فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

التدواي بسم النحل علاج شائع دون ترخيص أو إثبات علمي

حسن كنهر الحسين

تتزايد شعبية العلاج بلسعات النحل التي تحاك حول دوره المبالغات في شفاء الكثير من الأمراض، رغم عدم وجود دراسات طبية أو اعتراف رسمي من قبل المؤسسات الصحية بهذه الطريقة من التداوي التي تندرج ضمن الطب البديل

الأمراض المستعصية وتكاليف العلاج الباهظة في الشمال السوري دفعت مرضى للبحث عن بدائل في الطب البديل، منها العلاج بـ “لسعات النحل” أو ما يعرف بـ “سمّ النحل” كوسيلة جديدة للتداوي أدخلها عاملون في هذا المجال قبل أشهر تجمع بين الغرابة والمبالغة والنتائج المُرضية.

التداوي بلسعات النحل ليس جديداً على المستوى العالمي، إذ استخدم في أزمنة مختلفة، وإن كان الطبيعي الذي نعرفه سوريّاً أنه غالباً ما يحتاج من يتعرض للسعات النحل للعلاج، لكن هذه المرة تبدو الآية مقلوبة، إذ يبحث مرضى عن علاج لهم في هذه اللسعات عند أشخاص امتهنوا ذلك، باستخدام وخز النحلات الحية للعلاج بعد وضعها على منطقة الألم في جسم المريض.

يصنف أبو محمد، نحّال وممتهن للعلاج بلسعات النحل، هذا النوع من التداوي ضمن فئة “الطب التكميلي البديل”، إذ يساعد في علاج جملة من الأمراض مثل “أمراض الجهاز العصبي، نقص تروية الحبل الشوكي، التهاب العصب الوجهي، الألم العصبي ثلاثي التوائمة، التهاب الأعصاب المعدية، التسمم، أمراض الدماغ الرضية، متلازمة عسر الدماغ، السكتة الدماغية الحادة، شلل ما بعد السكتة الدماغية، فقدان القدرة على الكلام، الصداع، التصلب متعدد، التهاب العظم المزمن، تصلب الشرايين في الأوعية الدماغية، الروماتيزم العصبي، الاعتلال العضلي، الصرع، التهاب النخاع والشلل الدماغي”.

إضافة لدوره في علاج “أمراض الجهاز الهضمي وأمراض القلب والدم والرئة الأمراض الجلدية والمسالك البولية والدم والأمراض الطفولية وغيرها من الأمراض الجسدية” بحسب أبو محمد. يوسّع أبو محمد من دور العلاج بسمّ النحل ليشمل الأمراض النفسية مثل “الإرهاق العصبي والعصاب التفاعلي والسيكوباتية وإدمان الكحول والصرع وحالات الوهن والاكتئاب وانفصام الشخصية”.

وبالرغم من الدور الكبير الذي يوليه العاملون بطريقة التداوي هذه في علاج أمراض كثيرة، لكن أبو محمد يحذّر من المبالغة، يقول  “الادعاء بأن سم النحل يعالج كل الأمراض مبالغة، وهناك أمراض لا يجب فيها استخدام لسعات النحل، إذ أن ضررها سيكون أكبر من فائدتها مثل أمراض القلب والرئة والعين”، وفي هذه الحالة “يمكن الاستعاضة عن سم النحل بحبوب اللقاح وخبز النحل وغذاء الملكات والعسل”، بحسب أبو محمد.

كذلك يحذّر أبو محمد ، من مخاطر قد تلحق بالمرضى، لا سيما أولئك الذين يعانون فرط حساسية أو مشاكل قلبية، وهو ما يشترط اتخاذ إجراءات وقائية قبيل البدء بعملية التداوي. يشرح أبو محمد، أن أول خطوة يقوم بها قبيل البدء بعملية العلاج هي إجراء اختبار تحسس للمريض وقياس ضغطه، وبعد التأكد من سلامة الإجراءات يلجأ إلى رسم الخطة العلاجية التي قد تمتد لشهر أو أكثر.

وتختلف المدة تبعاً للشكاية المرضية وطبيعة جسم المريض ومدى تأثره بسم النحل، يقول أبو محمد “هناك أمراض يستمر علاجها أسابيع، أخرى تحتاج لثلاثة أشهر أو أكثر”. ويضيف أبو محمد ” العلاج بسم النحل من أنواع الطب التكميلي وليس المباشر، نطلب من المريض قبل البدء بعملية العلاج الذهاب إلى طبيب مختص وبعد إجراء جملة من الفحوصات والتحليل والمعاينات وأخذ الأدوية، وفي حال عدم التحسن فإننا نبدأ بالعلاج البديل”.

بين المرضى الذين تحدثنا إليهم اختلفت الردود بين راض وغير راض عن نتائج العلاج بلسعات النحل،  يقول عمر الخطيب والذي أصيب بالتهاب وتر بعد التواء كاحله قبل أكثر من سنة “بالرغم من عمليات المعالجة الطبية ومتابعة الأدوية إلا أن الألم كان يظهر مع كل حركة غير منتظمة إلى أن تم إرشادي لطبيب عربي يعالج بلسع النحل”. استمر علاج الخطيب بلسعات النحل لمدة شهرين عبر خطة علاجية حدّدها المعالج وقد فارقه الألم بعدها حتى اليوم، على حدّ قوله.

يختلف الحال بالنسبة لمحمد الشيخ والذي يعاني من مرض جيوب خضع على إثرها لخطة علاجية استمرت لعدة أسابيع. يقول الشيخ ” العلاج كان تسكيني فقط، ومنذ أن توقفت عن العلاج عاد الألم مثل السابق أو أكثر حتى انتهى الأمر بي بعمل جراحي”.

يحتوي سم النحل، بحسب أبي محمد، على مجموعة متنوعة من المركبات الكيميائية والمكونات الرئيسية التي من شأنها أن تعالج جملة من الأمراض، وقد تختلف تلك المكونات بين النحل من النوع ذاته أو نحل آخر، وتتأثر بعوامل مثل نوع النحل وبيئته وغذائه، بما في ذلك الببتيدات وهي سلاسل من الأحماض الأمينية التي يمكن أن يكون لها تأثيرات متنوعة على الجسم، مثل تقليل الالتهاب وتحفيز جهاز المناعة في الجسم وتقويته.

كما يوجد في سم النحل بعض الإنزيمات، مثل الفوسفوليباز و الهيالورونيداز، والتي بدورها قد تلعب دوراً في تحطيم الأنسجة وتسهيل انتشار السم في مواضع الألم وبالتالي تخفيفه أو معالجته بشكل جذري، إضافة للهيستامين وهو من الوسائط الكيميائية التي تساعد في توسيع الأوعية الدموية وتسبب الحساسية في الجسم، و الميليتين وهو مركب يُعتقد أن له تأثيرات مضادة للالتهاب.

لا يندرج التداوي بلسعات النحل ضمن الطرق الطبية العلاجية، بحسب محمد الأحمد، وهو طبيب عام، الذي يدرج هذه الطريقة كنوع من العلاج التكميلي، مثله مثل العلاج بالأعشاب والطب العربي وغيرها من أصناف الطب البديل. يقول الطبيب الأحمد “لا يوجد في الطب أي دراسة مثبتة تفيد بإدراج العلاج بلسع النحل كأحد وسائل العلاج الطبية الرئيسية أو البديلة، إلا أنه من الممكن أن يكون لسم النحل دور في إكساب مناعة للجسم ضد عدد من الأمراض لكنه لا يستخدم كعلاج جذري لتلك الأمراض”.

ويضيف الأحمد “حتى لو كان لتلك الطريقة أو غيرها من طرق التداوي البديل نتائج ملحوظة، فإنه لا يمكن أن تقارن أو تصل إلى آلية العلاج الطبي والذي بدوره يحتوي على مستخلصات تلك السموم سواء سم النحل أو سم الأفاعي أو غيرها من السموم وفق تركيز طبي دقيق، كما أنه يوجد العديد من الأمراض التي لا يمكن علاجها بواسطة المضادات مثل الأمراض التي تحتاج إلى أعمال جراحية”.

ويتساءل الطبيب الأحمد” هناك أنواع من سم الأفاعي يتم استخدامها في بعض المستحضرات الدوائية فهل من الممكن إعطاء تلك السموم للمريض بشكل مباشر؟”. لا يوجد اعتراف رسمي بالتداوي بلسعات النحل من قبل وزارات الصحة، لكن شعبيته في ازدياد رغم ما يحمله من مخاطر تفرض على المعالجين تبيان طرق هذا العلاج وتوضيح آلياته وتحديدها بدقّة والحصول على ترخيص من شأنه تحميل المسؤولية في حال حدوث المضاعفات.