بعد أذان الفجر يحمل مازن ريحاوي قِدر السحلب الساخن الذي انتهى من إعداده للتو، ينزل به من الطابق الثالث إلى عربته المركونة بجانب الطريق ليبدأ يومه البارد متجولاً في الحارات.
قد يستمد بعض الدفء من بخار السحلب المنبعث من القدر عند سكب السحلب لبيع الزبائن، كما أنه يحتاط باللباس الشتوي السميك لمقاومة البرد في رحلة سعيه اليومية إلى الرزق.
عند ساعة مدينة كفرتخاريم حيث نقطة التقاء طلاب المدارس تستقر عربته المكتوب عليها “سحلب سخن، كعك سخن”، فالمعروك الطازج والسحلب وجبة منسجمة النكهة، يقول أحد الزبائن. ابن حي السكري في مدينة حلب يحفظ بدقة تاريخ تهجيره من مدينته في الثامن والعشرين من كانون الأول قبل سبع سنوات إلى مدينة كفرتخاريم.
لم يكن بيع السحلب منذ أربع سنوات العمل الأول له بعد تهجيره، سبقه تجربته للعمل بمطعم فلافل ثم عامل بناء لكن الأجور القليلة جعلته يفكر بعمل مستقل فصنع عربة يجني منها دخلاً أفضل.
تتبدل عربته بحسب فصول السنة، ففي الصيف يبيع مشروبات باردة مثل العصير والتمر الهندي والسوس والجلاب وفي الشتاء يبيع السحلب الساخن والمعروك الطازج.
يقسم ريحاوي تاريخ عمله في حلب إلى قسمين، قبل وبعد الثورة، أثناء الثورة كان يدير محل بوظة ومثلجات وسحلب، أما قبل الثورة فكان يعمل اسكافياً يُصلّح ويُصنّع الأحذية.
عمال المياومة وأصحاب المهن مثل الميكانيكي وطلاب المدارس وغيرهم من المارة زبائن الريحاوي الذين يرغبون بهذه الوجبة الصباحية لكسر برد الشتاء.
ارتفاع سعر المواد مثل جرة الغاز والسكر والقرفة كذلك الحليب من خمس ليرات تركية إلى 14 ليرة أثر على سعر السحلب، فارتفع سعر الكأس الواحدة مع قطعة المعروك من 5 إلى 10 ليرات.
يحلم ريحاوي بامتلاك سيارة يخصصها لكل ما يتعلق بالمهنة، من التحضير والطهي فيها عوضاً عن البيت إلى التجول والبيع في التجمعات والأماكن المزدحمة مثل البازارات ليزيد دخله وتتحسن ظروفه.
عدم امتلاك ريحاوي لبراد يحفظ به الحليب أكبر المعوقات في مهنته، يقول “الحليب حساس وقد يفسد بسرعة، لذلك أضطر أحياناً لوضع الحليب بالماء البارد خوفاً من أن أصحو صباحاً فأجده غير صالحٍ للطهي”.