المصالح التجارية فيه خاصة مصالح مواد البناء وتجهيزات البنية التحتية وكثرة محلات بيع الجملة والتي تحتاج جميعها إلى وجود مساحات واسعة في الشوارع أمام المتاجر تسمح بتحميل وتنزيل البضائع بشكل مستمر.

يوافق يحيى عشاوي، تاجر جملة في سوق إعزاز، ما قاله كنو، ويرى أن مشروع التأهيل وقرار منع دخول السيارات أثر سلباً على حركة البيع والشراء، يقول إنه لم يعد بإمكانه الاستمرار بعمله على هذا النحو، إذ يحتاج تجار الجملة إلى مساحة لتحميل وتنزيل البضائع، وحصر دخول السيارات بالفترة الصباحية لا تلبي احتياجاتهم إذ تحول دون قدرة زبائنه على شراء ونقل بضائعهم، خاصة في ساعات ذروة البيع.

ويتساءل عشاوي إن كان المجلس المحلي يريد نقل السوق إلى مكان آخر، خاصة وأن القرار دفع الزبائن للإحجام عن ارتياد السوق و شراء بضائعهم من محلّات أخرى خارج السوق؟

الصورة من سوق مدينة إعزاز

ليس تجار الجملة فقط من يشكون من القرار بإغلاق مداخل السوق، ابراهيم عساف صاحب مذبح لبيع الدجاج ، قال إن “رزقنا بات قيد قرار عنصر الأمن المسؤول عن فتح وإغلاق البسطونات الموضوعة على مداخل السوق”. وأضاف أن “الحل الجزئي لا يفِ بالغرض، فالبضائع تأتي من أماكن بعيدة لا يمكن التحكم بساعات وصولها بسبب حالة الطرق والتأخير الذي قد يطرأ على الحواجز”.

يقلل عسّاف من تبريرات المجلس المحلي ويصفها بـ “غير المقنعة” إذ أن تخفيف الازدحام في الشارع الرئيس وتحويله للشوارع الفرعية هو تغيير لمكان الازدحام فقط، ويرى أن الحل لا يجب أن يكون بالمنع والإغلاق إنما بتطبيق القانون وفرض غرامات ومخالفات من قبل قسم المرور في ظل الازدحام والاختناقات المرورية التي تشهدها المدينة.

ويغيب عن مداخل السوق وجود أي كراج أو مكان لوقوف السيارات، ما يزيد الطين بلة، بحسب من تحدثنا إليهم، إذ يضطر الزبائن لقطع مسافات طويلة للحصول على احتياجاتهم ما يدفع للعزوف عن الدخول إلى السوق.

سكّان إعزاز انقسموا بين مؤيد ومعارض لقرار المجلس المحلي، إذ عبّر محمد الإسماعيل، أحد سكان المدينة، عن تأييده لقرار المجلس بخصوص تعريض الأرصفة وإغلاق المداخل، وعدّها خطوة ضرورية لتأمين وسط المدينة من التفجيرات المتكررة والازدحام المروري غير المقبول والذي بات لا يتيح المجال لمرور المشاة إلا مزاحمةً بين السيارات مما يشكل خطراً إضافياً على النساء والأطفال.

وحول طول المسافة يقول محمد بأنه لا يمتلك سيارة بالأساس، شأنه شأن النسبة الأكبر من السكان في المدينة، وبأنه كان يضطر للنزول مشياً على الأقدام إلى سوق المدينة في ظل الازدحام وسوء التنظيم المروري، بينما أصبح الآن يمشي بشكل آمن وسلس دون الحاجة إلى الالتفات لأولاده في كل دقيقة خشية تعرضهم لحادث مروري أو ضياعهم وسط زحام السوق.

 بشار قيطاز، أحد المهجرين القاطنين في المدينة، أبدى امتعاضه من الوضع الحالي للسوق واعتبره عنواناً “للفشل التنظيمي والإداري”، فلا يمكن، بحسب قيطاز، أن تفكر بعد اليوم بقصد سوق إعزاز لشراء ما يلزم إلا إذا اضطررت وأجبرت على ذلك، وأنه يعتمد اليوم على المحلات الموجودة خارج السوق كسباً للوقت والجهد المترتب على دخولك للسوق الرئيسي والشراء منه، وتمنى بشار أن يسعى المجلس المحلي على إيجاد صيغة حل لعدم السماح بدخول السيارات مع الحفاظ على الهدف من المشروع وهو الاحتراز الأمني والمظهر الحضاري.

كحلول بديلة فتحت الطرق الفرعية ما قلّل من الخسارة إلى النصف، لكن خطوات أخرى ينتظرها التجّار وأصحاب المحلّات لاتّخاذ إجراءات أمنية بعيداً عن إغلاق الشوارع وتوقف السّوق الرئيس الذي يعود تاريخ افتتاحه إلى عشرات السنوات.