فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

 مواد التدفئة في الشمال السوري اختلاف في التسعير وحيرة بالتوفير-فوكس حلب

 مواد التدفئة في الشمال السوري اختلاف في التسعير وحيرة بالتوفير

محمود يوسف السويد

أكثر من تسعة أصناف من وسائل التدفئة تملأ طرق ومحلات شمال غربي سوريا، أرخصها يستهلك راتب عامل مياومة لشهرين على الأقل، ويتصدر السعر قائمة المفاضلة بينما تتذيل الصحة تلك القائمة

يلاحق سكان شمال غربي سوريا نشرات أسعار مواد التدفئة التي تصدر بشكل يومي من التجار خلال فصل الشتاء، ترتفع أسعار وتهبط أخرى تبعاً لكثرة الطلب عليها و توفرها، تدخل أصناف جديدة لتزاحم لنفسها على مكان في مدافئ العائلات التي لا يستطيع أغلبها شراء مؤونة الشتاء ويكتفون بشراء ما يكفيهم ليوم واحد أو أسبوع إن استطاعوا لذلك سبيلاً.

السعر هو المحدد الرئيس في إقبال السكان على الشراء، تليه محددات أخرى مثل الحرارة التي يمنحها كل نوع وتأثيره على الصحة والمخلفات التي يتركها من شحّار وبقايا وغازات منبعثة. دراسة التكلفة وساعات التشغيل والحاجة من كل مادة تدفئة متوفرة، عبر سؤال تجار وعائلات في المنطقة بافتراض  10 ساعات تشغيل يومياً لمدة مئة يوم (فترة الشتاء تقريباً في المنطقة) أظهرت النتائج بالترتيب السعري وفق الجدول التالي: 

مادة التدفئةاستهلاك يومياستهلاك 100 يومالسعر بالدولارالواحدةالتكلفة النهائية لـ 100 يوم
بالدولار
مواصفات
قشر المشمش7 كغ700 كغ235طن165يستعمل لوحده دون وسيلة مساعدة
قشر البندق 10 كغ1 طن185طن185ممكن خلطه- نظيف
قشر الفستق10 كغ1 طن220طن220ممكن إضافة البيليت – نظيف
فحم حراقات9 كغ900 كغ210طن189مخاطر صحية عدة- وبيئة غير نظيفة
غاز منزلي1.5 كغ17 اسطوانة13اسطوانة221خطر الانفجار والاختناق- لا يصلح في أيام البرد القارس
الكهرباء20 كيلو
وا ط
2000 كيلو واط 0.14كيلو واط280يختلف بحسب نوع المدفأة- ولا يكفي لوحده مع اشتداد البرد
حطب زيتون14 كغ1400 كغ225كغ315أخضر غالباً- صعوبة تشغيل- أدخنة ومستوى نظافة أقل
مازوت محسن5  لتر500 لتر 0.69لتر345تدفئة جيدة- رائحة غير محببة
مازوت اوروبي5  لتر500 لتر 1.08لتر540تدفئة جيدة- كلفة كبيرة

رصدنا تسعة أنواع من مواد التدفئة المستخدمة في شمال غربي سوريا، ويتصدر المازوت الأوروبي قائمة الأسعار يليه المازوت المحسن فحطب الزيتون، بينما تتذيل القشور بأنواعها (المشمش والبندق والفستق) والفحم الحجري لائحة الأسعار، أما الكهرباء والغاز فتأخذان مكانهما وسط الترتيب.

تفسّر التكلفة القليلة والحرارة العالية إقبال كثير من العائلات على اعتماد قشور اللوزيات في التدفئة، بحسب حسن أبو فاروق، يملك محلات بيع لقشور التدفئة في قرية البردقلي بريف إدلب. ويقول أبو فاروق إن أسعار قشور اللوزيات تراجعت عن العام الماضي بنسبة وصلت إلى 20%، ويضرب مثالاً عن قشر الفستق المغربل والذي يباع اليوم بـ 220 دولاراً للطن، في حين تجاوز سعره في العام الماضي 250  دولاراً.

ولكل نوع من قشور اللوزيات سعره وزبائنه ومشكلاته أيضاً، إذ ينصح أبو فاروق، بحسب خبرته، العائلات باستخدام قشور المشمش في التدفئة، يقول “إن ثمن طن واحد من قشور المشمش يصل إلى 235 دولاراً، لكنه الأوفر من جهة الاستهلاك، إذ تحتاج العائلة لنحو 700 كيلو غراماً لتشغيل مدفأة لمدة مئة يوم، في الوقت الذي تحتاج فيه نفس المدة نحو طن من القشور الأخرى مثل البندق أو الفستق”.

ويتميز قشر المشمش “بتحوله إلى جمر ما يطيل فترة اشتعاله، شريطة عدم مزجه مع أصناف أخرى من القشور أو مادة البيليت ( حبيبات تصنع من مادة نشارة الخشب وبعض المخلفات التي تساعد على تسريع الاشتعال وأحيانا تستخدم وحدها، ويبلغ سعرها مئة وسبعين دولاراً للطن الواحد) التي تسرع من ذوبان الجمر وتزيد من التكلفة”.

يفضل عبد الباسط العبد الله، موظف في مدينة سرمدا بريف إدلب الشمالي، قشر المشمش عن غيره من القشور، بسبب درجات احتراقه الجيدة بخاصة في أيام البرد القارص، يقول” اشتريت نصف طن من قشر المشمش و 300 كيلو غرام من قشر الفستق اخلطهما معاً بهدف التوفير، لكن أيام البرد استخدم المشمش وحده”.

لا يأخذ كثر بنصيحة أبي فاروق، إذ تتصدر قشور البندق قائمة أصناف القشور الأكثر مبيعاً، ويرجع أبو فاروق السبب لرخص ثمنه مقارنة بغيره من أنواع الوقود، إذ يبلغ سعر الطن اليوم 185 دولاراً، ودرجة اشتعاله الجيدة خاصة القشر المستورد من جورجيا والذي يأتي في المرتبة الأولى يليه الأذري فالتركي.

مصطفى زعتور، وافد إلى مدينة سرمدا من كفرنبل، قال إنه اشترى طناً من قشر البندق نهاية الصيف الماضي بـ 195 دولاراً خوفاً من ارتفاع سعره شتاءً (كالعادة)، لكنه تفاجأ بانخفاض سعر الطن إلى ما دون 160 دولاراً مطلع أيلول قبل أن يعاود ارتفاعه من جديد. ويحتل قشر اللوز المرتبة الثانية من حيث السعر، إذ يباع بـ  190 دولاراً للطن الواحد، لكن درجة احتراقه أقل من أنواع القشور الأخرى وهو ما يفسر عزوف السكان عن شرائه، بحسب أبي فاروق.

لا يرغب وليد العواد، تاجر حطب في مدينة سرمدا، ببيع القشور في محله، قال إن له تجربة سيئة معها منذ عامين حين قرر التجارة بها فـ “امتلأت مستودعاته بالفئران”. يفضل العواد الحطب في التدفئة والبيع، ويخبرنا أن أسعاره تتراوح في العام الحالي بين 185 و 225  دولاراً، بحسب نوع الحطب وصنفه، من زيتون وصنوبر وكينا وسنديان، والتي باتت تختفي من الأحراش بسبب القطع الجائر. يقدر العواد حاجة الأسرة من حطب الزيتون على سبيل المثال لمدة مئة يوم بطن ومئتي ألف كيلو غرام، تزيد هذه الكمية في أنواع أخرى من الحطب.

 الاعتياد على استخدامه في المنطقة ووجود المدافئ ذات السطح العريض وقلة الأضرار الصحية والرائحة غير الواخزة يعطي الحطب تفضيلاً عند عائلات كثيرة، يقول هشام الاسماعيل، مدرس يسكن في مخيم القلعة بريف سرمدا،  إن “استخدام الحطب إضافة لما يمنحه من دفء يوفر على العائلات ثمن اسطوانات الغاز، إذ تستخدم مدفأته للطهي وتسخين المياه أيضاً”.

 مواد التدفئة في الشمال السوري اختلاف في التسعير وحيرة بالتوفير-فوكس حلب

لربات المنازل معيار إضافي في اختيار وسيلة التدفئة، تقول أم حسن، خياطة وأم لخمسة أطفال في مدينة الدانا،  “أبحث عن الوسيلة الأنظف حتى إن لم تكن الأوفر ، لذلك اخترت قشر الفستق وابتعدت عن الحطب وما يصدره من شحّار وأدخنة”.

ولأم عماد رأي آخر يخالف حتى عمل زوجها في بيع قشور الفستق واللوزيات حيث يملك محلاً على طريق البردقلي بريف إدلب، إذ اعتمدت في العام الحالي على المازوت كوسيلة تدفئة. يرى مأمون أبو عماد في المازوت وسيلة تدفئة سهلة الاستخدام وسريعة الاشتعال و بمخاطر صحية أقل، لكنه لا يخف أن استخدامه للمازوت جاء تلبية لرغبة زوجته.

المازوت هو الأكثر تكلفة من وسائل التدفئة لكنه الأكثر تفضيلاً للعائلات وربّات المنازل على وجه الخصوص، يقول خليل الدرويش، موظف خمسيني من مدينة الدانا، إنه استقر على المازوت كوسيلة تدفئة منذ ثلاث سنوات بعد تجربة وصفها بـ “المريرة ” مع كل وسائل التدفئة من حطب وفحم وقشور وغيرها. ويتراوح مصروف العائلة، بحسب الدرويش بين 3 إلى 7 لترات يومياً من المازوت، يتحكم بذلك ساعات التشغيل وبرودة الطقس.

وتتوفر ثلاثة أصناف من المازوت في شمال غربي سوريا، الأوروبي ويبلغ سعر اللتر الواحد 1,08 دولار، والمحسن بسعر 0,7 دولار لليتر الواحد، والمازوت الأحمر بسعر 0,6 دولار لليتر. يتمايز كل نوع عن الآخر بسرعة الاحتراق ودرجة الحرارة المنبعثة عنه، لكن من تحدثنا معهم قالوا إن أغلب مستخدمي المازوت للتدفئة يشترون النوع المحسن الأقل تكلفة والأجود لجهة الدفء.

بين القشور والحطب والمازوت، هناك من يلجأ إلى طرق أخرى في التدفئة مثل الفحم الحجري، ويقدر استهلاك الأسرة وسطياً منه بنحو عشرة كيلو غرامات، ويبلغ سعر طن فحم الحراقات نحو 210 دولاراً. كذلك أسطوانات الغاز المنزلي (البروبان) المعد للطهي، ويستخدم بدرجة قليلة وذلك لقلة الدفء التي يمنحها في شتاء الشمال السوري البارد و مخاطر استنشاق غازه والرائحة السيئة التي يتركها، وتحتاج الأسرة نحو أربع أسطوانات من الغاز شهرياً للتدفئة، سعر الواحدة منها 13 دولاراً.

تأتي الكهرباء في المرتبة الأخيرة لجهة اعتمادها كوسيلة تدفئة فهي لا توجد سوى في مراكز المدن الكبرى ولم تصل إلى مناطق المخيمات والتجمعات الصغيرة نسبياً، وشهد سعر الكهرباء انخفاضاً ملحوظاً مؤخراً، حيث بلغ سعر الكيلو واط الساعي 0,14 دولار بعد أن كان 0,21 دولار، تقدر تكلفة التدفئة الكهربائية بحدود 2 كيلو واط في الساعة لمدفأة استطاعتها 2000 واط، ما يعني دفع 3 دولارات في اليوم لعشر ساعات تشغيل.

 كل ما يصلح للحرق بات وسيلة تدفئة في الشمال السوري، ولم يعد الاختيار متاحاً لأكثر العائلات التي، وإن حالفها الحظ بوجود مدفأة، تعتمد على ما تستطيع شراؤه بالكيلو غرام واللتر بشكل يومي، وإحراق الألبسة والبالات والأحذية والبلاستيك، أو الاكتفاء بالأغطية وتحمل شتاء يأملون أن يكون أقل قسوة من سابقيه.