فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

أطفال على المنافس الآلية في مشفى داخل إدلب

إغلاق الحدود ونقص معدات العناية المركزة تزيد من نسب وفيات الأطفال في إدلب

ٲسامة الشامي

تفتقر غرف العناية المركزة في مشافي إدلب لمنافس الأوكسجين، وخاصة منافس الأطفال وحديثي الولادة والخدج، إذ يتواجد ثلاثين “منفسة” للأطفال، وتسعة وعشرين “منفسة” لحديثي الولادة والخدج، بحسب إحصائية مديرية صحة إدلب، تستخدم هذه المنافس في منطقة يبلغ عدد سكانها نحو أربعة ملايين نسمة

 

فشلت المناشدات التي أطلقها ناشطون عبر وسائل التواصل الاجتماعي لإنقاذ حياة الطفلة “شام محمد عبد العزيز” التي توفيت صباح اليوم، قبل التمكن من إدخالها إلى المشافي التركية لعلاجها من التهاب الكبد والدماغ لعدم توفر العلاج المناسب لحالتها في مشافي إدلب.

الطفلة شام عبد العزيز -المصدر: وسائل التواصل الاجتماعي
الطفلة شام عبد العزيز -المصدر: وسائل التواصل الاجتماعي

وأظهرت عمليات الرصد التي قمنا بها زيادة الوفيات لدى الأطفال الخدج (المولودين قبل إتمام التسعة أشهر) والأطفال المرضى حديثي الولادة، بسبب النقص الكبير في معدات العناية المركزة، والتي تعتبر أساسية في كثير من حالات الولادة المبكرة، إضافة لإغلاق الحدود التركية أمام الحالات المرضية، بعد احتياطات جائحة كورونا.

وقال الدكتور مصطفى العيدو، نائب مدير صحة إدلب، إن محافظة إدلب وما يتبع لها من أرياف اللاذقية وحلب، تعاني أساساً من نقص كبير في معدات العناية المركزة الخاصة بالأطفال. تفاقمت المشكلة بعد إغلاق العديد من المشافي التي كانت تستقبل الأطفال بعد تهجير ريف إدلب الجنوبي، كمشفى السلام بالمعرة، ومشفى المعرة الوطني، ومشفى كفرنبل الجراحي، ومشفى بليون بجبل الزاوية، إذ كانت هذه المشافي تستقبل أعداداً كبيرةً من الأطفال وتغطي مساحة جغرافية واسعة، على حد وصفه.

ومع سيطرة قوات الأسد على بعض هذه المناطق وتهجير السكان من مناطق أخرى إثر تحولها إلى خط (تماس) جنوب الطريق الدولي توقفت هذه المشافي عن العمل وعجزت إداراتها عن تفعيلها في المناطق التي نزحوا إليها من جديد، ما زاد ضغط المرضى على باقي المشافي.

ويرى العيدو وعدد من أطباء الأطفال في الداخل السوري أن إجراءات الحجر للوقاية من كورونا فاقمت من المشكلة الطبية وتركت آثارها على الواقع الصحي، خاصة الأطفال، في إدلب، بعد إغلاق المعبر في وجه دخول الإحالات الطبية نحو تركيا، يقول العيدو” كنا نقوم بتحويل كثيرٍ من الحالات التي لا تستوعبها مشافي إدلب إلى تركيا، ما يتيح لنا تغطية النقص الكبير الذي نعاني منه، لكن ومع توقف هذه الخدمة، بسبب تحذيرات كورونا، أصبح الوضع حرجاً، إضافة  لتقليص عدد من المشافي لبعض خدماتها الطبية، نتيجة المخاوف من انتشار الفيروس”.

طفل في حاضنة أطفال داخل إحدى المشافي في إدلب
طفل في حاضنة أطفال داخل إحدى المشافي في إدلب

تفتقر غرف العناية المركزة في مشافي إدلب لمنافس الأوكسجين، وخاصة منافس الأطفال وحديثي الولادة والخدج، إذ يتواجد ثلاثين “منفسة” للأطفال، وتسعة وعشرين “منفسة” لحديثي الولادة والخدج، بحسب إحصائية مديرية صحة إدلب، وتستخدم هذه المنافس في منطقة يبلغ عدد سكانها نحو أربعة ملايين نسمة.

يقول الطبيب نصر الخلف، مدير مشفى شام التخصصي للأطفال في سرمدا، إن أسباب ما أطلق عليه وصف “المعضلة الطبية الحالية” تكمن بمشاكل عدة بالعناية المركزة، أهمها نقص معدات التهوية الآلية، وما يزيد الأمر سوء أن منافس الأطفال على قلتها لا تتناسب في غالبها مع حديثي الولادة، لان حديثي الولادة يحتاجون إلى منافس تقبل إعدادات صغيرة للأوزان، من واحد كيلو فما فوق، وبعض منافس حديثي الولادة لا تعمل على الخدج، ويقتصر عملها فقط على الأطفال تامي الحمل.

ويضيف الخلف “هناك نقص بأسرة العناية، حيث يبلغ عدد أسرة العناية بالأطفال وحديثي الولادة نحو خمسين سريراً فقط، ثلاثين منها مزودة بمنفسة أو سيباب (جهاز تنفس مساعد يفيد في علاج الحالات البسيطة والمتوسطة)، إضافة لتسعين حاضنة أطفال، تستقبل الحالات البسيطة”.

كذلك يعاني الأطفال من نقص في توافر بعض الخدمات النوعية، والكوادر المدربة على التهوية الآلية بشكل كاف، إذ لا تملك جميع المشافي القدرة على التعامل مع الحالات بالشكل الأمثل، باستثناء قلة من المشافي التي تمتلك أجهزة جيدة، بحسب الطبيب الخلف والذي يرى أن المعاناة الأكبر تخص “العناية بالخدج”، فهي “عناية مرهقةٌ جداً، لأن الأطفال فيها يحتاجون لاستشفاء طويل، قد يمتد من أيام حتى الشهر، ويحتاجون لاهتمام كبير، إضافةً لدواء (سرفكتانت)، وهو دواءٌ غير متوفرٍ، تبلغ كلفة الفلاكونة الواحدة 375 دولاراً، تكفي لطفل واحد، وزنه من كيلو غرام واحد لإثنين كيلو غرام”.

حاضنات الاطفال في إحدى مشافي إدلب
حاضنات الاطفال في إحدى مشافي إدلب

يقدر الطبيب حسان عبيد، مدير مشفى الفردوس، متوسط إبقاء الطفل على المنفسة نحو عشرة أيام، ما يعني أن المنفسة الواحدة لا تخدّم سوى ثلاثة أطفال شهرياً. يقول الطبيب عبيد إن معظم المنافس في المشافي تمتلئ خلال يومين أو ثلاثة أيام بسبب الضغط الكبير عليها، لذلك اعتاد الأطباء، سابقاً (قبل إغلاق المعبر)، على قبول الطفل الذي يحتاج لمدة استشفاء قصيرة، أما من يحتاج لاستشفاء طويل فيتم تحويله إلى تركيا، لمحاولة تقديم الخدمات العلاجية لأكبر عدد ممكن من الأطفال.

يحذر عبيد من انهيار في المنظومة الصحية وزيادة في عدد الوفيات في حال إبقاء المعبر مغلقاً أمام الحالات الطبية والإسعافية، وكان الجانب التركي قد أعلن عن إغلاق معبر باب الهوى في  13/3/2020 ، أمام حركة المسافرين، والمرضى من أصحاب الحالات الباردة، كإجراء احترازي للحد من انتشار فيروس كورونا، واقتصر العمل فيه منذ ذلك الوقت على دخول الشحنات التجارية والإغاثية ، والحالات الطبية الساخنة التي توقف دخولها أيضاً بعد عدة أيام.
وقال مازن علوش (مدير المكتب الإعلامي لباب الهوى) لفوكس حلب، كما صرح لموقع بوابة سوريا ” إن الجانب التركي، قبل جائحة كورونا، كان يسمح بدخول ثلاثين حالة مرضية باردة يومياً، إضافة لعدد غير محدود من الحالات الإسعافية يبلغ وسطياً من عشرة إلى خمسة عشر حالةً يومياً، إذ بلغ عدد المرضى الذين دخلوا للعلاج في تركيا خلال العام الماضي أكثر من عشرة آلاف مريض”.

وأضاف العلوش أنه ومنذ مدة انتشرت مناشدات من الأهالي، لإدخال بعض الحالات الخطيرة للعلاج في تركيا، وقام الجانب التركي بالاستجابة لبعض هذه المناشدات، حيث دخلت أول حالةٍ استثنائية يوم 22 نيسان، ومنذ ذلك الوقت أصبح الجانب التركي يقبل بدخول بعض الحالات استثنائياً، شرط وجود خطر على حياتها، وذلك بعد تنسيق مباشر مع إدارة معبر باب الهوى.

تجد بعض الحالات الإسعافية من يروج لها إعلامياً، عبر مناشدات يتناقلها نشطاء إدلب، بغية إيصالها للجانب التركي، حتى يسمح لها بالدخول، كما حدث في الآونة الأخيرة، في حين بقيت كثير من الحالات عاجزة عن إيصالِ صوتها، لتنتظر مصيرها وهي عاجزة عن فعل أي شيء، خاصة في حالات الأطفال حديثي الولادة والخدج التي لا تحتمل وقتاً للمناشدات، لتلقى مصيراً مشابها لمصير الطفلة شام والتي قضت صباح اليوم تاركة أسئلة كثيرة دون إجابات، حول الواقع الصحي والإجراءات الوقائية لضمان حياة الأطفال في المنطقة.