فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

تهجين النحل طريقة حديثة للتغلب على ضيق المراعي وزيادة الإنتاج

حسن كنهر الحسين

استيراد ملكات لتهجين النحل السوري شكّل حلّاً لتحسين أنواعه في الشمال السوري بما يضمن زيادة قدرته على الإنتاج والتغلب على ضيق المراعي وتنوعها

هُجّنت أصناف جديدة من النحل السوري، وبأنواع وصفات مختلفة تحدّدها أنواع الملكات المستوردة من دول أوروبية عبر تركيا، للتقليل من التحديات المتمثلة بضيق المراعي وصعوبة التنقل وقلة التنوع، إضافة لخسارة خلايا من النحل بسبب تداعيات زلزال السادس من شباط.

ألوان مختلفة بين الأسود والبني والأصفر وبأحجام أكبر مما اعتاد عليه النحالة السوريون أهم ما يميز النحل الهجين، وفق النحال أحمد الزعتور. يقول الزعتور إن “الحجم الكبير للنحل الهجين يمنحه القدرة على الطيران إلى مسافة أبعد للبحث عن مراع جديدة، إضافة لقدرته على استخلاص رحيق الأزهار وتكوين العسل بشكل مضاعف عنه في النحل السوري صغير الحجم، وهو ما دفع النحالة لتهجينه”.

يضيف نحّالة تحدثنا معهم أسباباً أخرى، منها سرعة ونشاط النحل الهجين مقارنة بالنحل السوري، وتأقلمه مع أزهار المراعي كافة سواء (القطن أو حبة البركة أو الحمضيات ومختلف أنواع الزهور)، كذلك يزيد الخرطوم الطويل والمتسع للنحل الهجين من قدرته على جني العسل، خلافاً للنحل السوري الذي يتصف بحجمه الصغير وشراسته، إضافة لعدم قدرته على الوصول إلى قسم من الزهور بسبب خرطومه القصير، وهو ما سبب تراجع إنتاجه في السنوات الأخيرة التي شهدت ضيقاً وقلة في تنوع المراعي.

يهجّن النحل بوساطة ملكات نحل أوروبية مستوردة، ويتراوح سعرها بين 9 إلى 600 دولار للملكة الواحدة. الفارق الكبير بين أسعار ملكات النحل يأتي وفقاً لنوع وميزات كل ملكة، إضافة لعمرها وصحتها وإن كانت مزودة بشهادة منشأ و كفالتها.

يقول حمزة السيد، أحد المستوردين والبائعين لملكات النحل “أغلى الملكات سعراً هي ما يرمز لها بـ f0 ويتراوح سعرها بين 400 إلى 500 دولار للملكة الواحدة”. يعرف السيد الملكات المرمزة بـ f0 بأنها “ملكات مصدرها ألمانيا أو أوكرانيا تلقح صناعياً بوساطة أجهزة مخصصة، وهي مزودة بشهادة منشأ تحوي تاريخ الولادة وشهادة صحية تؤكد خلوها من الأمراض كافة، وشهادة للذكر الذي لقّحت منه اصطناعياً”.

ولـ f0 أصناف متنوعة، بحسب السيد، “منها ما يصل من تركيا ولا يحمل أي أوراق، وتباع بأسعار أقل من الألمانية والأوكرانية، على الثقة بين البائع والمشتري أو بموجب اتفاق بينهما لحين التأكد من نوعيتها”.

كذلك “المستوردة والتي تحمل أوراقاً لكنها تباع محلياً بأسعار أقل، بسبب عمرها، ويبيعها مالكها بعد أن أكمل المهمة التي اشتراها لأجلها بإجراء عملية التهجين، لا سيما أن النحل بشكل عام بما فيه الملكات المستوردة تعيش حتى خمس سنوات”.

تنخفض أسعار ملكات النحل في الأجيال اللاحقة من f0، إذ تسمى ملكات النحل الناتجة عنها والتي تصل أعدادها إلى المئات بـ  f1، وهي النسخة الثانية من ملكات f0، لكنها أقل جودة منها، إضافة لكونها تفتقر للأوراق والشهادات المرفقة بالـ f0 حين استيرادها.

وتتراوح سعر الملكة f1  بين 10 إلى 16 دولاراً للملكة الواحدة، ويشتريها النحالة لتجديد مناحلهم وزيادة إنتاجها من العسل كل عام أو عامين بعد وضعها مكان الملكة القديمة التي تكون قد تقدمت في السن، بحسب السيد. ويضيف أن الأصناف الأخرى من الملكات مثل f2 وf3 وغيرها من الملكات، تعتبر أجيالاً ثانوية من الـ f0، لكنها لا ترقى إلى الميزات الهجينة المستوردة.

يقول من تحدثنا معهم من نحّالة إن عملية تهجين النحل شهدت تسارعاً ملحوظاً خلال فترة قصيرة، خاصة وأن عملية التلقيح الصناعي باتت تجري في الداخل السوري من قبل بعض النحالة المختصين بواسطة أجهزة يتم استيرادها من الخارج.

ويقول محمد هاشم (أخصائي بإجراء عمليات التلقيح الصناعي للملكات الهجينة) إن العديد من الأجهزة المستخدمة في عمليات التلقيح دخلت أخيراً إلى المنطقة، لكن معظم أصحابها “أخفقوا في إجراء هذه العملية”، على حدّ قوله.

ويعزو هاشم سبب ضعف نجاح التلقيح الصناعي المحلي إلى “نقص الخبرة في العمل على الأجهزة وكيفية استخلاص السائل المنوي من الذكور وحقنه، أو نتيجة رداءة الجهاز المستخدم، إذ تتنوع الأجهزة المستخدمة بين الألمانية والتركية وتتراوح أسعارها بين الـ 1500 والـ 5000 دولار، بحسب جودتها ومدى توفر توابع لها، إضافة لافتقار قسم منها  لأجهزة تنظيف السائل النووي وجهاز تعقيم أدوات التلقيح، كما يوجد عوامل أخرى تتعلق بالملكات نفسها وضمان خلوها من الأمراض، بالإضافة لطبيعة المناخ”.

ويضيف” التلقيح عملية معقدة جداً وتشبه إلى حد كبير عملية طفل الأنبوب (الزرع)، وتتم بين ملكات وذكور من ضمن سلالتي “الكارنيكا” و”اللوكستيكا” المعروفتان بجودتهما عالميًا”.

 عمليات التهجين المنتشرة بهدف رفع سوية إنتاج النحل من العسل جاءت بالتوازي مع حادثة الزلزال وتداعياته التي دمرت مناحل كثيرة في المنطقة، أو تسببت بهجرة النحل من داخلها لا سيما تلك التي توجد ضمن المناطق التي تأثرت بالزلزال بشكل مباشر.    

يقول حمزة السيد والذي يتخذ من منطقة حارم مرعى لنحله، لما تحويه من أزهار وثمار متنوعة، إنه فقد الكثير من مناحله بعد زلزال السادس من شباط، بعد أن هجرها النحل كما تراجع نشاط باقي المناحل بنسبة كبيرة بالمقارنة مع عملها قبل الزلزال.

ويضيف السيد “تعرّض معظم النحالة للضرر ذاته، والذي تمثل بهجرة النحل نتيجة أسباب مجهولة أو تراجع إنتاجه، أو تأثره بعد سقوط عدد من المناحل الطابقية الحديثة ما تسببت بموته أو ما يعرف بالـ “ولدة” داخل أقراص الشمع بعد اختلاطها ببعضها البعض”.

 يفقد النحالة، حالهم حال جميع مربي الثروة الحيوانية في المنطقة، الكثير من حيواناتهم بسبب ضيق المراعي والقصف وانعدام الأمن وصعوبة التنقل، لكنهم يتحايلون على الصعوبات بطرق عديدة للإبقاء على مصدر رزقهم، ما يستدعي دعماً من قبل الجهات والمنظمات المعنية للحفاظ على هذه الثروة من الفقد والضياع