تمتنع عائلات في إدلب عن استخدام موانع الحمل لأسباب كثيرة أهمها، رفض الأزواج والرغبة في الإنجاب، إضافة للآثار الجانبية لهذه الموانع على صحة النساء، في الوقت الذي تصدرت فيه سوريا أعلى معدلات النمو السكاني في العالم لعام 2020 بنسبة زيادة قدرت بنحو 4.25%، بحسب دراسة أصدرتها وكالة المخابرات الأمريكية.
التقاليد الاجتماعية ترفع معدل النمو السكاني
تزوج أبو عبدو “نازح من ريف إدلب الجنوبي” ثلاث سيدات، ومنعهن من إيقاف الحمل مهدداً بطلاقهن في حال قررت إحداهن التوقف عن الإنجاب، يقول: “إنه عاش وحيداً بين ست بنات، ووالده كان وحيداً أيضاً ولطالما تعرض للتنمر من المجتمع المحيط، فقرر تعويض السنوات التي عاشها عبر أطفاله”. لدى أبو عبدو ثلاثة وثلاثين ولداً يفتخر بوجودهم ويراهم سنداً قوياً له في هذه الأيام.
ترفض عشرات الأسر في إدلب الالتزام بنظام المباعدة بين الولادات، الأمر الذي يتسبب بمشاكل صحية للأم والجنين، وقد يؤدي لفقدان أحدهم في
بعض الحالات ناهيك عن فقدان بعض الأطفال لاهتمام ذويهم خاصة في ظل النزوح وما تتعرض له المنطقة من حرب بحسب من التقيناهم.
تمتنع النساء عن تنظيم الحمل لعدة أسباب أهمها التباهي بزيادة عدد أفراد العائلة، في حين تجد بعضهن أن الإنجاب مؤشر على الشباب فتستمر به للتمايز بين قريناتها من النساء، كما أن هناك حالات من النساء لا تملك المعرفة الكافية حيال وسائل منع الحمل وأخريات لم تناسبهن وسببت لهن مشاكل صحية. ناهيك عن حالات الفقد التي عاشتها عشرات الأسر خلال سنوات الحرب ما دفعهم لزيادة عدد أفراد العائلة.
تقول رجاء الرحمون إن زوجها ألقى بحبوب منع الحمل في سلة المهملات وهددها بالطلاق في حال عاودت استعمالها. بينما شكل فقد أبو محمد لثلاثة من أولاده خلال الحرب رغبة بداخله لتشجيع نساء أولاده المتبقين على الحمل والإنجاب.
منظمات تقوم بالتوعية
تقدم بعض المنظمات جلسات توعوية للحديث عن أهمية المباعدة بين الولادات ومدى خطورة الولادات المتكررة على صحة الأم والطفل معاً، من خلال مشاريع التوعية الصحية المجتمعية التي تقوم بها الفرق الجوالة عبر زيارات منزلية تستهدف ربات الأسر، ويتم طرح مواضيع متنوعة تتعلق بالأطفال وأمراضهن ومشاكل الحمل والإرضاع كما قامت بعض المنظمات بتوزيع بروشورات ومواد صحية وتثقيفية.
تقول إيلاف شعبان (متطوعة صحة مجتمعية مع الأوسوم): إن بعض النساء يقتنعن بالنصائح التي يطرحها الفريق لكن لا يمكنهن الالتزام بها نتيجة ضغوط الزوج أو العائلة، في حين تجد بعض السيدات أن تلك المعلومات مهمة لها ولم تكن على علم بها.
وتضيف الشعبان” إن من واجبنا أن نشرح للسيدات عن وسائل منع الحمل وإيجابياتها وسلبياتها، إضافة للحديث عن أهمية تنظيم الأسرة وخطر الولادات المتقاربة على الأنثى لكن حرية الاختيار ستكون للسيدة ومجتمعها المحيط.
وسائل منع الحمل
تنتشر في إدلب عدة طرق لمنع الحمل مثل التمنيع الطبيعي “القذف خارج الرحم” وترى نساء التقيناهن أن هذه الطريقة غير مضمونة لذا يلجأ البعض لاستعمال الواقي الذكري، ويصل ثمن العلبة التي تحوي 12 قطعة إلى ست ليرات تركية، أو حبوب منع الحمل والتي تتوفر بعدة أنواع مثل حب الإيكزولينول، سعر الظرف منه 13 ليرة تركي، وكونتراسيبت، وسعره 8 ليرات تركي، كما يعتبر اللولب أحد أهم أدوات منع الحمل إضافة لأبر ديبوبروفيرا ونوريسترات، وتتوفر موانع الحمل بشكل مجاني في المشافي النسائية العامة في بعض الأوقات.
تستفيد بعض النساء من تلك الوسائل في حين لم تناسب صحة أخريات لأسباب تتعلق بطرق المنع أو لأخرى متعلقة بالنساء ومواعيد الدورة الشهرية يضاف إليها الآثار التي عكستها الوسائل عليهن جسدياً ونفسياً.
تسببت حبوب منع الحمل بالسمنة والصداع وتقلبات المزاج لأمل “سيدة من ريف إدلب الجنوبي” في حين حرمت رحاب اللبن من الحمل منذ ثلاث سنوات نتيجة الآثار المرضية التي خلفها اللولب الذي استعملته لتنظيم حملها.
تقول سلام المحمد “طبيبة نسائية”: إن الاستخدام الطويل للولب المنع يؤدي للعقم وتأخر الحمل، وقد يصبح لدى المرأة لولب هاجر في البطن حيث يضيع خيط اللولب، مما يدفعنا للقيام بإجراء عملية تنظير للبطن لاستخلاصه.
كما تترك موانع الحمل آثاراً سلبية على مرضى الضغط والسكري والمدخنين، وقد تؤدي موانع الحمل العضلية لانقطاع الطمث لفترات طويلة عند نساء معينات كما يمكن أن تسبب نزيفاً متقطعاً في حالات أخرى.
وأكدت المحمد أن “الولادات المتقاربة قد تتسبب ببعض المخاطر للأم مثل فقدانها لنسبة كبيرة من الكالسيوم وبذلك تصاب بهشاشة العظام وآلام في الظهر والحوض، بجانب ذلك الإصابة بفقر الدم، كما أنها تصبح عرضة للعديد من الأمراض التناسلية مثل سقوط الرحم والتهابات عنق الرحم، ويمكن أن تصاب بنزيف وتسمم الحمل وحمى النفاس”.
وطالب بضرورة استشارة الطبيبة المختصة قبل اختيار أحد موانع الحمل لتتجنب السيدة مخاطر بعض موانع الحمل التي قد لا تتوافق مع بنيتها الجسدية.