فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

شبكات الإنترنت في إدلب.. جار الاتصال

شبكات الإنترنت في إدلب.. جارٍ الاتصال

محمد كنعان

  ينقطع الاتصال بـ شبكات الإنترنت مرات عديدة، وعبر التطبيقات كافة، في إدلب، خلال الاجتماعات أو ورش التدريب ودروس التعلم عن بعد في المدارس والجامعات، ويحاول المستخدمون إعادة الدخول دون […]

 

ينقطع الاتصال بـ شبكات الإنترنت مرات عديدة، وعبر التطبيقات كافة، في إدلب، خلال الاجتماعات أو ورش التدريب ودروس التعلم عن بعد في المدارس والجامعات، ويحاول المستخدمون إعادة الدخول دون جدوى، أحياناً يسبقهم صوتهم أو يتأخر عنهم، وفي الغالب يقتصر حضورهم على الاستماع دون استخدام تقنية الفيديو التي تسهل من عملية التدريب.

يقول زكي العمر (طالب في جامعة الشعب الأمريكية الافتراضية) إن الانقطاع المتكرر لـ شبكات الإنترنت في ريف إدلب الجنوبي حيث يقيم تسبب بفجوة في المعلومات، لغياب قسم وازن من الشروحات التي يقدمها المحاضر مع فقدان الاتصال.

ويروي من تحدثنا معهم من صحفيين أن ضعف الإنترنت شكل عائقاً لهم خلال عملهم وفي التواصل مع المؤسسات التي يعملون بها، أو الورش التدريبية التي يحضرونها، خاصة وأن معظم القائمين على هذه المؤسسات والورش يعيشون بعيداً عن الداخل السوري ما يجعل الحضور الفيزيائي أمراً صعباً، لتتحول الرسائل المكتوبة والمقاطع الصوتية إلى حل يرونه قاصراً في كثير من الأحيان.

وتقول أم محمد إنها لا تجيد القراءة والكتابة، وإنها في كل مرة تحاول بها رؤية وجوه أحفادها الذين يعيشون في أوروبا ينقطع الاتصال، لتحاول استعادته مجدداً، دون جدوى. وتصف أم محمد شبكات الإنترنت في المخيم الذي تعيش فيه بـ “الثوب المهترئ الذي لا تنقع معه كل محاولات الرتق”، تقول “لم يبق لنا سوى هذه النافذة للتواصل بعد أن فقدنا القدرة على رؤية أحبائنا والفرح بحضورهم، ويتكفل ضعف الشبكة بحرماننا منها”.

شبكات الإنترنت الضوئي بسرعة السلحفاة

دخل الإنترنت الضوئي، بعد سنوات من “التووايtoo way”، والأخير نوع من الاتصالات يعتمد على استقبال الإشارة من القمر الصناعي عبر صحن لاقط يتم تثبيته على سطح المنزل وينقل الإشارة عبر كابل إلى جهاز التوواي  يتصل بالناشر الذي  يبث شبكة الواي فاي للأجهزة المتصلة به، بحسب مصطفى حمادي “صاحب شبكة”.

 

ويصل الإنترنت الضوئي من تركيا عبر شبكات لاسلكية تغطي إدلب بالكامل، إذ قام أصحاب الشبكات بنصب “أبراج إرسال”على الحدود التركية السورية يصلها الإنترنت عبر الأكبال الضوئية القادمة من تركيا تقوم ببث الإشارة إلى أبراج الاستقبال المثبتة على مناطق مرتفعة في إدلب تقوم بنقل الشبكة إلى المستقبلات المنتشرة في المدن والبلدات.

سمح هذا النوع من الشبكات بدخول الإنترنت إلى كل بيت أو خيمة في الشمال السوري، لكن ضعف الشبكة رافق النوع الجديد كسابقه، إضافة لارتفاع أسعار الإنترنت مقارنة بتركيا البلد المصدر لهذه الخدمة في إدلب.

يرتبط عمل نصر الزاكي “مختص في برمجة الأجهزة الإلكترونية” بتوافر شبكة جيدة من الإنترنت، يقول إنه يتعرض دائماً للحرج أمام عملائه بسبب ضعف الشبكة وتأخره في إنهاء العمل، مع أنه ينفق مزيداً من المال لزيادة السرعة لكنه لا يحصل على نتائج مرضية، حيث يدفع خمسة عشر دولار شهرياً مقابل الحصول على سرعة خمسة ميغا بايت في الثانية، بينما يحصل زملاؤه في تركيا على سرعة خمسة وثلاثين ميغا بنفس السعر، ما يضاعف ساعات عمله ويخفف من إنتاجه. ويخبرنا أنه يحتاج لتحميل فلاشة سوفت وير سعة خمسة جيغا بايت إلى ما يقارب أربع ساعات ونصف الساعة.

بنى تحتية ضعيفة وراوترات تصل حد الاختناق

يشكل ضعف البنية التحتية وقلة تجهيزاتها، أهم العقبات التي تقف في وجه سرعة الإنترنت في إدلب، يقول مجيد الرفاعي “مهندس اتصالات” إن الأبراج تحوي مستقبلات ومرسلات ذات نوعية متوسطة الجودة وترددات ضعيفة، ما يؤثر بشكل سلبي على الإشارة خلال الأيام الماطرة والعاصفة، كما تتعرض للتلوث الترددي (التشويش) بسبب كثرة عددها، خاصة في المناطق التي تشهد ازدحاماً سكانياً، إضافة إلى تشغليها عبر بطاريات تفقد فاعليتها مع الزمن وتحتاج للتغيير باستمرار أو مولدات لا تمنحها نفس جهد الكهرباء النظامية.

ويوضح بالأرقام أن سرعة التصفح والتحميل في مناطق الشمال ما زالت بعيدة جداً عن المعدل العالمي المقدر بـ “ثلاثة وعشرون ميغا في الثانية”، بينما لا تتعدى أغلب الشبكات المنزلية عتبة “اثنين ميغا”، نظراً لضعف الحالة المادية لدى السكان.
ويتحدث الرفاعي عن أسباب أخرى لضعف الشبكة تتعلق بالاستعمال المنزلي، كاشتراك عدد من البيوت بطريقة التسلسل بواسطة مودم واحد، أو اشتراك عدد من المستخدمين على ناشر واحد ما يؤدي لوصوله إلى نقطة الاختناق وضعف السرعة، وقد ظهرت هذه المشكلة بوضوح بعد انتشار فيروس كورونا والتزام الناس في بيوتهم، أو تلقيهم التعليم عن بعد.

البحث عن الربح الإضافي فاقم المشكلة

يعمد بعض مزودي الخدمة إلى بيع الإنترنت على نطاق أوسع من المسموح به وفقاً للباقة التي يملكونها، يشرح عبيدة دقماق “موزع إنترنت بالجملة” ذلك بقوله “هناك مزودون يشترون حزمة بسرعة مئة ميغا وتكفي لمئة منزل، لكنهم يوزعونها على مئة وثلاثين منزلاً، وبالتالي يزداد الضغط على المخدم وتضعف الشبكة، بالمقابل تزداد أرباح صاحب الشبكة ويبقى المستخدم هو الخاسر الوحيد”.

يزداد الأمر صعوبة حين تكون القرية محكومة بمزودين اتفقوا مسبقاً على القيام بهذا الأمر، حيث تغيب الخدمة التنافسية ما يضيق دائرة خيارات المستخدم، ويجبره على القبول بالأمر الواقع أو يتجه لزيادة السرعة وتحمل تكاليف إضافية تثقل كاهله.

كما ألزمت المؤسسة العامة للاتصالات أصحاب الشبكات بدفع رسوم ضريبية وإجراء ترخيص ضمن المؤسسة ما زاد عليهم كلفة التشغيل وبالتالي زيادة التعرفة الشهرية على المستخدم، بحسب الدقماق.

يحصل المشتركون على الإنترنت بطرق مختلفة، يحكمها الاستقرار والعامل المادي، ويشرحها الحمادي بالقول إن هناك من يفضل الحصول على إنترنت مستقل عبر شراء جهاز استقبال “طبلية ” تثبت على السطح، وكبل وناشر “راوتر” يحقن بسرعة معينة حسب رغبة الزبون، وتبلغ كلفة هذه العملية  نحو ثمانين دولاراً إضافة إلى الاشتراك الشهري (٥ دولار لكل واحد ميغا بايت، 7 دولار لسرعة2 ميغا، 15 دولار لسرعة 5 ميغا).

ويرى من تحدثنا معهم أن هذه الطريقة مكلفة ما يدفعهم لسحب الإنترنت بالتسلسل عبر كابل يخرج من إحدى البيوت التي تحوي “طبلية” إلى البيت المجاور، ومنه كابل إلى البيت الذي يليه، على أن لا يتعدى خمسة بيوت، بغية توفير ثمن الطبلية “50 دولاراً”.

في حين يعتمد آخرون على شراء بطاقات ورقية تحوي اسم مستخدم وكلمة مرور تتيح الدخول إلى الشبكة، وتكون بأحجام مختلفة وتعمل لمدة زمنية محددة، وغالباً ما يشتريها العابرون ضمن المدن بهدف الحصول على إنترنت مؤقت أو أصحاب الدخل الضعيف ممن لا يضطر لاستعمال الشبكة إلا كوسيلة اتصال.

يرى المهندس مجيد الرفاعي أن مناطق المعارضة بحاجة لشبكة من الكابلات الضوئية تربط جميع المناطق ببعضها البعض، وتوفر شبكة جيدة وتقلل عدد الأبراج، وهذا يحتاج لخطة حكومية برأس مال كبير وتجهيزات ومعدات كثيرة، ويشير إلى أن تعزيز البنى التحتية وتطوير الإنترنت الضوئي يؤدي إلى تحسن الشبكات والوصول للخدمة المثلى بنفس الأسعار.