تحوّلت أبنية مشادة على أطراف الطريق الزراعي في مدينة الدانا بريف إدلب، سواء الأبنية المرخصة أو غير المرخصة، إلى ركام بعد قرار إزالتها، ما انعكس بشكل سلبي على أصحابها وخسارة قسم منهم لمحلاتهم دون تعويض، وسط مخاوف بفرض ضرائب مرتفعة على ما تبقى من محلّات.
الإزالة جاءت إثر قرار وزارة الإدارة المحلية والخدمات في حكومة الإنقاذ بتوسعة الطريق الذي يصل مدينة الدانا ببلدة دير حسان، نتيجة الأزمة المرورية الخانقة التي يشهدها الطريق الذي تحوّل إلى طريق تجاري يضم عشرات المحلات والمولات يومياً.
وبحسب الإدارة الفنية لبلدية المنطقة الشمالية في مناطق حكومة الإنقاذ فإن مشروع التوسعة جاء “وفق المخطط التنظيمي لتوسعة مدينة الدانا والتي كان من ضمنها توسعة الطريق الزراعي الممتد على مسافة 1750 متراً، ليصبح عرض الطريق 22 متراً عوضاً عن 7 أمتار، وتخديمه بالإنارة والمياه والصرف الصحي”.
قرار التوسعة، رغم ما يحمله من فائدة لحلّ الأزمة المرورية، إلا أنه ترك آثاراً سلبية على محلات وأبنية شملها قرار الهدم، بحسب سعد الياسين، صاحب محلّ تجاري في المنطقة.
محل الياسين، إضافة لعدة أبنية أخرى شيّدت بشكل مخالف للمخطط التنظيمي مع غياب شبه تام عقب عام 2011 للمؤسسات والرقابة في ذلك الوقت. يقول الياسين “تلقيت إنذاراً بالإخلاء وهدم الأجزاء المخالفة من منزلي قبل ثلاثة أشهر للبدء بمشروع التوسعة، وقد حملنا الإنذار تكلفة الهدم ونقل الركام دون تعويض مالي أو حتى المساعدة بعملية الهدم والإزالة”.
واعتبر محمد الأمين، مراقب فني في بلدية المنطقة الشمالية، ما اتخذته البلدية من إجراءات محقاً، خاصة أنه طال فقط “الأبنية المخالفة التي بنيت خلال فترة غياب الحكومة والإدارة المحلية بين عامي 2012 -2016، وتجاوز أصحابها على الأملاك العامة في المدينة”.
أما الأبنية المرخصة فأزيلت بالتوافق مع أصحابها ومقابل تعويض مالي تكفّلت به الحكومة أو أصحاب المحلّات المجاورة لقاء إعفائهم من ضريبة “تحسين الوضع” التي ستفرض لاحقاً بعد إتمام التوسعة.
يقول مضر الشيخ، أحد أصحاب المباني المرخصة المزالة إن موقع بنائه شكّل عقبة أما مشروع التوسعة نتيجة وقوعه في جسم الطريق، ما دفع القائمون عليه إلى التفاوض معه على مدى أشهر لحين قبوله بقرار الهدم.
ويضيف الشيخ أن قرار الهدم لم يأت تحت الإكراه أو الإجبار وإنما جاء وفقاً لتفاهمات أفضت إلى تعويضه مالياً عن كامل البناء وفقاً لتقديرات مهندسين ولجان متخصصة بالبناء.
وبحسب وزارة الإدارة المحلية، فإن عدد الأبنية المزالة بشكل كامل وصلت إلى ثلاثة أبنية، إضافة لتسعة أبنية أزيلت بشكل جزئي.
وتعتبر الأبنية، سواء المخالفة أو المرخصة، الموجودة ضمن الشوارع التنظيمية، أبنية مخالفة، يجب إزالتها عند فتح الطرق وتعويض أصحاب الأبنية المرخصة المزالة بالكامل، وتسوية وضع الأبنية المزالة بشكل جزئي من خلال منحهم إعفاءات من رسوم التسوية والترخيص للأبنية المشادة على عقاراتهم.
يقول المهندس سعيد الأشقر، مستشار وزير الإدارة المحلية، إنه جرى تعويض أصحاب الأبنية المزالة القانونية، أما الأبنية المخالفة فأزيلت على نفقة أصحابها الخاصة. ويضيف الأشقر إنه في حال عدم توفر الإمكانية المادية لصاحب العقار الواجب إزالته تتكفل الحكومة بالإزالة.
توسعة الطريق انعكس إيجاباً على أصحاب المحلات غير المزالة، لكنه في الوقت نفسه أثار مخاوفهم بعد معلومات أفادت بفرض ضريبة تحسين الوضع على عقاراتهم.
يقول من تحدثنا معهم من أصحاب هذه المحلات إن لجاناً أجرت مسحاً لمحلّاتهم قبيل التوسعة، وإنهم أبلغوا بطريقة غير مباشرة بوجوب دفع ضريبة التحسين التي قدروها بين 50 إلى 65 دولاراً عن كل متر مربع، تنخفض تلك القيمة في حال مشاركتهم للحكومة بتعويض أصحاب الأبنية المزالة.
وعلى الرغم من عدم صدور قرار رسمي بفرض تلك الضريبة حتى اللحظة، إلا أن من تحدثنا معهم قالوا إنها بصورتها المسربة تفوق قدرتهم على التسديد، ورأى قسم منهم أنها خطوة لإرغامهم على دفع تكلفة المشروع.
يقول محمد الأمين إنه “من الطبيعي أن يكون هنالك ضريبة تحسين وضع، لا سيما أن الطريق المستهدف يجري تحويله من طريق زراعي إلى طريق تجاري وهذا أمر روتيني يجري تطبيقه في معظم الدول”.
ملهم زكريا مالك محل أدوات صحية وكهربائية عبر عن عجزه عن تسديد المبلغ في حال تم تطبيق القرار، خاصة وأن ما سيترتب عليه بموجب التسريبات، يصل إلى نحو 50 ألف دولار بناء على المساحة التي تم قياسها لديه. يقول الزكريا” لا أنا ولا معظم أصحاب المحلات عنا قدرة ندفع، من شهرين ما بعنا شي بعد أغلاق الطريق نتيجة أعمال الاستصلاح والتوسعة وفوق هيك ضريبة”.
ويتساءل من تحدثنا معهم عن سبب هذه الضريبة، علماً أن المشروع كان بتمويل كامل من الإدارة المحلية والخدمات وبإشراف المكتب الهندسي في معبر باب الهوى.