أغلقت جامعة غازي عينتاب أبوابها منذ يومين في وجه الطلبة السوريين الحاصلين على الشهادة الثانوية العامة من مناطق عفرين بعد انتهاء مدة التسجيل الذي اشترطت فيه الحضور الشخصي أو التوكيل الرسمي لإتمام العملية، ليحرم عشرات الطلبة من مقاعدهم التي تحصلوا عليها من عملية المفاضلة الشرطية التي تمت عبر روابط الانترنيت، وسط غياب لأي حلول من قبل المكتب التعليمي في المنطقة وجامعة عينتاب لتقديم التسهيلات اللازمة.
وقال عدد من الطلاب الذين حُرموا من التسجيل للعام الحالي إنهم حصلوا على وعود وصفوها بـ “الكبيرة” من قبل مديرية تربية عفرين بالتعاون مع جامعة غازي عينتاب اللتين أشرفتا على اختبار “اليوز” في الرابع من أيار الماضي، وبناء على هذه الوعود تقدم سبعمائة وخمسة طلاب إلى الامتحان الذي حددت تكلفته بخمسين ليرة تركية.
مع انتهاء الامتحانات الرسمية للشهادة الثانوية والتي تمت بإشراف مديرية التربية التركية حصل ما يزيد عن مئة طالب على مقاعد في جامعة غازي عينتاب عن طريق التسجيل الالكتروني في مفاضلات الأجانب، وحجزوا مقاعدهم بانتظار تثبيت تسجيلهم بشكل نهائي، ليتفاجأ الطلبة بشرط التسجيل الشخصي، والذي حال دون حدوثه منع الحكومة التركية لأولئك الطلبة بالدخول لإتمامه، أو الوكالة مع رفض الجامعة للوكالات الصادرة عن المجالس المحلية في الشمال السوري!
يقول أحمد لصالح (أحد الطلاب الحاصلين على مقعد في الجامعة) إن كل الوعود والتسهيلات التي قُدمت للطلبة كانت حبراً على ورق، إذ لم يتم السماح لهم بالدخول رغم تقديم الأوراق اللازمة حتى الآن، كما رفضت الوكالة لعدم “وجود جهة تصدر توكيلاً رسمياً معترفاً فيه داخل تركيا”، يضاف إلى ذلك تأخر الحصول على “الدينكليك” وتعني “أوراق المعادلة التركية للشهادة الثانوية السورية الصادرة عن مديريات التربية في المناطق التي تشرف عليها وزارة التربية التركية” وانتهاء مدة التسجيل في الجامعة، وهو ما أدى إلى ضياع حلم الطلبة بإكمال تحصيلهم العلمي.
يتساءل الطلبة عن مصيرهم، ويطالبون مديرية التربية بإيجاد حلول تنصفهم، فهل عليهم الذهاب إلى مناطق نظام الأسد للحصول على وكالة رسمية، خاصة وأن الجامعات التابعة للائتلاف الوطني لا تعترف بالشهادات الصادرة عن مديريات التربية غير التابعة لها، أم أنهم سيكتفون بالحصول على الشهادة الثانوية كشهادة أخيرة سيتوقف بعدها تحصيلهم العلمي ومستقبلهم؟
يقول الطلبة إن الأسئلة التي طرحت على المكاتب التعليمية في عفرين لم تلق إجابات واضحة، وإن هذه المكاتب قامت بمراسلة الجامعة دون أن تتلقى رداً حتى اللحظة، كذلك نقلت مشاكل الطلبة إلى المنسق التركي في مكتب التعليم الذي وعد بإيصال الأمر إلى الوالي، دون أن تصدر أي تعليمات واضحة بهذا الخصوص.
لا يملك الطلبة ومن خلفهم مكاتب التعليم سوى الانتظار الذي لم يعد يجدي نفعاً بعد انتهاء مدة التسجيل، ليعبروا عن قلقهم تجاه ضياع عام دراسي عليهم، هذا إن استطاعوا تحصيل مقعد دراسي في العام القادم، أو سمح لهم الوالي بالدخول، بحسب الصالح الذي قال إن الحل الوحيد في تمديد فترة التسجيل والسماح للطلبة بالدخول، أو أن يتم الأمر عن طريق مكاتب التعليم.
لم يقتصر الأمر على طلبة الداخل السوري، بل شمل أيضاً المقيمين في تركيا والذين دخلوا إلى سوريا خلال الإجازة التي تمنحها الحكومية التركية خلال فترة الأعياد، يقول محمد المحمد والذي دخل لزيارة سوريا منذ عيد الفطر الماضي، إن موعد السماح له بالعودة حُدد في أيلول القادم، ومع صدور نتائج الفاضلة وحصوله على مقعد في الجامعة راجع معبر باب السلامة لمرات عديدة، والذي رفض بدوره السماح له بالدخول قبل الموعد المحدد في الوثيقة التي يحملها.
أضاف محمد بأنه لجأ إلى توكيل أحد أفراد أسرته لإكمال تثبيت التسجيل في الجامعة إلّا أنه التوكيل قوبل بالرفض، بحجة “عدم قبول الوكالات الصادرة من الشمال السوري”، وينتظر محمد كغيره من الطلبة مقابلة مسؤول التعليم العالي التركي (فرهاد خورتو) لشرح مشكلته، بحسب توجيهات من مكتب التربية والتعليم في المجلس المحلي بعفرين عند مراجعته، والذي أوضح أن الأمر متعلق بـ “خورتو” الذي نادراً ما يتواجد في الداخل السوري!
في انتظار “خورتو” تضيع فرصة يصفها محمد بأنها “لن تتكرر” بإكمال دراسته الجامعية، متسائلاً كغيره من الطلبة عن عدم وجود “مكتب تنسيق للتعليم الجامعي” يدير شؤون الطلبة الحاصلين على رسائل قبول من الجامعات التركية في الشمال السوري، وحصر الأمر بشخص “المشرف التركي” الذي نادراً ما يأتي، دون جهة رسمية للتواصل معها.
يزداد الأمر صعوبة لدى الطلاب غير الحاصلين على شهادة اليوز، والذين قُبلوا في جامعات لا تشترط الحصول عليه للتسجيل، يقول محمد أمين الحاصل على الثانوية العامة في العام 2015، إنّ ردّ المكتب التعليمي في عفرين على طلبه للسماح له بالدخول إلى تركيا لمتابعة دراسته في جامعة “بينغول” التي قبل في صفوفها لدراسة التاريخ كان واضحاً، فـ “الدخول فقط محصور بعدد معين من الجامعات، وبينغول ليست واحدة منها”، وبذلك يكون قد خسر دراسته والمبالغ التي دفعها للتسجيل.
توصد الأبواب في وجوه جميع الطلبة، سواء الحاصلين على اليوز أو غير الحاصلين عليه، ليبقى الأمر معللاً بالانتظار الذي لم يحدد بمدة، في ظل غياب أي جهة رسمية لمتابعة شؤونهم بالرغم من وجودها، ما دام كل شيء منوطاً بـ “مزاج شخصي” يحكمه والي المعبر و “خورتو”.
فداء الصالح