يضيق صدر زوجة إياد ذرعاً بدخوله إلى الـ مطبخ طيلة شهر رمضان، وتدخله “غير المفيد” بما لا يعرفه أو يتقنه، بل يكتفي بتوجيه النصائح التي تسيء لمذاق “الطبخة” في حال تم تنفيذها.
تقول زوجة إياد إنه يعرف انزعاجها من دخوله إلى المطبخ خلال تحضير وجبة الإفطار في رمضان، إلا أنه يقضي الساعتين الأخيرتين في جولات مكوكية بين الغرفة والمطبخ ، ويخترع أسباباً وحججاً للبقاء ومراقبتها خلال إعداد الفطور، أحياناً يعرض عليها المساعدة وغالباً ما تندم على قبولها بذلك.
تقول الزوجة إن إياد مقتنع بأن أي إضافة يقدمها الرجل على مكونات أو طريقة الطبخ لطبق معين سيجعله ألذّ، كذلك على الزوجة أن تتحمل سيلاً من المديح الذاتي مع كل لقمة لشيء قدم فيه النصح أو رش عليه الملح، ناهيك عن الصور التي سيلتقطها ويطرشها على وسائل التواصل الاجتماعي وحالات الواتس آب، مع عبارة تدل على أنه من طبخ دون ذكر للزوجة، تصف زوجة إياد ما يحدث بـ “الغبن” ولكنها لن تستطيع فعل شيء إزاء ذلك، “شهر وبيمرّ” تقول وهي تزفر داعية الله أن يصبرها فيه على ما ابتلاها.
وجبة الإفطار مثار خلاف دائم بين الرجل وزوجته في شهر رمضان، إذ تكثر طلبات الرجال الذين يبحثون في مخيلاتهم عن أطباق مميزة ويستعيدون ذاكرة أكلات تحتاج للوقت والجهد دون أن يأخذوا بالاعتبار صيام الزوجة والتعب الذي يسببه لها طبخ الأصناف المختلفة الصادرة عن قرارات متباينة أطلقها الرجل، تقول لنا إحداهن إن الرجال في رمضان “يتوحمون”، وهو ما يفرض على النساء مجاراتهم لنيل الرضا، حتى على حساب تعبهن.
ترى منال الحل في إشراك الرجل بالمطبخ وعدم الانزعاج من وجوده، تقول إن زوجها حسان “طباخ بالفطرة” رغم ما يحدثه في المطبخ من فوضى، وكثرة الأسئلة عن مكان الأدوات والبهارات..
وتضيف منال إنها تتناسى الفوضى التي يتركها خلفه حين تتذوق إحدى الوجبات التي يحضرها، فـ “لديه نفس مميز في الطبخ” واقتراحاته ناجحة في غالبها، وإنها لم تجد مشكلة بدخوله الـ مطبخ ومشاركتها الطبخ منذ جلوسه في المنزل وبداية شهر رمضان. تضحك وهي تخبرنا أن كل السوريين في العالم عرفوا أنه طبخ “كباب هندي” يوم أمس، وإن صوره ملأت وسائل التواصل الاجتماعي مع الكثير من عبارات الثناء والفخر.
لا تنكر منال صبر زوجها على “طعامها” بداية زواجها، وإنه قام بتعليمها طهي بعض الأكلات، ولذلك ترد الدين اليوم بالسماح له الدخول إلى الـ مطبخ لكسر ملل الساعات الطويلة قبل أذان المغرب.
ولرحاب وجهة نظر أخرى ترى في المطبخ مملكتها وعليها حمايته من تدخل زوجها فيصل التي وصفتها بـ “غير المسؤولة”، ما يسبب التأخر بإعداد الوجبة نتيجة بطئه في أداء العمل الذي فرضه على نفسه دون سؤال من أحد، يتطور الأمر سريعاً بينهما إلى مهاترات لفظية، بينما يبحث فيصل عن قائمة انتقادات لطعام رحاب تبدأ بـ “مالحة أو ناقصها توابل”، ولا تنتهي عند مو “قلتلك لسا بدها شوي عالنار”، مؤكداً أن من الزوجة التي لا تستمع لنصائح زوجها “هذه طبختها!”
عمار ينأى بنفسه عن هذه المهاترات ويبتعد عن المطبخ بالكامل، يقول إن الطبخ ليس من هواياته وإنه مسبقاً يعلم عدم قدرته على تقديم ما يفيد، ولذلك يشغل نفسه بأشياء أخرى تلهيه قبل الإفطار، من مبدأ “ريح راسك”.
بهية الملا “أخصائية اجتماعية” قدمت لنا مجموعة من النصائح الزوجية الرمضانية، على الجميع التوقف عندها:
“سيدتي: دعي زوجك يساعدك في الأمور التي تدركين قدرته عليها، منها السلطات -الشوربة -تزيين الأطباق، ولا تعتبري دخوله المطبخ جريمة ونقمة، تعاملي معه برفق وكوني ذكية، فانزعاجك سيزيد عنده وإصراره على البقاء في المطبخ، حاولي سؤاله عن الأطعمة التي يرغب بتناولها بشكل مسبق، وقتها لن يثقل عليك بالطلبات، وأخيراً، إن طول فترة الصيام والملل الذي يرافقها يدفع الأزواج لملء فراغهم فيدفعهم فضولهم إلى المطبخ “شهر وبيمرق لا تزوديها”.
بعد الإفطار يتحول الزوج إلى شخص يكره دخول المطبخ، يتربع في مكانه ويترك لزوجته مهمة ترتيب الفوضى التي أحدثها، وجلي الأطباق، وتحضير الحلويات والمشاريب و”نفاضة السجائر” وإيقاظه على السحور..