فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

اقتتال عائلي مسلح يوقف الحياة المدنية في أخترين شمالي حلب

حسين الخطيب

ما يزال القتال العائلي دائراً في مدينة أخترين منذ نحو شهرين، دون التوصل إلى حل يرضي الطرفين المتنازعين ويسمح للأهالي بممارسة أعمالهم اليومية دون الخوف على حياة عائلاتهم.

تُخيم حالة ذعر وتوتر بين أهالي مدينة أخترين في ريف حلب الشمالي، جراء اقتتال عائلي مسلح بين عائلتي زينو وتمرو، منذ شهرين تقريباً أسفر عن مقتل عدد من الأشخاص وإصابة آخرين من طرفي النزاع، ما تسبب بإغلاق المؤسسات الخدمية والتعليمية والنشاطات المدنية.

ترك غياب الاستقرار في أخترين وأكثر من 60 قرية وبلدة تابعة لها إدارياً، أثراً سلبياً على حياة الأهالي حيث تعطلت نشاطاتهم اليومية، في ظل استمرار حالة الاحتقان والتوتر بين الطرفين وغياب سبل الحل رغم الجهود المحلية التي تبذلها السلطات العسكرية وقوات فض النزاع، ووجاهات مدنية وعشائرية في المنطقة.

وأغلقت مؤسسات ودوائر حكومية خدمية و إغاثية وتعليمية أبوابها على وقع اشتداد القتال المسلح في مدينة أخترين، مما أدى إلى صعوبة تقديم خدمات يحتاجها الأهالي، فضلاً عن إغلاق وتضرر أصحاب مراكز ومحال ومنشآت تجارية وصناعية تعمل في المدينة.

وعبّر عدد من المواطنين في مدينة أخترين لفوكس حلب، عن استيائهم من الفلتان الأمني الذي تشهده مدينتهم، لما تسبب به من توقف مراكز خدمية حكومية، فضلاً عن تعطل أعمالهم ومهنهم، حيث رفضوا الحديث بأسمائهم الصريحة لأسباب تتعلق بالحد من “انتشار الفتنة” حسب وصفهم، آملين في وصول طرفي النزاع إلى حل سلمي يعيد الحياة إلى مدينتهم.

يقول معلم يعمل في إحدى مدارس أخترين: “إن مدارس ومراكز تعليمية ومؤسسات ودوائر حكومية أغلقت أبوابها مع بداية قتال العائلات فيما بينها خلال سبتمبر/أيلول الماضي، بعدما اشتدت حدة القتال باستخدام السلاح”.  وطالب المعلم طرفي النزاع بإيجاد صيغة حل سلمية، تجمع فيما بينهم، وتحد من حالة الاحتقان التي وصلوا إليها، حفاظاً على مستقبل آلاف الطلاب المهدد مع بدء عام دراسي جديد، إذ لا يستطيع الطلاب الوصول إلى مدارسهم لتلقي التعليم.

من جهته عبر صاحب متجر خضار وفاكهة في أخترين عن استيائه من القتال الدائر واستخدام السلاح نتيجة الخلافات العائلية التي تتكرر بين حين وآخر قائلاً: “أين نذهب؟ نترك منازلنا ونرحل من أخترين حتى نتابع حياتنا، لا يمكن قبول حالة الفلتان الأمني”.

وأوضح، أنه أغلق متجره عدة أيام بسبب تكرر اشتباكات مسلحة بين أفراد عسكريين ومدنيين ينتمون لعائلتين في أخترين، ما تسبب له بخسارة كبيرة بعد تلف الخضار والفاكهة في محله وعدم قدرته على جلب مواد جديدة  بسبب إغلاق الطرق وانتشار المظاهر المسلحة في المدينة.

ويرجع من تحدثنا إليهم  سبب تكرار الاقتتال العائلي الذي يهدد حياة السكان في المنطقة إلى “غياب عقوبات رادعة، وانتشار سلاح بين أفراد من العسكريين والمدنيين، وغياب دور الشرطة المدنية والعسكرية وقلة الوعي”.

وكان القتال العائلي  المسلح في مدينة أخترين قد نشب في 13 أيلول الماضي، عقب شجار استخدم فيه السلاح الأبيض بين شابين أحدهما ينحدر من عائلة “زينو” والآخر من عائلة “تمرو” وهما من طلاب الثانوية، إذ تسبب الشجار بوقوع عدة إصابات.

تطور القتال بين العائلتين واستخدمت فيه الأسلحة الثقيلة والخفيفة، حيث دارت اشتباكات متقطعة في شوارع المدينة ما لبث أن تحول إلى حرب شوارع بين العائلتين بعد وضع طرفي القتال دشماً وسواتر ترابية لقطع الطرقات، ما تسبب بوقوع جرحى وقتلى من طرفي النزاع.

يتبع الأشخاص المنضمين للاقتتال من العائلتين إلى فصائل عسكرية، حيث ينتسب عدد من أفراد عائلة زينو، إلى فرقة المعتصم، بينما ينتسب عدد من عائلة تمرو إلى فرقة الحمزة، اللتين تتبعان للجيش الوطني في وزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة، حسب ما أكدت مصادر محلية، رفضت الكشف عن هويتها.

وأوضحت المصادر، أن شجاراً نشب بين شابين في المدرسة الثانوية، تسبب بوقوع جروح طفيفة بينهما وعقب الحادثة اتفق وجهاء عائلتي تمرو وزينو على تحويلهما إلى القضاء لحل المشكلة، لكن ذلك لم يدم طويلاً حتى توجه أفراد مسلحين من عائلة زينو وأطلقوا رصاص على منازل عائلة تمرو مستخدمين الأسلحة الخفيفة والمتوسطة.

وأكدت المصادر، أن اشتباكات مسلحة بين عائلة تمرو، وزينو، دارت في أحياء أخترين الجنوبية، ما تسبب بمقتل شخص وإصابة 10 أشخاص من عائلة زينو، وإصابة اثنين آخرين من عائلة تمرو، فضلاً عن تضرر محلات ومراكز تجارية ومنازل مدنية.

دفعت تطورات الاقتتال العائلي أجهزة الشرطة العسكرية والمدنية وفصائل في الجيش الوطني إلى تشكيل قوات فض النزاع لوقف اقتتال العائلات، إذ نشر الفيلق الثالث أحد مكونات الجيش الوطني قواته في شوارع المدينة لضبط الأمن وحماية الأهالي.

وفي 21 أيلول الماضي، أعلنت وزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة رفع جاهزية عناصرها بشكل تام ضمن جميع المكونات العسكرية والوحدات في منطقة درع الفرات شمالي حلب بهدف ضبط الأمن والاستقرار فيها، وطلبت الوزارة من جميع المواطنين التعاون والتنسيق والإبلاغ عن أي خلل أمني في المناطق المستهدفة بالعمليات الأمنية.

شكلت لجنة من وجهاء عشائر منطقة ريف حلب تهدف إلى تحقيق الصلح بين العائلتين، اتفق خلالها على دفع الفدية، وتعويض الجرحى مالياً بتكاليف علاجية، ودفع الأضرار التي نتجت عن الاشتباك، بينما تنتشر في شوارع مدينة أخترين عربات عسكرية مصفحة ومدججة بعشرات عناصر فض النزاع مع إغلاق بعض الطرقات وافتتاح أخرى، في الوقت الذي يخيم مشهد توتر وقلق على أهالي أخترين و عائلات نازحة مهجرة.

 يتكون سكان مدينة أخترين من ثلاث عائلات رئيسة، عائلة تمرو التي تسكن في الحي الجنوبي، تعود أصولها إلى عشيرة الدمالخة. عائلة زينو وتعود أصولها إلى عشيرة حرب وتسكن في حي شمال المدينة، وعائلة حبو تعود أصولها إلى عشيرة الجيسات، إضافةً إلى عائلات أخرى، ونازحين ومهجرين من مختلف المناطق السورية.

طالبت عائلة زينو نقل موقع مجلس أخترين ودائرة السجل المدني من حي عائلة تمرو إلى منقطة يمكن الاتفاق عليها، بينما تطالب عائلة تمرو بمحاسبة المعتدين عليهم، وبعد موافقة الأطراف عبر لجنة صلح على نقل مبنى مجلس أخترين، رفضت ولاية كلس نقل المبنى كونه ملكاً عاماً وليس خاصاً ما تسبب في رفض عائلة زينو الصلح وعدم قبول دية القتيل، ووجهوا اتهامات للجنة الصلح، رغم أن مطلب نقل موقع المجلس لا يمكن أن يتم دون موافقة تركية، حسب مصادر محلية.

تتوزع إدارة مدينة أخترين على أساس عائلي، كما تقسم الإدارات في مدن شمالي حلب، حيث تدير عائلة زينو وعائلة قاسم، مكتب الزراعة ومكتب خدمات البلدية، ومكتب التربية، ومكتب المالية، ومكتب الشؤون الاجتماعية، بينما تقتصر حصة عائلة تمرو على رئاسة مجلس أخترين والمكتب الطبي، أما عائلة حبو فتدير مكتب الإغاثة وغرفة التجارة، وعائلة نايف المكتب الإعلامي، وعائلات أخرى تدير المكتب القانوني.

عقب فشل الاتفاق قتل شخص آخر  ينحدر من عائلة تمرو رمياً بالرصاص في مكان عمله، إلا أن عائلة زينو نفت مسؤوليتها عن مقتله، وسط تبادل اتهامات بين العائلتين.

رغم مضي نحو شهرين على بداية القتال العائلي في مدينة أخترين ومساع كل من الشرطة العسكرية ووجهاء المدينة والعشائر للتوصل إلى اتفاق يرضي الطرفين، ما يزال القلق والاحتقان يحكمان المشهد في المدينة، وما تزال المدارس والمرافق الحكومية والخدمات معطلة في انتظار اتفاق يحمي سكان المدينة والوافدين إليها ويسمح لهم بالخروج من منزلهم لممارسة أعمالهم دون الخوف على حياتهم وحياة أبنائهم.