فوكس حلب

مجلة الكترونية تغطي أخبار محافظة حلب وعموم الشمال السوري.

“الدُبيركة” لبن الفقراء في شتاء إدلب

محمد جميل

تقول المدرّسة هدى إنها تشتري سنوياً ما يقارب خمسة عشر كيلو غراماً من الدبيركة لعائلتها المكونة من أربعة أشخاص، بعض العائلات “تمون أربعين أو خمسين كيلو” بحسب عدد أفراد العائلة والاعتماد عليها كغذاء يومي، ترى هدى أن هذه الأكلة حلّاً لغلاء الأسعار في الشتاء وضرورة لصناعة الأطباق التي تحتاج إلى الألبان التي تتضاعف أسعارها مرتين خلال الأشهر الأولى منه.
لطالما مثلت هذه الأطباق حلّاً لأهالي المنطقة لتعويض نواقص الخضار في الشتاء، كذلك الظروف الاقتصادية التي يعيشونها، يقول الحاج صطوف (70 عاماً) إن الدبيركة طبق قديم يعرفه منذ كان طفلاً، ورافقه خلال سنوات حياته، وإنها شكلت غذاء أساسياً لعائلته، إضافة لطقوس ما زال يذكرها عن تجمع العائلة حول المدفأة والخبز “المقمر” عليها، يرافقه صحن زيت الزيتون والدبيركة والكثير من الحكايات والأحاديث.

تنفرد أرياف إدلب ببعض الأطباق التي يألفها سكّان المنطقة، ولاقت قبولاً جيداً عند الوافدين إليها من مناطق مختلفة، إلّا أنها تعدّ سمة مميزة في حياة سكانها ومطابخهم ومؤونتهم، وتعدّ “الدبيركة” وهي “عبارة عن لبن يطبخ وقت موسمه ويغلى على النار ويضاف إليه الملح بكمية معينة ليتحول إلى مزيج صلب تستخدمه ربات المنازل في صناعة المأكولات شتاء، ويأكل منفرداً بعد إضافة الزيت والفليفلة الحمراء” أحد أهم هذه الأطباق التي لا يمكن الاستغناء عنها في المنطقة.

يقول أبو محمد من قرية زردنا بريف إدلب إنه يحتفظ بثلاثة مواشي من الماعز ليستفيد من حليبها ولبنها، إلّا أن السبب الأهم “صناعة الدبيركة” لاستخدامها شتاء، حيث تتناقص الخضار الطازجة وتقل كميات الحليب في المواشي لصناعة اللبن، على حد قوله فـ “الدبيركة بحليب الماعز أفضل وأكثر جودة من باقي الأنواع”.

محمد (30 عاماً) يقول إن أصدقاءه في السكن الجامعي بدمشق حين دراسته بالجامعة استساغوا طعمها، وكانوا دائمي السؤال عن مكوناتها، غالباً ما كانوا يشبهونها بـ “السوركي أو الشنكليش”، إلّا أنها تختلف في المذاق وطريقة الصنع.

وتعتمد بعض ربات المنازل على صناعة “الدبيركة” كمصدر رزق بعد ترك الكميات اللازمة للمونة، تقول أم محمد إنها تبيع الفائض عن حاجتها سنوياً للراغبين بشرائها، أو للنساء اللواتي اعتدن طعمها دون أن يتوفر لديهن الوقت والخبرة لصناعتها، إذ تقوم بتجميع الحليب رفقة جاراتها من أصحاب المواشي، كل مرة في منزل واحدة منهن، لفترة أسبوعـ ثم يقمن بـ “ديرها” وهي عملية التحضير التي تعتمد على تحريك اللبن في القدر بعد وضعه على الموقد لوقت يتجاوز الساعة حتى “تتطاير منه الفقاعات نتيجة الغليان”، وتمليحه وتجهيزه قبل أن يوضع في عبوات بلاستيكية أو زجاجية لتموينها أو بيعها.

الصورة من الإنترنيت
الصورة من الإنترنيت

وتتميز الدبيركة بأنها لا تفسد وتتحمل ظروف الجو الطبيعية دون الحاجة للتبريد، ولمدة تزيد عن عام وذلك من خلال غمرها بزيت الزيتون في عنق الجام الزجاجي الذي يحتويها، إضافة لكونها تحوي نسباً عالية من الملح في تكوينها وهو ما يشكل مادة حافظة وطبيعية، وتبرز أهميتها في الظروف الحالية مع الانقطاع الكبير للكهرباء.

تقول المدرّسة هدى إنها تشتري سنوياً ما يقارب خمسة عشر كيلو غراماً من الدبيركة لعائلتها المكونة من أربعة أشخاص، بعض العائلات “تمون أربعين أو خمسين كيلو” بحسب عدد أفراد العائلة والاعتماد عليها كغذاء يومي، ترى هدى أن هذه الأكلة حلّاً لغلاء الأسعار في الشتاء وضرورة لصناعة الأطباق التي تحتاج إلى الألبان التي تتضاعف أسعارها مرتين خلال الأشهر الأولى منه.

لطالما مثلت هذه الأطباق حلّاً لأهالي المنطقة لتعويض نواقص الخضار في الشتاء، كذلك الظروف الاقتصادية التي يعيشونها، يقول الحاج صطوف (70 عاماً) إن الدبيركة طبق قديم يعرفه منذ كان طفلاً، ورافقه خلال سنوات حياته، وإنها شكلت غذاء أساسياً لعائلته، إضافة لطقوس ما زال يذكرها عن تجمع العائلة حول المدفأة والخبز “المقمر” عليها، يرافقه صحن زيت الزيتون والدبيركة والكثير من الحكايات والأحاديث.

محمد حمروش