فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

200 حادث سير خلال شهرين في الشمال السوري

حسين الخطيب

المخالفات المرورية وضعف الخبرة مع ما يرافقها من بنى تحتية رديئة وغياب للشاخصات المرورية، يزيد من حوادث السير التي ترتفع شهراً بعد شهر في ريف حلب الشمالي

تتكرر حوادث السير في ريفي حلب الشمالي والشرقي بشكل يومي، إذ استجابت فرق الدفاع المدني لأكثر من مئتي حادث خلال الشهرين الأخيرين، أسفرت عن وقوع ضحايا وإصابات من الأهالي.

ويتخوف السكان من زيادة حوادث السير في المنطقة في ظل رداءة الطرقات وغياب الدور القانوني والرقابي الذي من المفترض وجوده لاسيما مع وجود مؤسسات المواصلات والمرور التابعة للمجالس المحلية، والتي تعمل على تنظيم حركة السير وإصدار شهادات قيادة ولوحات مرورية رقمية للسيارات.

ويقول زياد الحركوش، مدير المديرية الثالثة في الدفاع المدني السوري “ازدادت خلال الفترة الماضية الحوادث المرورية في شمال غربي سوريا، وباتت ثقباً أسوداً تخطف أرواح المدنيين وتسبب إعاقات دائمة للكثير من الأهالي خلال حياتهم اليومية”.

وأضاف: ” أن فرق الدفاع المدني السوري استجابت خلال شهر حزيران الماضي لـ 92 حادثاً في شمال غربي سوريا، 24 حادث منها في ريفي حلب الشمالي والشرقي، و68 حادثاً في ريف إدلب، أسفرت عن وفاة امرأة في مدينة عفرين وإصابة 95 شخصاً بينهم أطفال ونساء”.

وتابع “كانت إحصائية الحوادث في شهر أيار من العام الحالي أعلى منها في شهر حزيران الماضي، إذ استجابت فرق الدفاع لـ 147 حادثاً في شمال غربي سوريا بينها 48 حادثاً في ريف حلب و99 حادثاً في ريف إدلب، ما أدى لإصابة 131 شخصاً بينهم نساء وأطفال”.

تكرار حوادث السير التي تقع في مناطق ريفي حلب الشمالي والشرقي تعود لعدة عوامل وأسباب أهمها: البنية التحتية الطرقية السيئة، قيادة السيارات بشكل عشوائي من قبل السائقين، عجز الجهات المحلية المعنية عن إلزام سائقي السيارات بشهادات تخولهم من قيادة الآليات.

يضاف إلى ذلك، السرعة الزائدة في المسافات الطرقية القصيرة، وغياب قوانين المرور التي تلزم السائق بخط سير موحد، وقيادة أطفال للسيارات والدراجات النارية، فضلاً عن الكثافة السكانية العالية في المنطقة ما تسبب في وقوع حوادث السير، بحسب ما أوضح الحركوش.

وأشار حركوش، إلى أن رداءة الطرقات جاءت بسبب تعرضها لقصف مكثف من قبل النظام وروسيا، إضافة لتحول الطرقات الفرعية والجبلية إلى طرق رئيسة، لاسيما بعد سيطرة النظام وروسيا على مناطق مختلفة وقطعهم لطرق رئيسة كانت تربط بين المدن والبلدات.

الطرقات الحالية غير مجهزة لتخديم الأعداد الكبيرة من السيارات في المنطقة، كذلك الحمولات الزائدة من سيارات الشحن، وهي أسباب أخرى لوقوع الحوادث، خاصة في ظل غياب القدرة على تطويرها وتوسيعها من جهة، وتخديمها بشاخصات وإشارات مرور، تسهل وتنظم الحركة على الطرق.

يقول صالح بكور الذي يتنقل في سيارته بين مراكز المدن في شمال حلب ضمن عمله في تجارة الموبايلات “إن قيادة الآليات على الطرقات لا تتم بشكل منتظم، وإن نسبة كبيرة من السائقين لا يمتلكون شهادة قيادة، وخبرتهم ضعيفة لذلك تكثر حوادث السير”.

ويضيف: “هناك أطفال يقعون ضحية السرعة الزائدة في مسافات طرقية قصيرة لا تتطلب سرعة كبيرة، إضافة إلى غياب ممرات المشاة في تلك الطرقات ما يرجح وقوع الحوادث بشكل متكرر، وتكمن المشكلة الحقيقية في عدم وجود بنية تحتية”.

وتفرض مؤسسات المواصلات وشرطة المرور التابعة للمجالس المحلية في مدن ريفي حلب الشمالي والشرقي قوانين صارمة على السائقين تصل حدّ حجز السيارة في حال مخالفتها لقواعد السير أو حملها لحمولة زائدة رغم عدم توفر بنية مرورية لتنظيم السير.

يقول محمد الحسن، سائق سيارة خاصة في مدينة مارع شمالي حلب “إن شرطة المرور ضبطته بعدة مخالفات في مدينة أعزاز نتيجة مخالفته لقواعد السير، وصلت قيمة بعضها إلى 300 ليرة تركية (قرابة 10 دولار أمريكي)”.

وأضاف: “لا يوجد في المنطقة شاخصات أو إشارات مرورية توضح قواعد السير كي يلتزم بها السائقين، لذلك قد يسهو السائق ويتجاوز قواعد السير ما يجعله عرضةً للمخالفات أو وقوع الحوادث المرورية”، مؤكداً أنه  “لا يجوز مخالفة السائقين دون توفير بنية مرورية متكاملة يمكنها تنظيم السير”.

ويرى عبد الغفور الحجي سائق سرفيس يعمل على خط المواصلات بين أعزاز -الباب، أن البنية التحتية الهشة التي تعاني منها الطرقات ورداءتها ووجود حفر ومطبات غير منتظمة هي أكثر الأسباب التي أدت إلى وقوع الحوادث المرورية التي شهدتها المنطقة مؤخراً.

ويضيف الحجي: “أن الطرقات الواصلة بين مدن وبلدات ريف حلب الشمالي غير مجهزة بإشارات مرورية يمكنها إرشاد السائق كي يلتزم بقواعد السير، وفي الوقت ذاته تفرض شرطة المرور مخالفات مرورية على السائقين والتي تختلف قيمتها المالية من مخالفة إلى أخرى”.

ويؤكد الحجي على خبرته بقيادة السيارة وامتلاكه لشهادة قيادة، ومع ذلك فهو يتعرض في كل يوم لمشكلات مرورية بسبب عدم توفر الإشارات المرورية والخطوط البيضاء على الطرقات والتي من المفترض أن تساعد السائق على القيادة وفق مسار محدد”.

يقول الحجي إن الحل يكون في إخضاع السائقين لدورات تخولهم قيادة السيارات، إضافة لتمكين الطرقات وتزفيتها ووضع لافتات عليها تحدد السرعة و المنحدرات والمنعطفات والمطبات وغيرها من الأشياء التي تسهل عملية القيادة.

مدير شرطة مرور مارع، الملازم محمد يحيى النعسان، قال: “إن شرطة المرور تقوم بفرض مخالفات سير على الأشخاص الذين يعرقلون السير ويقفون في منعطفات خطرة ويتحدثون على الهاتف النقال، و الذين لا يملكون شهادة تخولهم من قيادة السيارة”.

وأضاف: “أن المخالفات تشمل حمل الأوزان الزائدة على قدرة السيارة خاصة في سيارات الشحن، وعدم وجود حقيبة إسعافية داخل السيارة”. وأوضح، أن شرطة المرور تتعامل مع المخالفات المرورية وفقاً لوقوعها دون تحميل المواطن أعباء زائدة، لا سيما مع كثرة الحفريات والمطبات العشوائية وبنية الطرق المهترئة.

وعن الحلول الممكن اتخاذها يرى النعسان، أنه لا بد من وجود آلية تلزم السائقين باستخراج شهادات قيادة تخولهم من قيادة السيارات، كذلك ضرورة  تعبيد الطرقات وتوفير بنية تحتية مناسبة لاستيعاب أعداد السيارات، فضلاً عن تخصيص طرقات خارج المدن (محلق) لسيارات الشحن وهذا ما يخفف عبء الازدحام على الطرقات الفرعية التي يرتادها أهالي البلدات.

وتعتبر عملية الحد من حوادث السير متكاملة تبدأ بالدرجة الأولى من السائق والمدنيين والتزامهم بإجراءات السلامة من خلال اتباع الإرشادات والإجراءات العامة للقيادة والقيام بها على أكمل وجه، وتجنب السرعة الزائدة واستخدام الهاتف المحمول وتناول المأكولات، مع الحفاظ على  مسافة  معينة بين المركبة والمركبات الأخرى أثناء القيادة، بحسب زياد الحركوش.

يؤكد الحركوش  على ضرورة وجود جهة تضبط قيادة السيارات وأوزانها والسرعات وقوانين المرور تكون قراراتها ملزمة، ومنع الأطفال من قيادة الدراجات النارية أو السيارات، ولا بد من العمل على تحسين جودة الطرقات من المؤسسات الخدمية لتكون عملية متكاملة.

ولا يمكن اتخاذ تلك الإجراءات إلا بطريقة تراتبية تبدأ من تهيئة بنية تحتية متكاملة للطرقات مع وجود شاخصات وممرات للمشاة، ومن خلال ذلك بإمكان الجهات والمؤسسات المعنية فرض قوانينها ومخالفة السائقين في حال تجاوزهم قواعد السير، وإلا فإنه ليس من الطبيعي إغفال السبب الرئيسي وتحميل المواطن أعباءً إضافية تتجاوز قدراته.