لم ترق فكرة تركيب كاميرا مراقبة أمام خيمة زاهر العثمان، يسكن في مخيم على أطراف بلدة دارة عزة بريف حلب الغربي، لسكان المخيم، احتجّ قسم منهم بأن وجودها انتهاك للخصوصية ما دفع زاهر لإلغاء الفكرة التي وجد فيها حلّاً لمشكلته بعد تعرّض خيمته للسرقة ثلاث مرات خلال الأشهر الأخيرة.
يقول زاهر إن البداية كانت بسرقة ألواح الطاقة الشمسية من أمام خيمته والتي تحول طبيعتها القماشية من تركيب الألواح على سطحها، ثمّ سرقة بعض الأواني والأثاث كان يضعها أمام الخيمة الضيقة، ليتفاجأ قبل أيام بسرقة دراجته النارية.
سرقة الدراجات النارية أمر تواتر سماعه يومياً على غرف واتس آب وصفحات التواصل الاجتماعي في الشمال السوري، خاصة في المخيمات العشوائية التي ينخفض فيها مستوى الأمان والإجراءات المتبعة من الجهات المسؤولة، إذ يغيب عن معظمها وجود سور يحمي المكان وتقترب خيامها من الطرق الرئيسة ما يشجع السارقين على الفرار دون الكشف عن هويتهم.
يقول زاهر “خيامنا عرضة للرايح والجاي، وفشلنا في وضع حرس ليلي على مداخل ومخارج المخيم، وهو ما دفعني لطرح فكرة تركيب كاميرا مراقبة كحل بديل”.
الخصوصية شبه المعدومة في المخيمات القماشية المتلاصقة حالت دون تنفيذ ما يطرحه زاهر، إذ وجد نفسه أمام اعتراض من قبل قسم من سكان المخيم تطور إلى خلاف ومشاحنات حول تركيب كاميرا مراقبة، الأمر الذي دفعنا إلى استطلاع رأي سكان في مخيمات مختلفة حول هذه الخطوة وأسباب رفضها أو قبولها.
تظهر استبانة أجرتها فوكس حلب، على 60 شخصاً تتراوح عمارهم بين 17 و 45 عاماً، في أكثر من عشرة مخيمات إضافة لمدينتي إدلب و سرمدا أن 82.5% من الأشخاص رأوا في تركيب كاميرات المراقبة حلّاً لرفع مستوى الأمان في المخيمات وتقليل حالات السرقة فيها، في الوقت الذي اعتبر 17.5% من الأشخاص في الاستبانة في هذه الخطوة انتهاكاً للخصوصية داخل المخيمات.
وأيّد في الاستبانة 84.1% من الأشخاص تركيب كاميرات مراقبة ضمن المخيمات التي يسكنونها أو داخل أحيائهم أو بالقرب من مساكنهم، فيما اعترض 11.1% على وجودها، وأبدى 4.8% من المستبانين عدم اهتمامهم بشكل كامل. وتباينت آراء المشاركين في الاستبانة حول أسباب قبولهم أو رفضهم، إذ رأى قسم منهم في كاميرات المراقبة، على الرغم من أهميتها في تعزيز حالة الأمان، وسيلة للتعدي على خصوصية الآخرين، خاصة إن كان أصحابها يفتقرون للأمانة.
وبغياب وجود ضابطة أو جهة مسؤولة للإشراف على هذه الكاميرات يمكن أن تتحول إلى أداة لمراقبة المارة والسكان أكثر من كونها لمراقبة السارقين، هذا مع إمكانية تحريك الكاميرا وتوجيهها نحو مساكن معينة بطريقة غير شرعية، أيضاً تحدّ كاميرات المراقبة من حركة النساء داخل المخيم أو في منازلهم، بحسب آراء أشخاص في الاستبانة.
في الوقت ذاته يرى آخرون في كاميرات المراقبة حلّاً لتعويض فقدان الأمن في المخيمات، تظهر الاستبانة قصصاً لأشخاص استعادوا مسروقاتهم من خلال معرفة السارقين الذين ظهروا في الكاميرا، كذلك خوف السارقين من الدخول إلى مخيمات مزودة بهذه الكاميرات خوفاً من العقوبة واكتشاف هوياتهم، أيضاً يتعلق الأمر في أخطاء متكررة أخرى مثل رمي القمامة أمام الخيام أو في الساحات الفارغة بالقرب منها، أو تعرض الأطفال للخطف أو غير ذلك.
الرافضون لتركيب كاميرات المراقبة أو المعترضون على وجودها، رغم نسبتهم القليلة، ليسوا السبب الوحيد في عدم تعميم الفكرة في المنطقة، إذ تظهر الاستبانة أن 85.7% لم يتمكنوا من القيام بهذه الخطوات لأسباب عديدة أهمها ضعف القدرة المادية (تتراوح أسعار كاميرا المراقبة بين 30 إلى 60 دولاراً) أو وجودهم في منازل مستأجرة أو عدم امتلاكهم لأشياء ثمينة يخشون سرقتها، و “تجنب المشاكل مع الجيران أو اتهامهم بانتهاك الخصوصية”.
ويطرح قسم ممن أجاب على الاستبانة حلولاً أخرى قد ترضي جميع الأطراف وتخفف حدة الخوف على الخصوصية منها أن تكون كاميرات المراقبة إحدى أولويات المنظمات الداعمة للمخيمات تركب ويشرف عليها من قبلهم أو من قبل جهة مختصة وفي أماكن تضمن مراقبة مداخل ومخارج المخيم، أو أن تقوم الجهات المسؤولة (الشرطة) باتخاذ هذه الخطوة أو الاستعاضة عنها بتسوير المخيمات ووضع حرس عليها.
ويرى أولئك في تركيب كاميرات المراقبة في المدن مشكلة أقل على صعيد الخصوصية، خاصة أن منازلها حجرية وعادة ما تكون الكاميرا موجهة على مداخل البيوت. بين موافق ورافض يلقى على عاتق الأهالي مسؤولية حماية ممتلكاتهم في ظل تراجع الأمان وانتشار السرقات وضعف قدرة جهاز الشرطة والأمن العام على ملاحقة مرتكبيها.