يحتفل نحو ثلاثمائة مليون شخص في عدة بلدان من الشرق الأوسط ودول البلقان وآسيا في الحادي والعشرين من آذار بعيد “النيروز”، وهو يوم يسجل بداية العام عند العديد من هذه الدول، ويصادف حالة الاعتدال الربيعي حيث تكمل الأرض دورتها حول الشمس بـ 365 يوماً وربع اليوم، كما يعد عيداً وطنياً عند الكرد والإيرانيين، ويعود زمن الاحتفالات بهذا العيد إلى أكثر من ألفي سنة مضت ويحتل مكانة كبيرة في هذه البلدان كما تم تسجيله في قائمة اليونسكو للتراث العالمي عام ٢٠٠٩.
أصل تسمية عيد النيروز
يعود الأصل في تسميته إلى أن كلمة نيروز منقسمة إلى كلمتين “نيو” وتعني جديد و”روز” وتعني يوم، أي “اليوم الجديد” ويقال إن أصل هذا العيد جاء من الديانة الزرداشتية أو المجوسية التي كانت منتشرة في بلاد فارس، ولذلك يكتسب صفة القداسة عند الإيرانيين والكرد وبعض الطوائف الدينية كالإسماعيلية والعلوية وأتباع الطائفة البهائية.
النيروز والأسطورة
تعددت الروايات التي تحدثت عن قصة هذا العيد، ولا يوجد حقيقة تاريخية واضحة المنشأ عن النيروز إلا أنه انتشر كأساطير تختلف بين الشعوب المحتفلة فيه، بعضهم يرى أن هذا العيد أقامه زرادشت وهو مؤسس الديانة الزرادشتية التي انتشرت في مناطق أذربيجان وإيران وتركيا والعراق بين 600 إلى 1000 قبل الميلاد، بينما ينسبه الإيرانيون إلى زمن الملك الفارسي جمشيد بن طهمورث “وهو شخصية يضعها الفرس في مقابل نبي الله سليمان عليه السلام” ويرون أنه كان يتمتع بنفس القدرات التي وهبها الله للنبي سليمان مثل السيطرة على الجن، نقلها إلى جميع ممالك حكمه على سرير ذهبي في يوم حلول الشمس في برج الحمل، فتم تقديس ذلك اليوم.
أما الأسطورة الكردية فتتحدث عن “كاوا” الحداد الذي استطاع قتل الملك الآشوري الشرير “زحاك” أو “زوهاك” والتي تعني “التنين او الأفعى الكبيرة في اللغة الكردية”، والذي كان يقتل طفلان في كل يوم ليدهن بأدمغتهما آفة ظهرت على كتفيه، كما تقول الأسطورة أن الشمس رفضت الشروق نتيجة ظلم هذا الملك وكان من المستحيل نمو أي غذاء، إلا أن كاوا كان يقدم له أدمغة الخراف بدلاً من أدمغة الأطفال الذين ينقلهم إلى الجبل، إلى أن جاء الوقت الذي أسس به كاوا جيشاً من الأطفال استطاعوا قتل الملك وعادت الشمس للإشراق ثانية، وبدأت النباتات بالنمو من جديد في هذا اليوم.
طقوس النيروز
تبدأ ممارسة طقوس النيروز قبل رأس السنة الشمسية بأيام، وتستمر لـ 13 يوماً بعده، ولعل الخروج إلى الطبيعة وارتداء الألوان الزاهية وتجهيز مائدة تضم سبعة أشياء كلها تبدأ بحرف السين، وترمز إلى معاني كالعشق والخير والبركة والسعادة، هي من أهم التقاليد المشتركة بين المحتفلين بهذا العيد. إذ يعتبر الفرس ان أرواح أقاربهم تعود من السماء إلى الأرض في هذا اليوم، ولذا يتم تجهيز هذه الموائد التي تسمى بالفارسية (هفت سين) وهي في الغالب الخل (سركه)، التفاح (سيب)، عملة معدنية ( سكه)، الثوم (سير)، العشب أو الخضرة (سبزه)، السماق (سماق)، ونوع من الحلوى يسمى “سمنو”. كما يضيفون كتاباً على المائدة حيث كان الفرس قبل الإسلام يضعون “الأوفستا كتاب الزردشتيين” أما بعد الإسلام فقد تم استبداله “بالقرآن أو بديوان حافظ الشيرازي”
ومن بين العادات الشهيرة في هذا العيد عند الإيرانيين “اللعب بالماء” وزراعة عشبة صغيرة من بذور القمح أو العدس يتم زراعتها قبل العيد بخمسة وعشرين يوماً وتختتم هذه الاحتفالات بيوم الطبيعة حيث يخرج المحتفلون من بيوتهم ليقضوا أوقاتهم في الحدائق والمزارع كما يقومون بإلقاء بعض الأعشاب في الأنهار كرمز على امتزاج الحياة مع الطبيعة.
ويعد التزين وارتداء اللباس الكردي التقليدي وإشعال النار وتحضير الأطعمة التقليدية والخروج إلى الطبيعة للغناء والرقص وإقامة المهرجانات التي يكون فيها الشعر حاضراً، خاصة ذلك الذي يتحدث الثورات ضد الظلم والطغاة، من أهم عادات عيد النيروز عند الشعب الكردي.
يوافق عيد النيروز عيد شم النسيم في مصر وعيد الملك طاووس عند الإيزيديين في العراق