فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

الصورة من الانترنيت

التعليم الخاص يستقطب الطلاب في الشمال السوري

درغام حمادي

يدفع أحمد الأحمد ما يعادل ٢٥٠ دولار سنوياً رسوم تسجيل طفله في المدرسة، ونحو ٢٠٠ دولار في الروضة، ويرى أن الرسوم “مقبولة”، بينما يحدد أبو بسام رسم التسجيل الشهري للطالب بـ (٦٠٠٠ ليرة شهرياً) دون مواصلات، ويبلغ رسم التسجيل الشهري في المعاهد (٥٠٠٠ ليرة) بحسب عبد القادر.
يرى أصحاب المؤسسات التعليمية إن هذه الرسوم مقبولة وتحاكي الواقع الاقتصادي في المنطقة، وقد تمت دراستها كيلا تشكل عائقاً أمام التحصيل العلمي، وهو ما يؤكده فادي الأسعد (ماجستير في الاقتصاد) الذي وصف الرسوم بـ “المقبولة” لمعظم فئات المجتمع في الأحوال الطبيعية، إلا أنه وفي ظل الظروف الحالية من انعدام فرص العمل وحركات النزوح المستمرة وغلاء الأسعار تشكل عبئاً على العائلات خاصة تلك التي يجتمع فيها أكثر من طالب بعمر الدراسة.
تقول أم محمد إنها لا ترى في تلك الأسعار إجحافاً، فهي تعادل ثمن “طبخة” على حد قولها، إلا أنها تعتمد على المثل الشعبي في شرح ظروفها التي حالت دوم إلحاق أبنائها بالمدرسة الخاصة “الجمل بليرة وما في ليرة”.

ازداد عدد المدارس والمعاهد الخاصة في الشمال السوري مع بداية العام الدراسي الحالي، وذلك لأسباب عديدة أهمها انقطاع الدعم عن عدد كبير من المدارس العامة وتعرضها لخطر الإغلاق، كذلك ندرة الكتب والوسائل التعليمية وتفاوت الكفاءة بين المدرسين، ناهيك عن ازدياد أعداد الطلاب في الغرف الصفية بالمدارس العامة ما يضعف تحصيلهم العلمي.

زيادة عدد المدارس بديلاً للتعليم العام المتعثر

لم تغب المؤسسات التعليمية الخاصة عن المنطقة، بحسب مديرية تربية حلب التي أرسلت لفوكس حلب ردها عبر الإيميل، إلا أن تقنينها وتنظيم عملها ومتابعتها ازداد خلال العام الدراسي الحالي، وذلك لتأمين أفضل شروط التعليم للطلاب، والمحافظة على مستويات عالية من جودة التعليم في المدارس والمعاهد الخاصة التي تشرف عليها المديرية بشكل مباشر.

وترى المديرية أن التعليم الخاص يشكل رديفاً هاماً وقوياً للتعليم الحكومي، خاصة وأن الكثير من أولياء الأمور يبحثون عن وسائل لتقوية أبنائهم في المواد الدراسية بهدف الحصول على درجات أعلى في امتحانات الشهادتين، وقد ساهم الاستقرار النسبي في ريف حلب الغربي وتوفر التعليم العالي بزيادة الاهتمام بالتعليم الخاص والإقبال عليه، مع استمرار الإقبال على التعليم الحكومي، الأمر الذي يمنح للطالب تنوعاً في الخيارات وزيادة في الفرص.

وكانت مديرية تربية حلب قد سهلت إجراءات الترخيص وأبدت مرونة وتعاوناً كبيراً لإنجازها وفق الشروط المقبولة، وسرعت من إصدار القرارات الخاصة بذلك، إذ بلغ عدد المؤسسات التعليمية المرخصة في ريف حلب الغربي ٣٣ مؤسسة منها ١٤ مدرسة وروضة، و١٩ معهداً، وهناك الكثير من المؤسسات ما تزال قيد الترخيص، بحسب مديرية التربية.

تختلف الأسباب عند من التقيناهم من أهالي الطلبة والمدرسين الذين يرون أن السبب الرئيسي يكمن في المدرسين وكفاءتهم من جهة، وتوفر الكتب والوسائل التعليمية، يقول علي الخطيب (لديه طالبان في مدرسة خاصة) إنه عانى من ضعف التعليم في المدرسة العامة التي ألحق بها طفليه في العامين الماضيين، “نصف الكتب غير موجودة ناهيك عن الظروف المناخية السيئة وعدم توفر الوقود، كذلك وجود نحو ٤٥ طالباً في الغرفة الصفية”، وهو ما دفعة لتسجيل ولديه في مدرسة خاصة يقول إن تحصيلهما العلمي قد اختلف، هما الآن سعداء ويجيدون القراءة، إضافة إلى أنه لمس اهتماماً من قبل إدارة المدرسة التي ترسل له تقييم أطفاله وتخبره بتقصيرهما إن حصل.

أبو بسام (صاحب مدرسة ظلال الخاصة للتعليم الأساسي في الأتارب بريف حلب الغربي) يقول إن توقف الدعم عن المدارس واختلاف رعاية المنظمات لبعضها ساهم في ضعف العملية التعليمية، وهو ما دفعه لإنشاء مدرسة خاصة مهمتها تطوير العملية التعليمية.

يضيف أبو بسام أن الغاية من افتتاح المدارس الخاصة ليست ربحية، بل ضرورة ملحة في هذه الظروف من خلال تحقيق الفائدة للطلبة ومديرية التربية في آن معاً، إذ تتقاضى مديرية التربية ١٠٠ دولار لرسم الترخيص و٢.٥٪ من رسوم تسجيل الطلبة شهرياً.

ويرى أبو بسام أن السبب في زيادة المدارس الخاصة يعود لتوقف الدعم الذي سيؤدي بالضرورة لتعثر المدارس الحكومية، خاصة وأن معظم المعلمين يعملون بشكل تطوعي حالياً، وفي حال توقفهم سيشكل ذلك كارثة حقيقية بحق الطلبة في التعليم الحكومي.

لا فارق بين المناهج المعلمين في المدارس الخاصة والعامة

يترك لإدارة المدرسة الخاصة اختيار المعلمين ضمن المعايير المعتمدة لدى مديرية التربية من حيث المؤهل العلمي وشروط التربية الخاصة بالأصلاء والوكلاء، وتعتمد فيها المناهج الصادرة عن مديرية التربية، ولا يقل معلمو المدارس العامة كفاءة عن أقرانهم في المدارس الخاصة، بحسب مديرية التربية.

لأحمد الأحمد (أحد أولياء الطلاب) وجهة نظر مختلفة شكلها من خلال متابعة تعليم أطفاله، يقول إن التعليم الخاص أفضل منه في المدارس العامة، ويرجع السبب لضعف الرواتب التي يتقاضاها المعلمون ما يؤثر على نشاطهم وقدرتهم في إعطاء الطلبة لانشغالهم بتأمين مصادر دخل أخرى لعائلاتهم، كذلك وجود أعداد كبيرة من غير المختصين في المدارس الحكومية من الوكلاء (بعضهم حاصل على الشهادة الثانوية فقط، أو على شهادة جامعية غير تربوية كالهندسة وغيرها، كذلك من الطلبة الذين لم يكملوا تحصيلهم العلمي في جامعاتهم)، وهو ما يفقدهم الخبرة اللازمة بتقديم المعلومة للطالب ومراعاة الفروق الفردية وتبسيط المناهج القاسية، ناهيك عن ما أسماه بـ “التسيب” في المدارس الحكومية، وغياب المدرسين وقلة الكتب والوسائل التعليمية.

ويقول أبو بسام إن المناهج المعتمدة ذاتها، ويحق لمديرية التربية مراقبة عمل المدرسة دون التدخل في اختيار المعلمين الذين يشترط في تعيينهم أن يكونوا من حملة الشهادة الجامعية الخاصة بالمادة التي يدرسونها، وذلك بعد إخضاعهم لامتحان ومسابقة، بالتعاون مع مديرية التربية، ومن ثم إلحاقهم بدورة تعليمية لتأهيلهم بالشكل الأمثل.

ويضيف أبو بسام أن المدارس الخاصة تعمد إلى تفعيل الأنشطة لرفع اهتمام الطالب وتحفيزه، كما يؤكد على غياب الحواجز بين الطلبة وأهاليهم مع إدارة المدرسة وإبداء الرأي لتطوير العملية التربوية وتسهيل العوائق التي تعترض الطلبة.

مصطفى عبد القادر (مدير معهد يختص بالمرحلتين الإعدادية والثانوية) يرى إن هناك تقصير في اهتمام المدارس الحكومية بالمرحلة الإعدادية والثانوية، وهو ما يدفع الأهالي لتسجيل أطفالهم في المعاهد الخاصة، إذ يتم اختيار المعلمين عبر مسابقة بالتعاون مع مديرية التربية شرط أن يكون من الخريجين وأصحاب الاختصاص، وبعد إخضاعهم لاختبار يحدد أهليتهم للتعليم في المعهد.

تعتمد المعاهد على المناهج الخاصة بالمدارس العامة، إضافة للملخصات التي يضعها معلمون أكفاء عوضاً عن المناهج بمبدأ السؤال والجواب، وكذلك من خلال إلزام الطلبة باختبارات دورية لمتابعة تحصيلهم وتعويض النقص واستدراك الضعف للحصول على أفضل النتائج والدرجات

رسوم معقولة

يدفع أحمد الأحمد ما يعادل ٢٥٠ دولار سنوياً رسوم تسجيل طفله في المدرسة، ونحو ٢٠٠ دولار في الروضة، ويرى أن الرسوم “مقبولة”، بينما يحدد أبو بسام رسم التسجيل الشهري للطالب بـ (٦٠٠٠ ليرة شهرياً) دون مواصلات، ويبلغ رسم التسجيل الشهري في المعاهد (٥٠٠٠ ليرة) بحسب عبد القادر.

يرى أصحاب المؤسسات التعليمية إن هذه الرسوم مقبولة وتحاكي الواقع الاقتصادي في المنطقة، وقد تمت دراستها كيلا تشكل عائقاً أمام التحصيل العلمي، وهو ما يؤكده فادي الأسعد (ماجستير في الاقتصاد) الذي وصف الرسوم بـ “المقبولة” لمعظم فئات المجتمع في الأحوال الطبيعية، إلا أنه وفي ظل الظروف الحالية من انعدام فرص العمل وحركات النزوح المستمرة وغلاء الأسعار تشكل عبئاً على العائلات خاصة تلك التي يجتمع فيها أكثر من طالب بعمر الدراسة.

تقول أم محمد إنها لا ترى في تلك الأسعار إجحافاً، فهي تعادل ثمن “طبخة” على حد قولها، إلا أنها تعتمد على المثل الشعبي في شرح ظروفها التي حالت دوم إلحاق أبنائها بالمدرسة الخاصة “الجمل بليرة وما في ليرة”.

تراخيص وشهادات موثقة

يتقدم طالب الترخيص بطلب إلى المديرية لأجل الترخيص حسب النماذج المعتمدة، وبعد تسجيله في الديوان العام يحوّل الطلب إلى دائرة التعليم الخاص لدراسته وإبداء الرأي ورفع المقترح المناسب. وبعد استكمال الأوراق تشكل لجنة فنية وهندسية للكشف على مبنى المؤسسة والتأكد من مطابقته للمعايير المعتمدة في مديرية التربية والتعليم بحلب، وتقوم هذه اللجنة برفع مقترحاتها وتوصياتها لمدير التربية لإصدار القرار المناسب بمنح الترخيص أو عدمه.

ويتعهد طالب الترخيص بالالتزام بذلك ويتم التأكد باستمرار من الالتزام بكل ما يصدر عن التربية من قرارات وتعاميم وخطة درسية ولا يختلف الأمر بين المدارس الخاصة والمدارس العامة. وتعدّ المدارس والمعاهد الخاصة المرخصة من قبل المديرية مؤسسات تعليمية رسمية خاصة وكل ما يصدر عنها من وثائق ضمن الأنظمة والقوانين تتم المصادقة عليه من قبل المديرية ويأخذ حكم الوثائق الصادرة عن المدارس العامة، بحسب مديرية التربية.

يهدد توقف الدعم عن التعليم العام أكثر من ثلاثمائة ألف طالب، ولا تشكل المدارس الخاصة حلَاً ناجعاً لعدم قدرة معظم العائلات على دفع الرسوم، في الوقت الذي تستهدف قوات النظام المدارس كان آخرها مدرسة سرمين في إدلب والتي راح ضحيتها نحو تسعة أشخاص بينهم أربعة طلاب ومدرس ظهر اليوم الأربعاء.