فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

مخيم الرحمة

الوقت يداهم سكان المخيمات في إدلب

مصطفى أبو شمس

يصف الجندلي الدعم المقدم للمنظمات في الداخل السوري بـ “الخجول”، ويخبرنا أن عدداً من المنظمات أنهت نشاطاتها ومشاريعها في مناطق المعارضة، مؤكداً أن بعضها توجه للعمل عبر مناطق نظام الأسد.
ويرجع الجندلي ضعف الاستجابة لعدم قدرة الجمعيات والمنظمات على احتواء موجات النزوح المتتالية وتلبية احتياجاتها، إذ تجاوزت أعدادها في الأشهر الأخيرة نحو مليون شخص، ناهيك عن الخدمات المقدمة للنازحين القدامى في هذه المناطق.

“الوقت يداهمنا” هكذا عبر مارك لوكوك، منسق الشؤون الإنسانية والإغاثية في حالات الطوارئ، حول ما يجري في المناطق الخاضعة للمعارضة في الشمال السوري خلال إفادته في الأمم المتحدة الشهر الماضي، الكلام لم يجد وسيلة للتطبيق في ظل ضعف الاستجابة وتزايد عدد النازحين في الوقت الذي تتضافر فيها الجهود لتأمين جزء من احتياجات نحو مليون شخص فروا من المعارك، لينضموا لنحو مليون ونصف المليون شخص آخر قد نزحوا في فترات سابقة.

يقول لوكوك إن نحو ثمانية ملايين شخص لا يحصلون على الطعام في سوريا، هذا العدد ارتفع بنسبة ٢٠٪، أما الذين يبحثون عن مأوى وأماكن إقامة مؤقتة فقد ارتفع بنسبة ٤٢٪ خلال العام الماضي وبلغ نحو ١.٢ مليون شخص، وفي بيان صحفي سابق كان لوكوك قد قال إن نحو نصف مليون طفل سوري يعانون من سوء تغذية مزمن.

يقدر محمد الحلاج، مدير فريق منسقو استجابة سوريا، نسبة الاستجابة الطارئة خلال حملة النزوح الأخيرة بـ ٣.٤٪، وينشر الفريق خلال توثيقه أرقاماً صادمة عن الاحتياجات، إذ يحتاج نحو ثلاثة ملايين شخص يعيشون فيما تبقى من محافظة إدلب وريف حلب بينهم ٨٤٠ ألف مهجر قسري و مليون شخص يعيشون في المخيمات، إضافة للمجتمع المضيف لمساعدات إنسانية وإغاثية وصحية عاجلة، قدرها فريق الاستجابة بنحو مئة مليون دولار، موزعة على الشكل الذي توضحه الصورة المرافقة.

ويقول لوكوك في إفادته إن “أوتشا” طالبت بمساعدات بقيمة ٣٣٦ مليون دولار لخطة الاستجابة في الأشهر الستة القادمة، إلا أن الدكتور محمد جندلي “مدير منظمة iyd” قال إنها لم تستطع توفير أكثر من ٢٠٪ من المبلغ المطلوب، ما تسبب بضعف عمل المنظمات الإنسانية وشعورها بـ “الحرج” لعجزها عن تغطية الاحتياجات للسكان، والتي يعتبر المأوى في سلم أولوياتها.

ويصف الجندلي الدعم المقدم للمنظمات في الداخل السوري بـ “الخجول”، ويخبرنا أن عدداً من المنظمات أنهت نشاطاتها ومشاريعها في مناطق المعارضة، مؤكداً أن بعضها توجه للعمل عبر مناطق نظام الأسد.

ويرجع الجندلي ضعف الاستجابة لعدم قدرة الجمعيات والمنظمات على احتواء موجات النزوح المتتالية وتلبية احتياجاتها، إذ تجاوزت أعدادها في الأشهر الأخيرة نحو مليون شخص، ناهيك عن الخدمات المقدمة للنازحين القدامى في هذه المناطق.

من جهته يقول الدكتور عبد الناصر التعتاع، مدير منظمة إنسان الخيرية، إن الدعم المقدم لا يتناسب مع الأعداد والاحتياجات، خاصة في ظل تزامن النزوح الأخير مع فصل الشتاء الذي يتطلب جهوداً إضافية تلعب العوامل الجوية دوراً كبيراً في ارتفاعها، كمواد التدفئة وتبديل الخيام وغرق بعضها أو تلفه بسبب الرياح، والحاجة الماسة للألبسة وغيرها، مؤكداً أن الأمر يتطلب جهوداً دولية لتلافي ما يمكن أن ينتج عنه من كارثة.

ويرى التعتاع “إن تعامل الدول مع قضية النازحين السوريين يتم ضمن أطر سياسية تبتعد عن المنحى الإنساني، فتدويل قضيتهم كورقة ضغط سياسية جعل من العمل الإغاثي سلعة لتحقيق مكاسب دولية، ما ترك أثره في تراجع عمل المنظمات الإغاثية في المنطقة، إذ يرتفع أحياناً ويتراجع أحياناً أخرى تبعاً لمصالح الدول، كما أن طول المدة تسبب بحالة من الملل والفتور لدى الدول المساندة، والمتعاطفين مع الشعب السوري وفي مقدمتها الدول العربية والإسلامية”.

ولتوضيح ما سبق يمكن أن نضرب مثالاً حول عمل الأمم المتحدة في العام ٢٠١٩، إذ يقول لوكوك إن خطة الاستجابة الإقليمية لدعم اللاجئين وتمكين المجتمعات المضيفة حصلت على ٥٨٪ من التمويل المطلوب فقط، وهو ما تسبب بحسب كلام المفوضية بدفع أسر اللاجئين إلى دوامة من الضعف لا يمكن تداركها، وحرمان الأطفال من المدرسة وتوجههم إلى سوق العمل ودعم الأسرة.

وتوكد تقارير صحفية زيادة عدد الأطفال المتسربين من المدارس، كذلك اعتمادهم على مهن لا تتناسب مع أعمارهم كجمع المواد البلاستيكية والحديدية والتسول، كذلك الحديث عن انعدام فرص العمل في ظل الظروف الحالية، وغلاء الأسعار وارتفاع إيجارات المنازل، وهو ما دفع النازحون الجدد ممن لم يسعفهم الحظ بإيجاد مأوى للسكن لبناء خيام عشوائية تفتقر لكافة الخدمات والبنى التحتية، كالحمامات والمراحيض، مع غياب للكهرباء والمياه أيضاً، كذلك شراء أو استئجار أراض لبناء مخيمات عليها، يقول سكانها إن المنظمات نادراً ما تصل إليهم، وتغيب عنهم المساعدات، وأنهم يعيشون في ظروف قاسية دون وسائل للتدفئة أو نقاط طبية ما أسهم في انتشار أمراض جلدية بين السكان.

وعلى سبيل المثال، يقول من تحدثنا معهم في مخيم الرحمة الذي أسس حديثاً على نفقة من يسكنه من نازحين، إنهم قاموا بدفع بدل استئجار الأرض بعد يأسهم من وصول المنظمات الإنسانية إليهم لمساعدتهم، يقيم في المخيم نحو مئة عائلة وتقتصر مساعدة المنظمات لهم على تأمين المياه فقط عبر منظمة تكافل الشام، بحسب أبو عمر مدير المخيم.

مخيم الرحمة
مخيم الرحمة

تشكلت مبادرات وفرق تطوعية للمساهمة في التخفيف عن السكان والمنظمات، وعملت على تأمين بعض الاحتياجات في مختلف المجالات منعا فريق “غيث التطوعي” وفريق “سند” وغيرها، إضافة لفرق أخرى تعمل على نطاق أوسع كفريق ملهم التطوعي، ومبادرات فردية يقوم بها أشخاص من خلال جمع التبرعات وإيصالها إلى بعض المستفيدين.

“لسنا بخير” يقول معظم من التقيناهم، بينما يشكو مدراء المخيمات الذين تحدثنا معهم من ضعف الاستجابة وتجاهل طلباتهم ومناشداتهم التي لم تجد آذاناً صاغية، في ظل توقعات بكارثة إنسانية على كافة الأصعدة، وأهمها قطاعي التعليم والصحة مع إغلاق المدارس وانتشار فايروس كورونا في الدول المحيطة بمناطق المعارضة.

حسن الحسين