فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

حلول بديلة للتدفئة في فصل الشتاء مع ارتفاع أسعار المحروقات

منصور حسين

تخرج أم أحمد “نازحة مقيمة في مخيم الملعب قرب جرابلس” رفقة أولادها الخمسة للعمل في تعشيب الأراضي الزراعية وتقليم الأشجار مقابل الحصول على بعض عيدان الحطب التي ستمنحها بعض الدفء […]

تخرج أم أحمد “نازحة مقيمة في مخيم الملعب قرب جرابلس” رفقة أولادها الخمسة للعمل في تعشيب الأراضي الزراعية وتقليم الأشجار مقابل الحصول على بعض عيدان الحطب التي ستمنحها بعض الدفء في خيمتها الباردة.

تجمع أم أحمد كل ما تقع عليه عينها ويمكن تشغيله ” أكياس نايلون، علب بلاستيكية، أقمشة، قش”، لتقوم بتخزينه واستعماله خلال فصل الشتاء كعنصر مساعد للحطب الذي ستشتريه.

تخفف تلك المخلفات التي تجمعها أم أحمد من استهلاكها للحطب والذي قدرته لهذا العام بنصف طن ويعادل سعرها مئتي ألف ليرة سورية.

السنوات الطويلة التي عاشها سكان مناطق المعارضة في مخيماتهم علمتهم التأقلم مع الوسط المحيط ومحاولة الاستفادة من كل شيء لمواجهة شتاء قاس في المخيمات، ويعتمد كثير منهم على مواد غير تقليدية كـ حلول بديلة للتدفئة بهدف التخفيف من مصاريف النفط والغاز والمواد الأخرى مرتفعة الثمن مثل الحطب والبيرين ، خاصة مع ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وتناقص المساعدات عاماً بعد عام.

فحم الحراقات أحد البدائل الخطرة

بعد ارتفاع أسعار المحروقات نتيجة استيرادها ، لجأ كثير من السكان لاستعمال بقايا المواد النفطية المترسبة في حراقات النفط، ويعتبر الفحم المستخرج من الحراقات المنتشرة في ريفي حلب الشمالي والشرقي أحد الوسائل الأكثر استخداماً مقارنة بباقي أنواع الفحم “البيرين الصناعي” والفحم التركي والروسي، رغم الأضرار التي يخلفها على صحة العائلة نتيجة الانبعاثات الدخانية القوية والرائحة الكريهة.

يقول محمد الداير مهجر من مدينة حلب ويعيش في منزل طيني قرب مدينة جرابلس بريف حلب الشرقي، إننا نتوقع أن يكون الشتاء صعباً هذا العام، بالنظر إلى برودة الطقس المفاجئة والأمطار الغزيرة التي تشهدها المنطقة.

ويضيف: إن التفاضل بين مواد التدفئة المتوفرة حالياً يعتمد على تعداد الأسرة أولاً وحجم المنزل، فبالنسبة إلى عائلتي المكونة من ستة أفراد و لا تملك مصدر دخل ثابت، إذ نعتمد على ما يرسله لنا أقاربنا، فإن فحم الحراقات هو الخيار الأنسب ، بالنظر إلى سعره المنخفض مقارنة بباقي أنواع الفحم.

اعتمد محمد خلال السنوات السابقة على المازوت المكرر أو مدفأة الغاز، لكن ارتفاع أسعارها مع زيادة الاستهلاك دفعه للتخلي عنها، إذ يلزم عائلته نحو ثلاثمئة دولار إذا قرر الاعتماد على المازوت في التدفئة، بينما سيدفع اليوم بين خمسين لستين دولاراً ثمن طن ونصف الطن من “فحم الحراقات”  إضافة لشراء “خمسين كيلو من فحم البيرين أو الفحم الروسي للمساعدة على تشغيله، ويبلغ سعر الطن تقريباً 110 دولار أمريكي.

يقول من تواصلنا معهم إن هذا النوع من الوقود يترك روائح كريهة وانبعاثات غازية تؤدي للسعال وضيق التنفس والإعياء في حال تم استنشاقها بشكل متكرر، إلا أن ارتفاع سعر البدائل المتوفرة يجبرهم على معاودة استخدامه.

حلول بديلة للتدفئة وفحم البيرين من أهمها.
حلول بديلة للتدفئة وفحم البيرين من أهمها.

الغاز خيار آخر

وجد أبو أحمد وهو نازح في مدينة الباب في مادة الغاز الوسيلة الأنسب للتدفئة مقارنة بأسعار بقية المواد وحجم استهلاك عائلته المكونة من عشرة أفراد، لذا قرر الاستعاضة عن طباخ الغاز بمدفأة تمنحه الحرارة المطلوبة ويمكن استعمالها في الطبخ.

يقول: اليوم ارتفعت أسعار كل شيء، حتى الحطب بلغ السعر الوسطي لـ الطن “350 ألف ليرة مقارنة بالعام الماضي حيث كان سعره 250 ألف ليرة، ودائماً يكون التبرير ارتفاع سعر الدولار، دون أدنى مراعاة لوضع السكان الذين أجبروا على البقاء في الخيام نتيجة الفقر وانعدام فرص العمل، أو حتى المهجرين المستأجرين ممن يصارعون لتأمين مبلغ الإيجار مثلي.

تحتاج عائلة أبو أحمد نحو ألف ليرة تركية ثمن اسطوانات الغاز وتعادل 320 ألف ليرة سورية حسب سعر اليوم، لكن تسديدها على دفعات شجع أبو أحمد على استعمال الغاز، على خلاف الحطب إذ يلزم لعائلته أكثر من طنين اثنين ويبلغ سعرهما نحو ثمانمئة ألف ليرة سورية ويتوجب دفعها فور شراء الكمية، وهو ما يراه أبو أحمد أمراً مرهقاً.

أما الكاز والمازوت المكرر فلم يعد بالأمر المحبب  للسكان نتيجة مساوئ استخدامه والحرائق الدائمة التي يسببها مقارنة بأسعاره المرتفعة أيضاً، وبطبيعة الحال فإن المال غير متوفر بحسب أبو أحمد.

يندر أن يحصل النازحون على  مواد التدفئة كمساعدة من المنظمات في فصل الشتاء، ومع الارتفاع المتزايد في أسعار هذه المواد يجد السكان أنفسهم مجبرين على استعمال مواد بديلة تكون خطرة في غالبها وقد تترك آثارها على صحة السكان في المستقبل.