تمر في شوارع محافظة إدلب، وفي كل دقيقة، مئات الدراجات النارية والسيارات التي يقودها شبان مراهقون وأطفال، دون التقيد بأدبيات قوانين المرور، وبفوضى تتسبب يومياً بعشرات الحوادث المرورية.
بلا أساليب حماية كأحزمة الأمان في السيارات أو الخوذ في الدراجات النارية، وبسرعات عالية يقود هؤلاء الشبان مركباتهم، كذلك دون رخص للقيادة، متسببين بأزمات مرورية، ويصف سائقون قدامى ما يحدث بـ “المخيف”، يقولون إنهم باتوا لا يجيدون التعامل مع واقع الحال، وإنهم يتعرضون لمواقف يومية بسبب طيش المراهقين وانعدام خبرتهم بفن القيادة والالتزام بقوانينها.
الحوادث المرورية ترتفع بشكل يومي
فقد الشاب خالد حياته إثر دهسه من قبل سيارة يقودها مراهق على طريق أريحا إدلب، لتفقد والدته المعيل الوحيد لها بعد وفاة والده جراء غارة للطيران الحربي على منزلهم الكائن في مدينة أريحا.
وكان مشفى إدلب المركزي قد نشر على صفحته في الفيس بوك وصول سبعمائة وواحد وثلاثين مصاباً إلى قسم الإسعاف في المشفى، نتيجة وقوع أربعمائة واثنا عشر حادث سير، ووفاة أحد عشر شخصاً منهم، بينما دخل عشرون مصاباً إلى قسم العناية المشددة، وخضع مئة وعشرون شخصاً لعمليات جراحية.
ويقول محمد الخضر، مسؤول فرع المرور في إدلب إن ٧٠٪ من المخالفات والحوادث المرورية كانت لدراجات نارية، واصفاً الحوادث الناتجة عنها بـ “الخطيرة” والتي تؤدي إلى إعاقات وعجز دائم، إضافة للوفيات.
آليات متعددة والسائق طفل
تخبرنا سارة والدة خالد إن شهود العيان الذين كانوا متواجدين أثناء الحادث أخبروها أن ابنها لم يكن مسرعاً، وإن سائق السيارة التي صدمته طفل لا يتجاوز السادسة عشر من العمر.
ويقول سليم المهدي، ضحية أخرى نجت من حادث أليم كاد أن يودي بحياته إثر حادث تسبب له بثلاثة كسور، إضافة لرضوض شديدة في مناطق متفرقة من جسده، إن طفلاً لا يتجاوز عمره إحدى عشرة سنة يقود دراجة نارية صدمه خلال مروره قبل أن يتحرك من مكانه.
ويتساءل المهدي عن القوانين التي تسمح لطفل أن يقود دراجة نارية وسط سوق شعبي بسرعة وتهور!، مؤكداً أن ذلك يعرض حياة السكان للخطر.
ويحمل المهدي المسؤولية لأهالي الأطفال الذين يسمحون لأبنائهم بالقيادة غير آبهين بالعواقب، حتى إن كان الثمن وفاة إنسان أو تعرضه للإعاقة، كذلك للفوضى التي تشهدها حركة المرور في إدلب.
أسباب متعددة
يتفق مدنيون وسائقون التقيناهم على أن الجهل بالقوانين المرورية، خاصة عند هذه الفئة العمرية، وافتقار المحافظة لمدارس تعليمية للقيادة، وغياب جهة رسمية تقوم بفحص الراغبين ومنحهم إجازة للقيادة، السبب الأهم في زيادة الحوادث المرورية.
يضاف إلى ذلك سوء الطرقات وكثرة الحفر العشوائية وعدم تقيد السائقين بالتعليمات المرورية في ركن آلياتهم بالأماكن المخصصة، وإشغال الأرصفة بالبسطات ما يعيق حركة المارة، وكثرة المطبات العشوائية وندرة الشاخصات المرورية التي تنظم حركة المرور، كلها تزيد من ارتفاع نسبة الحوادث، وتسبب بفوضى مرورية خانقة.
ضبوط ومخالفات.. والفوضى قائمة
يصف مسؤول فرع المرور المخالفات في إدلب بـ “الواضحة التي لا تخفى على أحد!”، فبإمكان أي شخص، على حد قوله، رؤية سيارات ودراجات نارية تمشي عكس السير، إضافة للقيادة برعونة وسرعة زائدة في المناطق الآهلة بالسكان، فضلاً عن التجاوزات الأخرى..
ويقول الخضر إن إدارة المرور تقوم بتنظيم الضبوط للمخالفين، ونشر الدوريات في أغلب النقاط المزدحمة لتسهيل حركة السير في المدينة وإرشاد السائقين.
بينما يقوم قسم التحقيق بالحوادث المرورية بتنظيم ضبوط حوادث السير المبلغ عنها حيث تتوجه دوريات التحقيق لمكان الحادث لضبط إفادات الأطراف والشهود، والاحتفاظ بالآليات التي تسببت بالحادث ليتم إحالتها للقضاء المختص الذي سيبت بحكمه في القضية.
كما قام فرع المرور بنشر دوريات خاصة مهمتها مراقبة الدراجات النارية وحجز المخالف منها، والتي يتلاعب سائقوها بـ “تشبيبها وقيادتها برعونة وتهور”، وقد تم مؤخراً تنظيم عدة ضبوط وغرامات مالية بحق المخالفين.الحوادث
نشرة مخالفات متناقضة
أصدرت وزارة الداخلية نشرة لأسعار المخالفات المرورية في العاشر من آب الماضي، وتضمنت النشرة مخالفة بحق من يقودون المركبات قبل بلوغهم سن السادسة عشر واقتضت تغريمهم بمبلغ خمس دولارات أو ما يعادلها سبعة وثلاثين ليرة تركية.
وتضمنت النشرة ضمن بنودها مخالفة بحق من لا يحمل رخصة قيادة أو من يمتلك رخصة قيادة منتهية التاريخ!، رغم عدم وجود أي جهة مرورية لمنح السائقين رخصة للقيادة.
وكانت حكومة الإنقاذ قد أعفت كل من يقوم بتسجيل سيارته لدى مديرية النقل في إدلب من الرسوم المترتبة عليه وذلك لتنظيم الحركة المرورية، إذ يطلب ممن يرغب بتسجيل سيارته أن يحضر عقد البيع والشراء لتخضع المركبة بعدها للفحوص العينية، والتي تمنح على أساسها لوحات رخصة السير مقابل مبلغ أربعين ليرة تركية.
يطالب أهالٍ باتخاذ إجراءات وتدابير حازمة عن طريق إصدار قوانين وتعليمات صارمة وواضحة ومحاسبة كل من يتجاوزها، إضافة لإطلاق حملات توعوية تحذر السائقين من مخاطر القيادة، في محاولة لاستدراك هذه المشكلة التي باتت تهدد حياتهم وحياة أطفالهم.