“ارتديت فستاناً أنيقاً ووضعت القليل من الزينة لإخفاء توتري، وعندما وضع أسوارة الذهب في الطبق خرجت من الغرفة لإخفاء توتري وسعادتي”، تقول إيمان وهي تروي لنا حادثة خطبتها من أحمد الذي عبّر عن موافقته على العروس بهذه الطريقة.
أما نجم فقد أومأ بعينه إلى والدته بعد دخول الفتاة التي اختارتها عائلته كعروس له، لتقوم الأم بـ “خشخشة المفاتيح” كتعبير عن قبولها بحسناء “كنة مستقبلية لها”.
لا تزال بعض العائلات السورية تتمسك بعادات معينة خلال الخطبة والزواج، يرجعها بعضهم “للمباهاة أمام أهل العروس، أو حباً بتقاليد قديمة وحفاظهم عليها”، منها وضع هدية في طبق الضيافة، سواء من الذهب أو مبالغ مالية، أو إصدار صوت معين من علاقة مفاتيح كـ “دليل على الموافقة أنها أصبحت جزء من سكان البيت”، بينما يعتبرها آخرون حقاً للفتاة يطلقون عليه اسم “حق الشوفة”، تأخذه الفتاة في حال الموافقة، وتعيده في حال الرفض.
تقول أم بيان من مدينة إدلب “عندما طُلبت ابنتي للزواج، وخلال لقائها الأول مع العريس بعد أن أعجبته، وضع لها تحت فنجان القهوة 10 آلاف ليرة، استخدمته لاحقاً ثمنا لتزيين شعرها أثناء الخطبة”، الإمكانيات المادية لعريس أم رامي من مدينة حماه كانت أكبر “إذ ترك لها تحت الوسادة التي كان يتكئ عليها 75 ألف ليرة”، تقول وهي تضحك، أخبرني “أنها لشراء تحلية لرفيقاتي”.
تتنوع الآراء بين رافض لهذه العادات ممن يعتبرها إهانة للفتاة وبين موافق عليها بوصفها “تقليداً لطيفاً”، تقول ردينة إنها ترى في هذه العادات “إهانة للفتاة”، وترفض أن تعامل بهذه الطريقة، فـ “الفتاة ليست شيئاً يباع ويشترى، حين يعبر عن الإعجاب بها بمقابل مادي”، وهذا ما يراه علاء الذي يصف تلك السلوكيات بـ “الخاطئة”، معللاً ذلك “باختصار قرار الرفض والقبول على العريس، واتخاذه ذلك القرار المصيري بسرعة كبيرة وخلال دقائق شربه للقهوة!”، بينما ترى ماجدة أن هذه اللحظة “أروع ما تمرّ به الفتاة خلال الزواج التقليدي”.
عفاف تجد في هذه العادات ومثيلاتها استخفافاً بالعقل تنسبه للجهل، فالعريس في هذه الحالة يرغب بالفتاة لشكلها الخارجي، دون الوقوف على طريقة تفكيرها وما تمتلكه من ميزات أخرى، وتبدي انزعاجها من النساء اللواتي “يفتشن البيت وينظرن تحت السجاد وخلف الخزائن، أو يأتين دون موعد مسبق، أو يطلبن من الفتيات أن يغسلن وجوهن، وخلع أحذيتهن، ناهيك عن الأسئلة المحرجة”.
تبرر أم علي تلك العادات بقولها “إن طرق انتقاء العروس بهذا الشكل جزء من عاداتنا التي ورثناها عن أمهاتنا وجداتنا”، ولا تجد ضيراً من “مراقبة مشية الفتاة ويديها والنظر تحت الوسادة والطاولة”، فهو سبيلها للاطمئنان على صحة عروس ولدها ونشاطها.
في المقابل، تختبر الفتيات الشبان القادمين لخطبتهن وقدرتهم على الصبر ورغبتهم بالزواج من خلال عادات كـ “وضع ملح كبديل عن السكر في فنجان القهوة”، وانتظار رشفه للقهوة فإن أنهى فنجانه يكون “فأل خير”، وإن لم يستطع فهي بشارة سيئة في طريق الزواج المحتمل”.
تقول جيهان من قرية الجانودية بريف إدلب “إنها جربت قصة الملح، وبرفض خطيبها لإكماله بدأت المشاكل التي أدت إلى فسخ الخطوبة بعد شهرين!”، تكمل أن “أختها حصل لها الأمر ذاته أيضاً”.
ومن الاختبارات التي تطبقها الفتاة على الراغب من الزواج بها سؤاله عن “نوع قهوته، وإن كان يريدها أن تضيف السكر”، قبوله يدل على إعجابه بالفتاة، أما رفضه فدليل على الرفض.
يرى زهير إنه قد يقبل بشرب “القهوة بالملح” إرضاء للفتاة التي سيتزوجها، مهدداً بأنه سيجعلها “تشرب الفليفلة بعد الزواج انتقاماً منها”، بينما يرفض كثر من الشبان هذه الاختبارات بوصفها “غباء لا طائل منه”، وأن تصديق الفتيات وربطهم لها بالفأل الحسن دليل على “قصور في التفكير، وارتباط بترهات ستجعل الحياة بعد الزواج صعبة جداً