فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

رام بليون

“الرامات” حلّ بديل لتعويض مياه الري وسقاية المواشي

فريق التحرير

على عكس رام بزيت والمشيرفة “المُهملين” فإن المجلس المحلي في قرية أرنبة حوّل الرام الموجود فيها إلى استثمار ناجح، يقول فياض اليعقوب (رئيس المجلس) إنهم وفي كل عام يقومون بطرح مياه الرام (سعته التخزينية نحو ثلاثة آلاف صهريج) للاستثمار، وفق شروط أهمها تحديد سعر الصهريج بمبلغ خمسمائة ليرة سورية، والسماح لمربي المواشي بسقايتها دون مقابل، كما يمكن لأي شخص الحصول على 250 لتر مجاناً من المياه يقوم نفسه بتعبئتها ونقلها، ويصرف المجلس المحلي عائدات الاستثمار لتحسين المرافق العامة في القرية.

 

أنشئت منذ القدم أماكن تخزينية لجمع المياه واستخدامها عند الحاجة في الري وسقاية الماشية، وتعتبر “الرامات” أهم هذه الأماكن، وهي عبارة عن حفر أرضية بمساحات مختلفة يصل بعضها إلى آلاف الأمتار، أحيطت لاحقاً بجدران من الإسمنت المسلح، أو تركت محصورة ضمن هياكل مغلقة من التراب والركام المدعوم بأتربة تمنع تسرب المياه، وغالباً ما تحافظ على مياهها حتى موسم الأمطار القادم بالرغم من استخداماتها المتنوعة.

رام بليون
رام بليون -فوكس حلب

لا توجد أرقام دقيقة عن عدد الرامات في الشمال السوري، يقول أحمد الحسين (أحد أبناء جبل الزاوية بريف إدلب)، إذ لا تكاد تخلو قرية من واحد أو أكثر منها، غالباً ما يكون موجوداً في أراض منخفضة لتجميع مياه الأمطار، دُعم محيطها بأحجار كبيرة لتأخذ شكل السدود، كان يعتمد عليها سابقاً بشكل أكبر بسبب فقدان المياه وصعوبة تأمينها، سواء للري وسقاية المواشي أو الاستخدامات المنزلية وغسيل الصوف والسيارات، إضافة لتحولها إلى متنزهات يزورها الأهالي في الصيف للترويح عن النفس والسباحة، وعند جفاف مياهها يقوم سكان القرى بتنظيفها وتجهيزها للشتاء القادم ضمن حملات جماعية.

رام بليون -فوكس حلب
رام بليون -فوكس حلب

ويقول مروان حاج حسين (رئيس المجلس المحلي لقرية بليون بريف إدلب) إن معظم الرامات الموجودة في إدلب تعود إلى العصر الروماني، وأكبرها “رام بليون” الذي تبلغ مساحته نحو عشرة آلاف متر مربع، بسعة تخزينية تزيد عن ألفين وخمسمائة متر مكعب، ويعود تاريخ إنشائه إلى أكثر من ألفي عام مضت، ويعتبر مقصداً لأهالي البلدة والقرى المجاورة للسباحة والاستجمام في فصل الصيف، ناهيك عن دوره الزراعي في الري والاستخدامات المنزلية وسقاية المواشي.

وليس ببعيد عن رام بليون يقع رام العمارة في الجهة الجنوبية الشرقية لقرية الموزرة بريف إدلب، وهو رام أثري قديم، على شكل حوض تجميعي محاط بحجارة أثرية لتجميع مياه الأمطار، حيث تنحدر المياه في فصل الشتاء من تل قرمان القريب منه وتتجمع في هذا الرام الذي تبلغ مساحته نحو (3-5دنم) بشكل دائري وبعمق يزيد عن مترين، تعرض الرام لأضرار كبير بعد القصف من قبل قوات النظام لأكثر من مرة بالصواريخ والطائرات في السنوات الأربع الأخيرة، بحسب عبد المجيد أبو ابراهيم (رئيس المجلس المحلي في القرية)

رام جدرايا
رام جدرايا -فوكس حلب

يعتمد محمد 36 عام من بلدة جدرايا جنوب غرب إدلب على المياه المحصورة في رام البلدة لسقاية أرضه القريبة منه، وزراعتها بالمواسم في الصيف، وتبلغ مساحة رام جدرايا نحو خمسة آلاف متر مربع، تتجمع فيها مياه الأمطار في فصل الشتاء وتبقى حتى منتصف فصل الصيف. رمم الرام ووسع عمقه وتم بناء حائط يحيط به لزيادة سعته منذ أواخر ٢٠١٦ وحتى منتصف عام 2018 بمساعدة أهالي القرية، بحسب لؤي صالح الجابر (رئيس المجلس المحلي في القرية) الذي أكد تعرض الرام للقصف والاستهداف من طائرات النظام منذ عام 2015 ما أدى لأضرار كبيرة في بنيته.

رام جدرايا
رام جدرايا -فوكس حلب

وتضم محافظة إدلب إضافة للرامات الواسعة أخرى صغيرة كـ “راميّ المشيرفة وبزيت” في الجبل الوسطاني بسهل الروج، وهما رامان تجميعيان تجف مياههما في شهر أيلول من كل عام، ويغطيان حوالي 800 متر مربع بمحيطهما، وتقدر مساحة الرام الواحد بـ 1600 متر مكعب، كما انتشرت الرامات الصغيرة والتي جفت نتيجة الإهمال وباتت غير مؤهلة لتخزين المياه كـ “رام عين الجوزة، ورام عين السلالة” بالمناطق الغربية من ريف إدلب، وتبلغ مساحة كل رام نحو ٥٠٠ متر مربع، كان الأهالي قديماً يعتمدون عليهم في سقاية الأراضي الزراعية المتواجدة بجوار الرام، حيث كان باستطاعتها تخزين نحو٨٠٠ متر مكعب من المياه.

وللرامات الطبيعية التي تشكلت بفعل العوامل المناخية وجود أيضاً، كـ “رام الأسود غرب بلدة كنصفرة 1كم” والذي نشأ منذ قرون من الزمن، يقول عبد الله (أحد أهالي البلدة) إن الرام طبيعي، ولم يقم أحد بتجهيزه، إذ يمتلئ بمياه الأمطار في فصل الشتاء ويعتمد عليه أهالي القرية ومربي الأغنام المقيمين بالقرب منه في سقاية المواشي وبعض الأشجار القريبة منه، وقام المجلس المحلي بترميمه وتوسعته في العام الفائت بغرض زيادة الاستفادة من مياهه لفترة أطول.

ورام بسامس (غرب بلدة جوزف جنوب إدلب) والذي يتم استخدامه حتى الآن، فما يزال بحالة جيدة ويتم الاعتماد عليه في سقاية الأشجار، وتبلغ مساحته (8 دنم)، وقام الأهالي منذ عامين بتوسعته ليستخرج منه نحو ألف صهريج (سعة كل واحد منها 24 برميلاً) سنوياً.

تعرض الجدار الاستنادي الخاص به للكسر في العام الماضي ما أدى إلى تسرب نسبة كبيرة من مياهه وانخفاض السعة الإجمالية لتخزينه بنسبة تجاوزت النصف، وقام المجلس المحلي في البلدة في محاولة منه للحد من فوضى الاستهلاك العشوائي للرام بإصدار قرار بعدم سحب المياه بالصهاريج أو المضخات وتغريم المخالف بمبلغ 20 ألف ليرة بهدف المحافظة على المياه فيه. يقول ابراهيم (عضو المجلس المحلي في بسامس) أن القرار لاقى تجاوباً من قبل الأهالي واحتفظ الرام بمياهه للمرة الأولى في فصل الصيف الماضي، وناشد الابراهيم المنظمات والجهات الداعمة لإصلاح الصدع في الجدار الاستنادي وإعادة ترميمه.

وللرامات فوائد أخرى غير السقاية وتخزين المياه، فـ “رام الجوخي” الواقع على أطراف بلدة ترملا في جبل شحشبو أحد أهم المنتزهات ومتنفساً للأهالي جنوب إدلب في أوقات الصيف الحارة، والرام قديم جداً ويقع على أرض ترابية تحتوي على عنصر الكبريت تساعد على التخلص من مرض اليرقان (أبو صفار)، وتعود تسميته لدفن رجل صالح يسمى الجوخي تحت شجرة تين قريبة منه بحسب أحد المسنين في البلدة.

ويقول المهندس محمود من قرية ترملا إنه ونتيجة الحملة العسكرية الأخيرة على أرياف إدلب، ونزوح أصحاب الآبار الجوفية والسطحية لجأ المزارعين في القرية إلى سحب مياه الرام واستخدامها لسقاية المزروعات والمواشي ما أدى لانخفاض نسبة المياه فيه بشكل كبير.

رام المشيرفة
رام المشيرفة -فوكس حلب

وعلى عكس رام بزيت والمشيرفة “المُهملين” فإن المجلس المحلي في قرية أرنبة حوّل الرام الموجود فيها إلى استثمار ناجح، يقول فياض اليعقوب (رئيس المجلس) إنهم وفي كل عام يقومون بطرح مياه الرام (سعته التخزينية نحو ثلاثة آلاف صهريج) للاستثمار، وفق شروط أهمها تحديد سعر الصهريج بمبلغ خمسمائة ليرة سورية، والسماح لمربي المواشي بسقايتها دون مقابل، كما يمكن لأي شخص الحصول على 250 لتر مجاناً من المياه يقوم نفسه بتعبئتها ونقلها، ويصرف المجلس المحلي عائدات الاستثمار لتحسين المرافق العامة في القرية.

يناشد اليعقوب المنظمات للعناية بتميم وإصلاح رامات المياه لما لها من أهمية، وفي ضوء تراجع مشاريع الري وانخفاض منسوب المياه في الآبار الجوفية كحلّ بديل من شأنه تحسين الواقع الزراعي وتربية الثروة الحيوانية في المنطقة.