يفتح السماح بتصدير الموالح والمكسرات والسكاكر في إدلب الباب أمام أصحاب المحامص لتوسيع أعمالهم وتنويع منتجاتهم أو فتح محامص جديدة، إذ تزايدت أعدادها خلال العامين الأخيرين. ويبلغ عدد المحامص المرخصة لدى مديرية الصناعة في إدلب، بسجلات صناعية أو حرفية، ستين محمصة، يضاف إليها محامص ما تزال تستكمل أوراق الترخيص الخاصة بها، بحسب عبد الله المصري، المدير العام للصناعة في إدلب.
وتقسّم هذه المحامص بحسب إنتاجها إلى محامص تجارية تختص بإنتاج أنواع محلية (شعبية) مثل المكسرّات والموالح، ومحامص صناعية تضيف إلى ما تنتجه المحامص التجارية أنواعاً أخرى مثل السكاكر وغيرها من الأصناف.
يشرح أبو حمزة، مالك محمصة البلد في إدلب، إن ما تنتجه المحامص التجارية هو المكسرات والموالح مثل “الفستق الحلبي والكاجو واللوز والفستق السوداني والذرة والقضامة، إضافة لبزر الشمس والجبس والكوسا والقرع وغيرها من أصناف البزر”، أما الصناعية فيضاف إليها أكثر من عشرين نوعاً من السكاكر مثل “الملبس والسميري”، وكانت جميعها تستورد من تركيا قبل أن تصنع محليّاً.
يملك أبو حمزة محمصة تجارية وصناعية في آن معاً، ويرى أن زيادة عدد المحامص وتنوع إنتاجها حدّ بشكل كبير من استيراد أصناف كثيرة، على العكس أصبحت هذه المحامص تصدّر منتجاتها محليّاً إلى مناطق قسد والنظام وإلى أوروبا عبر تجّار يشحنونها إلى تركيا ومن ثم إلى دول أخرى.
ويقدّر أبو حمزة حجم التصدير إلى أوروبا بنسبة تتراوح بين 7 إلى 10% من إنتاج المحامص، أما التصدير المحلي فيصعب تقديره لأنه يختلف بحسب الطلب وفتح المعابر أو إغلاقها. ولا يقتصر التصدير على الموالح والمكسرات بل أصبحت محامص تصدّر إنتاجها من السكاكر أيضاً، خاصة مع وجود أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين في أوروبا وزيادة الطلب على المنتجات السورية.
تعتمد المحامص على المكسرات والموالح المحلية والمستوردة في عملها، إذ تشتري أصنافاً ينتجها مزارعون محليون مثل “بزر العباد والجبس والفستق السوداني والذرة البلدية والتي تتركز زراعتها في مناطق عفرين وجرابلس بريف حلب وزردنا ومعرة مصرين وسهل الروج في ريف إدلب”، إضافة “للفستق الحلبي واللوز الذي تحصل عليه المحامص من جرابلس وريفها ومنطقة أريحا وجبل الأربعين وجبل الزاوية”، بحسب من تحدثنا معهم من أصحاب محامص.
وتستورد المحامص أصنافاً من المكسرات والموالح النيئة لتحميصها وبيعها مثل “بزر الجبس الأبيض ومصدره السودان ومصر، وبعض أصناف بزر عباد الشمس الذي يستورد من دول عديدة مثل الأرجنتين وأمريكا وبلغاريا وتركيا ومصر وأوكرانيا، والحال ذاته بالنسبة للفستق حيث تتنوع مصادر استيراده من دول الهند والسودان والبرازيل والصين ومصر، أما الكاجو فيستورد من فيتنام والهند والبرازيل، وبالنسبة للقضامة والبندق النيئة تستورد أصنافها كافة من تركيا”.
ويقول أبو حمزة ” نضطر في كثير من الأحيان لاستيراد أصناف من المكسرات والموالح لأسباب عديدة منها فرق السعر، كذلك الجودة وهو ما يفسر اختلاف أسعار المكسرات بين صنف وآخر ومحمصة وأخرى”. ويضرب أبو حمزة مثالاً عن “بزر عباد الشمس” الذي يستورد من دول عديدة لجودته العالية مقارنة بالمنتج المحلي ذي الجودة المنخفضة بسبب “قلة الاهتمام ونقص الخبرة”، على حدّ قوله.
وتتفاوت أسعار المكسرات والموالح النيئة بين المنتج المحلي والمستورد، إذ ينقص سعر طن الفستق المستورد بين 100 إلى 200 دولار عن الفستق البلدي (المحلي)، ويبلغ سعر المستورد بين 1400 إلى 1500 دولاراً، في حين يصل سعر الفستق البلدي إلى 1600 دولاراً وما فوق.
يختلف الأمر بالنسبة إلى بزر عباد الشمس، إذ يبلغ سعر الطن المحلي منه نحو 800 دولاراً، أما المستورد فيتراوح سعره بين 900 إلى 2100 دولاراً. كذلك الذرة البلدية التي يزيد سعر طن الإسبانية منها بـ 1300 دولاراً عن المحلية، إذ يبلغ سعر طن البلدية ألف دولار بينما تستورد الإسبانية بسعر 2300 دولاراً للطن الواحد. أما بالنسبة للوز البلدي، فيتراوح سعر الطن منه بين 3 إلى 4,5 ألف دولار، والمستورد بين 4 إلى 5,5 ألف دولاراً.
وتعتمد المحامص على استيراد أصناف لا تزرع محلياً مثل البندق والكاجو وأصناف أخرى، ويحكم أسعارها السوق وطرق الشحن، إذ يتراوح سعر طن الكاجو بين 3,5 إلى 8 آلاف دولار، وجميعها تستورد من دول عديدة عبر تركيا.
وتباع الموالح والمكسرات والسكاكر في الشمال السوري بأسعار متفاوتة بحسب أنواعها و جودتها، ويبلغ سعر الكيلو غرام من الموالح وسطياً بالليرة التركية (سعر تصريف اليوم 28,5 ليرة تركية لكل دولار) نحو 65 ليرة لبزر الشمس، 75 للجبس، 140 للقرع، 80 للبزر المصري، 80 للفستق السوداني، 80 للذرة، أما المكسرات فيبلغ وسطياً سعر الكيلوغرام الواحد منها 365 ليرة الفستق الحلبي، 265 الكاجو، 300 البندق، 190 اللوز، ويتراوح سعر كيلو غرام من السكاكر بين 80 إلى 125 ليرة تركية.
تشترط مديرية الصناعة على المحامص سواء كانت تجارية أم صناعية ترخيص منشآتها لا سيما بعد اتجاه عدد منها إلى تصدير منتجاتها.
يقول مدير الصناعة عبد الله المصري إن الهدف من الترخيص “ضمان تطبيق المحامص للشروط والمواصفات القياسية، من جودة الآلات والبناء ودرجات الحرارة للتخزين والتغليف والتزام العاملين في المنشأة بشروط الصحة العامة واللباس من كفوف وكمامات وغيرها من الإجراءات”، كما تطالب المديرية المحامص بـ “بطاقة بيان للمنتج لمعرفة مواصفاته ومكوناته وتاريخ الانتاج والانتهاء واسم المنشأة”.
وتقدم المديرية للمحامص المواد الخام في حال فقدانها، إضافة لتسهيلات إدارية في عمليات استيراد المواد الخام وتصدير المنتجات، بحسب المصري الذي قال إن المديرية تسعى “لإنشاء جمعية المحامص لتنظيم هذا القطاع ومتابعة المشاكل والمعوقات وتطوير العمل والنهوض به”.
تتراوح تكلفة إنشاء المحامص بين خسمة آلاف وخمسة وعشرين ألف دولار، ويرجع من تحدثنا معهم الفارق الكبير في التكلفة إلى نوع المعدات ومعادنها مثل “بيت النار والهزاز والتوربين والحراق وطوس التمليح والملاحات وغيرها من المعدات الأخرى”، وجودتها إضافة لطبيعة عمل كل محمصة ونوعية الترخيص الذي حصلت عليه، بين التجارية والصناعية.
يقول هشام عادل، أحد التجار المختصين ببيع تلك المعدات في إدلب “إن هنالك محامص تصنع معداتها من الحديد وتتراوح تكلفتها بين خمسة إلى ستة آلاف دولار، أما معدات الكروم فتتراوح تكلفتها بين عشرة إلى اثني عشر ألف دولار”. ويضيف العادل ” يزيد ذلك المبلغ وينقص بحسب عدد المعدات الموجودة في كل محمصة، إذ يوجد محامص تعتمد على معدات أولية لتسيير العمل، وهنالك محامص صناعية تحتاج إلى ضعف هذا المبلغ نتيجة تعدد منتجاتها”.
تشكل المحامص فرصة عمل لمئات العمال في إدلب، وترتبط أعدادهم بحجم المنشأة وطبيعة عملها وقدرتها على التسويق لمنتجاتها محلياً وخارجياً، ويتراوح عدد العمال في كل محمصة ما بين عشرة إلى خمسة وعشرين عاملاً تختلف أجورهم تبعاً للمهارة وطبيعة العمل، إذ يتقاضى عمال التعبئة نحو مئة دولار شهرياً، بينما يتقاضى الحرفيون نحو مئة وخمسين دولاراً، أما عمال التحميص (الطباخين) فتصل أجورهم إلى مئتين وخمسين دولاراً شهرياً.
تتعدّد أنواع المكسرات والموالح والسكاكر في الأسواق وتتفاوت أسعارها، لكن شرائها يبقى حكراً على فئة محددة نتيجة قلة الدخل وغياب هذه المواد عن سلّم أولوياتهم، ما يفرض ضرورة البحث عن أسواق بديلة للتصدير لضمان استمرار عمل المحامص وتوسيع نشاطها كمشاريع متوسطة يمكن أن تؤمن فرصة عمل لمئات العمال، وإيجاد حلّ لتصريف منتجات المزارعين المحلية وتشجيعهم على زراعة أنواع جديدة.