يحاول محمد الابراهيم من قرية كفرحلب العناية بأطفاله من ذوي الاحتياجات الخاصة، وتجتمع في بيته عشرات القطط التي يقوم بتربيتها والعناية بها أيضاً، يقول إن أولاده الأربعة أصيبوا بعجز جهل الأطباء سببه، وفي أعمار متقدمة، وغالباً ما يكون بعمر الرابعة والعشرين وما فوق.
لمحمد ثمانية أطفالهم، أربعة ذكور ومثلهم من الإناث، نصفهم أصيب بهذا المرض، وأرجع الأطباء الأسباب إلى مرض وراثي أدى إلى ضمور في المخ، ما جعلهم يفقدون القدرة على الحركة والنطق.
يقف الرجل على دكاكين القصابة لتحصيل طعام لقططه اللواتي يتجاوز عددهن ثلاثين قطة، يقول إن البداية كانت من شغف ابنه أحمد بتربيتها، يشير لنا إلى “القطة الجدّة” كما يطلق عليها، ويقول إن عمرها يتجاوز اليوم خمس عشرة سنة، وهي أم وجدة القطط الأخريات، نتيجة التوالد مع الزمن، وإنه يقدم لها الطعام الذي يتحصل عليه من دكاكين القصابة والدجاج، إضافة إلى الخبز واللبن وما يزيد من طعام عائلته.
لا تغادر القطط “الخرابة” التي خصصها محمد لها في منزله، وغالباً ما تنصاع لتعليماته، وهو بدوره يقوم بإطعامها وعلاجها، سابقاً كان يأتي لها بالدواء من الصيدلية على نفقته أما اليوم فيراجع المستوصف المختص بالقطط في بلدة كفرناها بريف حلب الغربي لعلاجها، أو يتصل بهم ويأتون للمنزل لعلاجها.
ويروي محمد قصصاً حدثت له مع القطط، يقول إنها حمت أطفاله أكثر من مرة، كان يستيقظ ليجد ثعباناً قتلته واحدة من القطط بالقرب من أطفاله النيام، إحداها أيضاً اعتاد إيقاظه لصلاة الفجر، في كل يوم يقوم بلعق وجه محمد لإيقاظه، يرافقه إلى المسجد وينتظر خارجاً ريثما يكمل صلاته ليعودا سوية إلى المنزل.
تتحلق صغار القطط حول الرجل كأطفاله، يمسح على فروها بحنان يقول إنه اعتاد عليها وألفته، ويرى في تربيتها وإطعامها متعة له ولأبنائه، ورزقاً وحماية له من المصائب، فهي أرواح يجب العناية بها، إضافة لما تعطيه إياه من سكينة، ويعتقد جازماً أنه سيؤجر وأطفاله على ما يقومون به.