فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

غرف أخبار “بالجملة” عنوانها “التسرع والقص لصق”

ٲسامة الشامي

لم تعد القنوات الإخبارية مصدر المعلومة، يقول من التقيناهم إنهم يكتفون بقنوات التلغرام لبعض الناشطين وبعض غرف الواتس آب ومجموعات الفيس بوك، يضحك أحدهم وهو يصف هذه القنوات بـ “القص لصق”، بينما يتداول السكان عبارة “سماع وكبر يا بطل” في إشارة لرفع المعنويات دون توخي الدقة والحذر.

تشهر أم محمد هاتفها في وجوهنا لترينا خبر “الهدنة” على واحدة من صفحات الغرف الإخبارية الكثيرة التي انتشرت خلال الآونة الأخيرة، بعد نفينا لخبر الهدنة المفرح الذي تتناقله وتتحدث عنه مع جاراتها، تقول لنا “أنتو مو شاطرين غير بالنفي، يعني أنتو أفهم من غيركم؟”

تمتلئ تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي بغرف “القص لصق” التي تتناقل خبراً واحداً يتم تصميمه بما يشبه صياغة الخبر تام الأركان، وتذيله بمصادر أو “لوغو” لوكالات إخبارية ليست هي من صاغ الخبر أو نشرته على معرفاتها الرسمية، ومع انتشاره يقع في الخطأ ناشطون وصفحات إخبارية وبعض المواقع الالكترونية، كما حدث يوم أمس في خبر “إسقاط طائرة حربية لقوات النظام”، يحددون نوعها ويأسرون طاقمها ويبحثون عبر صفحات الانترنيت عن صور تؤكد كلامهم، دون توخي الدقة أو الوقوع في “فخ” الأخبار الكاذبة وعدم التأكد، وهو ما يسبب صدمة لدى المتابعين بعد اكتشاف زيفها من جهة، ويعطي الفرصة لقنوات إعلامية بزرع الشك في الأخبار الموثقة من جهة ثانية.

يقضي معظم سكان مناطق المعارضة ساعات طويلة من وقتهم على هواتفهم المحمولة، ويبنون مزاجهم العام وقراراتهم وفق ما تحمله مجموعات “الواتس آب والفيس بوك” من أخبار، تؤثر تلك المجموعات في حياتهم اليومية وتأخذ حيزاً واسعاً من نقاشاتهم، ومع استمرار نشر الأخبار الكاذبة أو غير الدقيقة، سواء بنية سليمة أو غير ذلك، دون تقديم أي اعتذار عن الخطأ الذي وقعت به، وباستخدام أدوات التنصل بالنقل عبر مصادر خاصة أو غير معروفة أو رافضة ذكر اسمها، وفي أفضل الأحوال بإلصاق الخبر بواحدة من القنوات التي تتمتع بالمصداقية لجذب أعداد من المتابعين، بعض تلك الأخبار ساهمت في زيادة الضغط على حياة السكان و تعريضهم للخطر وربما موتهم بنقل خبر هدنة أو تحرير منطقة أو دعوة الناس للعودة إلى منازلهم، أما أقل الأضرار فيكمن في تعرضهم للصدمة واليأس.

لم تعد القنوات الإخبارية مصدر المعلومة، يقول من التقيناهم إنهم يكتفون بقنوات التلغرام لبعض الناشطين وبعض غرف الواتس آب ومجموعات الفيس بوك، يضحك أحدهم وهو يصف هذه القنوات بـ “القص لصق”، بينما يتداول السكان عبارة “سماع وكبر يا بطل” في إشارة لرفع المعنويات دون توخي الدقة والحذر.

أعداد كبيرة ومتنوعة لمجموعات الواتس آب تنتشر عبر الهواتف المحمولة، تحمل مسميات مختلفة، معظمها تتعمد إطلاق صفة “الأخبار” على محتواها، وتضم في صفوفها عدداً من المتابعين تتم إضافتهم عبر المشرفين، وتنتقل بين الناس عبر النقاشات اليومية.

لا يكاد يخلو هاتف محمول من غرف متنوعة للأخبار، يقول أبو خالد أحد سكان إدلب، إذ باتت مصدر المعلومات المتاح بعد تعذر متابعة القنوات الإخبارية لانقطاع الكهرباء وسهولة تداولها ونشرها.
معظم المشرفين على هذه الغرف مجهولون، ولا نعرف مدى معرفتهم وتأكدهم من الأخبار التي ينقلونها، بينما يقوم على مجموعات أخرى بعض الناشطين الإعلاميين المعروفين، نسبة من هذه الغرف تحمل أسماء الوكالات التي يعملون بها، غير أن النسبة الأكبر تدار من قبل أشخاص غير عاملين في الإعلام والرصد، وتكمن غايتهم، بحسب أحد أصحاب هذه الغرف، بالتطوع لنقل المعلومة للناس وخدمتهم “لقلة الاهتمام بإنشاء غرف موثوقة ومهنية لإيصال المعلومة للأهالي؛، بعض هذه الغرف تضبط النشر عبر مشرفيها وأخرى يسمح فيها بنشر أي مشترك فيها لما يريده من أخبار دون رقابة أو حذر.
التسرع ونقل الأخبار دون توثيقها السمة الأهم في محتوى هذه الغرف، كذلك افتقاد المهنية عند مشرفيها وقلة المعرفة بوسائل الرصد والمتابعة لتحري الدقة وتمييز الشائعات من الأخبار الصحيحة، يقول الإعلامي “معتز العبدو” والذي يشرف على ثلاث غرف إخبارية أن الشائعة تصل في دقائق قليلة لمعظم السكان في المنطقة، ويرى المشكلة في عدم قدرة هؤلاء السكان على معرفة الأخبار الكاذبة، وما يزيد “الطين بلة” بحسب رأيه “السباق في نشر أي خبر هام، حتى لو كان شائعة، بين غرف الأخبار ما يزيد نسبة وصوله”
الصحفي حسن المختار،  يرى أن لانتشار الشائعات أثر سلبي كبير في نفوس السكان، لما يحمله من تفاؤل أحياناً بأخبار سارة وصلتهم عبر هذه الغرف، ليأتي الواقع مغايراً وصادماً، ما يجعلهم يفقدون الثقة بالأخبار على العموم، وأحياناً تصلهم أخبار سيئة كاذبة تزيد معاناتهم النفسية، كسقوط مناطق لم تسقط بعد، كما جرى بخبر سقوط سراقب قبل سقوطها بأيام، ويرجع المختار هذه العشوائية بتلقي الأخبار لعدة أسباب، أبرزها الغرف والصفحات العشوائية غير المهنية، والحرب النفسية التي يمارسها النظام، عن طريق اختراق هذه الغرف بسهولة من قبل عملائه، إضافة للتكتم الإعلامي الذي يمارسه الإعلام العسكري الفصائلي على أخبار المعارك.
لا يمكن منع الناس عن متابعة الأخبار التي تمس حياتهم بشكل مباشر، ولا إبعادهم عن مصادر الأخبار التي يعتمدونها، إلا أن الواقع يقضي توجيههم إلى غرف موثوقة ووكالات إخبارية تعنى بنقل الأخبار وتحري دقتها، كذلك الاعتماد على أشخاص معروفين ومطابقة الخبر من مصادره الرئيسية، خاصة وأن معظم الوكالات تمتلك معرفات رسمية على صفحات الفيس بوك والتويتر والتلغرام.