تعرض السوريون خلال اثني عشر عاماً لفقدان هويِّاتهم (البطاقات الشخصية) وأوراقهم الثبوتية الشخصية بشكل متكرر، جراء دمار منازلهم ونزوحهم وتهجيرهم من أحيائهم ومدنهم، من قبل النظام السوري. ومع الزلزال المدمر الذي حدث في السادس من شباط (فبراير) الماضي، فقد الكثير من العائلات التي دمرت منازلها بطاقاتها الشخصية وأوراقها الثبوتية، ما حرم عائلات الاستفادة من استجابة المنظمات الطارئة للمتضررين من الزلزال.
لم يستطع خالد العلي، مهجر من دمشق ويقيم في جنديرس، إخراج أي شيء من منزله لحظة حدوث الزلزال، إذ كان همه الوحيد إنقاذ أفراد عائلته من تحت الأنقاض، وقضى أربعة أيام في خيمة صديقه، حتى تمكن من تأمين خيمة له وعائلته في اليوم الخامس من كارثة الزلزال، كما روى لنا.
يقول العلي: “عند بدء توزيع الخيام من قبل بعض المنظمات والفرق حاولت الحصول على خيمة، طلبوا هويتي أو أي شيء يثبت شخصيتي، لم تفلح محاولة إقناعهم بفقدان كل ما نملك للحصول على خيمة .. حين خرجنا من تحت الأنقاض كنا بملابس النوم”.
انتقل العلي وعائلته إلى مكان آخر في جنديرس أُنشِئ فيه مخيم إيواء، تشرف عليه منظمة أخرى، وعند شرح حالتهم قدموا لهم خيمة مع مستلزمات التدفئة.
اختلفت استجابة المنظمات للمتضررين من الزلزال في الأيام الأولى، بعضها لم يقبل تسجيل أي متضرر، دون وجود ما يثبت شخصيتهم، فيما اكتفت منظمات أخرى بوجود أشخاص يمتلكون إثبات شخصية للتعريف بمن فقدوا هويِّاتهم وأوراقهم الشخصية.
يرجع محمد عمار (اسم مستعار) عضو بإحدى المنظمات الأمر إلى سياسة المنظمة أحياناً وإلى تفهم قائد الفريق الميداني للأوضاع في هذه الحالة بشكل رئيسي.
كثرت شكاوى سكان جنديرس وطلباتهم ببدائل لهويِّاتهم وأوراقهم الثبوتية المفقودة من مجلس جنديرس المحلي، ما دفع المجلس إلى إصدار قرار يتم بموجبه منح ورقة تعريفية ممهورة بختم مختار الحي لمن فقد أوراق ثبوتياته التعريفية.
يقول يزن الناصر، نائب رئيس مجلس جنديرس المحلي لـ “فوكس حلب”: “لم يكن طلب بعض المنظمات للأوراق الثبوتية منطقياً، نحن في حالة استجابة طارئة جراء كارثة زلزال، عند تكرار حالات الشكاوى أصدر المجلس توجيهاً لمخاتير الأحياء بإصدار أوراق تعريفية لمن يطلب من المتضررين بوجود شهود من نفس الحي يعرفون بالشخص الذي يطلب الورقة التعريفية”.
أرجع عدد ممن التقيناهم من موظفي بعض المنظمات والفرق التطوعية أسباب طلب الأوراق الثبوتية لمحاولة حصول بعض ساكني المخيمات المحيطة بجنديرس الاستفادة من وضع الاستجابة الطارئة رغم عدم تضررهم بشكل مباشر من الزلزال.
يقول صالح الجاسم، عضو في إحدى المنظمات المستجيبة للكارثة في جنديرس: “لا ننكر أن قاطني المخيمات المحيطة بجنديرس هم بحاجة لتلك الاستجابة أيضاً، إلا أنه وفي وضع كهذا تكون هناك أولويات في الاستجابة للمتضررين من الزلزال أولاً، ذلك ما دفع بعض الجهات إلى طلب أوراق ثبوتية من المتضررين وتقييد بياناتهم في محاولة لتنظيم عملية الاستجابة بالتعاون مع مجلس جنديرس المحلي ومنع تكرار الاستجابة لنفس الأشخاص مرة أخرى على حساب أشخاص آخرين”.
لم يستطع مجلس جنديرس المحلي إصدار بدل ضائع للأوراق الثبوتية الصادرة من قبله حتى الآن، بسبب عدم امتلاكه إحصائية دقيقة عن حجم الفقدان للأوراق الثبوتية. والأوراق التعريفية هي “حل مؤقت” لحين البدء باستبدالها بشكل رسمي، بحسب يزن الناصر.