فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

سيارة تحمل أثاث عائلة نازحة عائدة إلى مدينة الأتارب بريف حلب الغربي

عودة خجولة للنازحين وآمال بعودة دائمة

فاطمة حاج موسى

وثق فريق منسقو الاستجابة عودة 34،766 نازحاً حتى تاريخ التاسع والعشرين من الشهر الحالي، توزعوا على الشكل التالي 58.6% في ريف حلب و41.4% في ريف إدلب وهو ما يعادل 3.34% من نسبة النازحين الذين تم تهجريهم منذ تشرين الثاني 2019.

 

ثلاثة أسابيع من الهدنة لم تمنح النازحين شعوراً بالأمان ليعودوا إلى منازلهم، فالخوف من نقض الهدنة واستئناف العمليات العسكرية من جديد. أجبرتهم على التفكير بشكل معمق في العودة إلى بلداتهم
وثق فريق منسقو الاستجابة عودة 34،766 نازحاً حتى تاريخ التاسع والعشرين من الشهر الحالي، توزعوا على الشكل التالي 58.6% في ريف حلب و41.4% في ريف إدلب وهو ما يعادل 3.34% من نسبة النازحين الذين تم تهجريهم منذ تشرين الثاني 2019.
يستغل الأهالي في ريف حلب الغربي فترة الهدوء للعودة إلى قراهم، وتفقد منازلهم، ونقل بعض الأثاث الذي تركوه حين هجرهم القصف على عجل، في حين قرر بعضهم العودة للمدينة رغم انعدام مظاهر الحياة اليومية.

نزحت مريم إلى مدينة إدلب، لكن بعد أقل من شهر بدأ القصف على المدينة ما أجبرها على العودة إلى مدينة الأتارب، تنقلت مريم بين منازل أقاربها في سرمدا و الأتارب خلال الفترة التي تعرضت فيها مدينة الأتارب للقصف إلى أن استقرت الأحوال وعادت لمنزلها.
تقول مريم إن مدينة الأتارب  تفتقر اليوم لمعظم الخدمات الرئيسية ما يدفع زوجها  للذهاب للقرية المجاورة وشراء كمية من الخبز لعائلته وللقلة المتواجدين ضمن المدينة، والذين يعتمدون على بعض البقاليات المتواجدة لتأمين احتياجاتهم اليومية.

الدمار في مدينة الأتارب بريف حلب الغربي
الدمار في مدينة الأتارب بريف حلب الغربي

يجري أبو عبد الرحمن بعض الترميمات لمنزله الذي تعرض للضرر نتيجة القصف الذي طال المدينة، رغم خوفه من استئناف الأعمال العسكرية، لكن عجزه عن العثور على منزل وإقامته لأكثر من شهرين عند أقاربه دفعه للاستعجال بأعمال الترميم، مبرراً أنه في حال أجبر مرة أخرى على النزوح سيعتبر أن الأموال التي تكلفها على منزله قد دفعها آجاراً لأحد المنازل في مكان آمن، إذ لا خيار أمامه.

الفقر والبطالة يشكلان عائقاً أمام عودة النازحين
أقامت السيدة أم محمد فترة من الزمن رفقة عائلتها في مركز لإيواء النازحين ببلدة سرمدا، قبل أن يتم نقلهم إلى أحد مخيمات الشمال، حيث تتلقى بعض المساعدات العاجلة، كما أنها تحصل على المياه والخبز المجاني بشكل يومي، الأمر الذي يدفعها للتردد في العودة إلى منزلها .
تقول أم محمد: “لا يمكنني العودة حالياً لأن زوجي يجلس دون عمل، هنا نحصل على الطعام والأساسيات، لذلك لن نعود حتى يعود الأمان للمدينة خصوصا بعد الرحلة القاسية التي عشناها بعد خروجنا من المدينة”
يكتفي أبو محمد بزيارة منزله كل فترة للتأكد من سلامته، ويحكم إقفال أبوابه، صارفاً النظر عن العودة للأتارب في الوقت الحالي.

عودة بعض النازحين إلى قرية السحارة بريف حلب الغربي رغم الدمار الحاصل في منازلها
عودة بعض النازحين إلى قرية السحارة بريف حلب الغربي رغم الدمار الحاصل في منازلها

من ناحية أخرى لا ترى السيدة أم خالد أملاً في العودة القريبة إلى قرية السحارة، فقد تدمر منزلها نتيجة القصف الذي تعرضت له البلدة، ولا تملك ما يعينها على ترميمه. تقول “حتى لو في أمان، مابقدر أصرف كلشي معي ع ترميم البيت وإبقى أنا وأولادي بدون مصروف بهيك وقت”.

أوضاع ريف إدلب الجنوبي غير مستقرة بعد
تحرك مجلس محلي سرمين لإعادة تأهيل المرافق الحيوية للمدينة بهدف تخديم أكثر من 340 عائلة عادوا إلى المدينة بحسب رئيس المجلس علي الطفش الذي قال إن مطالب الأهالي الذين عادوا إلى المدينة دفعتهم للتحرك، بشكل عاجل، لإزالة الركام من الطرقات وتأمين المياه اللازمة، بعد تعطل محطة المياه المتواجدة في المدينة نتيجة القصف، كما نعمل على تأهيل فرن المدينة.
يتوقع “الطفش” أن تعود أكثر من 1500 عائلة إلى سرمين، لكن نسبة الدمار الموجودة  تمنع من الإسراع في عودتهم، حيث تعرضت ما يزيد عن40% من المنازل للضرر نتيجة القصف.
بدأت بعض معالم الحياة ترتسم في مدينة أريحا، ما شجع الأهالي على زيارة المدينة وتفقد منازلهم. تقول أم يحيى إنها تزور مدينتها كل فترة لتطمئن على أحوال المنزل، فالحشود العسكرية لنظام الأسد جنوب إدلب لا تشجع على الاستقرار، رغم عودة الحياة بشكل جزئي للمدينة، وتضيف إنها وفي زيارتها الأخيرة كان الخبز متوفراً وعادت بعض المحال والمطاعم الصغيرة للعمل، كما توافرت شبكة الانترنيت، إلا أنها تفضل البقاء في المخيم ريثما تتضح الأمور.

عودة بعض النازحين إلى قرية السحارة بريف حلب الغربي
عودة بعض النازحين إلى قرية السحارة بريف حلب الغربي

يرى “أبو أحمد” ابن جبل الزاوية أن العودة الآن محفوفة بالمخاطر، فخروقات النظام مستمرة بين وقت وآخر، والذخائر غير المنفجرة تملأ المنطقة ولا يمكن أن يخاطر الانسان بعائلته ويعود لمنطقة غير مؤمنة وخالية من كافة مظاهر الحياة بعد تضرر كامل المنشآت الحيوية.
تشكل الاتفاقيات المبرمة حول طريق أريحا – اللاذقية إحدى العقد التي تمنع المدنيين من العودة إلى مناطقهم. يقول محمد العمر “ناشط إنساني” إن بنود الاتفاق بين تركيا وروسيا غير واضحة، وقد حاولت روسيا تسيير دورية عسكرية رفقة الأتراك على طريق أريحا – اللاذقية، لكن تبعات هذا الأمر دفعت الكثير من المدنيين للاعتراض على هذه النقطة، لتخوفهم من مصير المنطقة التي تقع جنوب الطريق، إذ يخشى الأهالي  تثبيت نقاط روسية هناك، ما يعني قدرة نظام الأسد على الوصول إليها في الأيام القادمة مقارنين ما يحصل اليوم بما حصل في درعا، الأمر الذي انعكس بشكل كبير على عودة المدنيين للمنطقة.

تترك عودة بعض النازحين إلى منازلهم، أثراً طيباً في النفس، وتزرع الأمل لدى المهجرين الذي باتوا يحلمون فعلا بعودة آمنة وطويلة إلى منازلهم، لكن غياب الضمانات الدولية الكافية لعودة المدنيين، ونقص الخدمات العامة يحولان دون عودة عشرات آلاف العائلات إلى بيوتهم..