يستعد النحّالة في الشمال السوري للقطفة الثانية من خلايا النحل، والتي تكون في نهاية شهر أيلول وتستمر حتى الأيام الأولى من شهر تشرين الأول، إلّا أن هذا العام شهد تراجعاً كبيراً في الإنتاج وعدد الخلايا أو انعدامها في بعض الأحيان، وذلك لأسباب كثيرة أهمهما انعدام الأمن وانتشار الأمراض وقلة المراعي.
يقول ياسر الحلبي (أحد مربي النحل بريف حلب الغربي) إن النحل البلدي ينتج مرتين سنوياً، ويرجع ذلك إلى خبرة النحال وتوفر المراعي اللازمة، إذ تتم القطفة الأولى في شهر أيار بعد أشهر الربيع، أما الثانية فتكون غالباً في الأيام الأخيرة من شهر أيلول، وتتفاوت النسب بحسب بيئة النحل وجهود النحال وارتفاع الطوابق في الخلايا، ويقدرها الحلبي بين 2 إلى 7 كيلو غرام لكل خلية.
يحمل النحل السوري صفات ومورثات يصفها الحلبي بـ “الجيدة”، ويعتبر من السلالات النقية التي يفضلها النحالة عن باقي السلالات التي تستورد من خارج البلاد كـ “الكرنيولي والستار لاين والإيطالي والبوكس فات” التي لا تضاهي النحل السوري بالرغم من شراسته، بحسب الحلبي الذي قسمه إلى نوعين “السيافي المعروف بشراسته، والغنامي الذي يعرف بهدوئه”
ويمتاز النوعان، في حال توفر المرعى الجيد، بقدرتهما الكبيرة على جمع العسل وميلهما للتطريز وتحمل الظروف المناخية القاسية، بالرغم من “صغر معدته ولسانه اللاعق القصير”، بعكس النحل الأجنبي الذي أثبت فشله في البيئة السورية بالرغم من معدته الأوسع ولسانه اللاعق الطويل الذي يوفر زيارات أقل للحقول. ويرى الحلبي إن بعض الأنواع الهجينة (ويقصد بها الملكات) استطاعت التعايش مع طبيعة العمل في المناخ السوري ولكنها تحتاج إلى رعاية خاصة.
يرجع النحالة سبب تراجع تربية وإنتاج النحل إلى انتشار لآفات وعدم توافر الأدوية وقلة المراعي، ويرى الحلبي إن الوضع الأمني هو السبب الأهم في هذا التراجع، إذ ضيقت ظروف الحرب مناطق الرعي التي كان النحالة ينقلون خلاياهم بينها خلال فصول السنة ومواسمها، كذلك نقلها إلى الأماكن الدافئة في أشهر الشتاء، ومنع التواصل بين النحالة المنتشرين في مختلف المناطق السورية والذين كانوا يتبادلون فيما بينهم الخبرات والملكات أيضاً.
ويضيف الحلبي إن عدم توافر الأدوية ساهم في هذا التراجع بنسبة كبيرة أيضاً، خاصة مع انتشار أمراض كثيرة كـ “التعفن الحضني الأوروبي والتعفن الأمريكي والفطريات والفاروا”، خاصة العلاج الكيميائي “أميتراس”، كما أدى تراجع الحالة الاقتصادية للنحالة وارتفاع سعر الدولار إلى افتقار الخلايا للمواد اللازمة كالبراويز والأسلاك والشمع وفرازات العسل.
ويفاقم انتشار “الدبور” الذي يرافق القطفة الثانية من حجم المشكلة، ما يفرض على النحالة إطعام “الشلوحة” بالسكر أو المحاليل السكرية والبروتينية، في حال عدم توفر المراعي، إلّا أن الحلبي يؤكد على وجوب عدم تغذيتها خلال موسم القطاف، وهو ما يفسر التفاوت السعري بين أسعار النحل، فهناك أنواع تباع بما يقارب ثلاثة آلاف ليرة سورية، وهو سعر غير منطقي، بحسب الحلبي الذي يقول إن متوسط سعر العسل غير المغذى بالسكريات يتراوح بين ثمانية إلى عشرة آلاف ليرة للكيلو غرام الواحد.