انتشرت العديد من الأمراض والأوبئة في مدارس الشمال السوري، خاصة في القرى والبلدات البعيدة عن مراكز المدن، ما استدعى حلولاً إسعافية للحد من هذه الظاهرة، وذلك بالتعاون بين مديريات الصحة والصحة المدرسية مع المنظمات الإنسانية التي تعنى بالشأن الصحي ومديريات التربية.
وقال الدكتور “أبو سامي” مسؤول الصحة المدرسية في مديرية صحة حلب، إن وفداً من مديريتي تربية وصحة حلب قاموا بزيارة الصحة المدرسية، لدراسة تفشي بعض الأمراض كـ “الجرب والقمل واللاشمانيا” في المدارس، ومناقشة حلول العلاج والوقاية ووضع الخطة اللازمة لذلك.
كما تم إجراء دراسات ميدانية لعدد المصابين من الأطفال في المدارس والتواصل مع المنظمات العاملة والفاعلة على الأرض لتأمين الأدوية المضادة لهذه الأمراض، وتم تأمين الأعداد اللازمة من هذه الأدوية عن طريق منظمة الصحة العالمية (مكتب غازي عينتاب التركية)، وسيتم توزيعها على المنظمات والمدارس في أرياف حلب والمناطق المحيطة بها، إضافة إلى قيام الصحة المدرسية بإجراء فحص دقيق للطلاب خلال الفترة القادمة من خلال الجولات على المدارس، لحصر هذه الأمراض وضمان عدم انتشارها والحدّ من العدوى، والقيام بحملات توعية وتوزيع البروشورات الخاصة بطرق الوقاية والعلاج وتوجيه المنظمات والعيادات المتنقلة وإدارة المدارس للتعامل مع الأطفال المصابين وعزلهم عن باقي الطلبة، بحسب مسؤول الصحة المدرسية الذي قدّر أعداد المصابين بـ “أحد تلك الأمراض بنسبة 15 إلى 20 بالمائة من عدد الأطفال، في حين تتجاوز النسبة في بعض الأماكن 30 بالمائة في المناطق غير المخدمة صحياً وخدمياً بشكل جيد”.
وقد وثقت الصحة المدرسية خلال جولاتها في مدارس ريف حلب، بحسب إحصائية حصل عليها موقع فوكس حلب، ضمت 73 مدرسة في خمسة مناطق (سمعان الشرقية -الأتارب -دارة عزة -عندان -سمعان الغربية) وجود 985 إصابة باللاشمانيا و 3538 إصابة بالقمل.
ويرى فراس أبو عبد الله رئيس المكتب التعليمي بمنطقة خان العسل إن انتشار هذه الآفات ناجم عن الظروف التي يعيشها السكان وانتشار القمامة وغياب الدور التوعوي والعلاج اللازم، مؤكداً على أهمية تسليط الضوء على الظروف الصحية للطلبة في المدارس وضرورة قيام المنظمات ومديريات الصحة بالإجراءات اللازمة، داعياً الأهالي للتعاون فيما يتعلق بالنظافة الشخصية، والتي تعتبر سبباً رئيسياً لانتشار أمراض كالجرب والقمل.
الدكتور أحمد قجة (معاون مدير صحة حلب) قال إن إنذارات كثيرة وصلت للمديرية، تخص انتشار مرض اللشمانيا بالذات، ما استدعى استجابة سريعة والقيام بحملات مناصرة واجتماعات دورية مع منظمة “مونيتور” لمناقشة تأمين الأدوية والمبيدات الحشرية اللازمة لمكافحته.
وأضاف قجة إن أكثر من ستين حالة “لشمانيا حشوية” تم اكتشافها في المنطقة منذ بداية العام الحالي، ما استدعى رفع عتبة الإنذار والتدخل المباشر ويعدّ هذا النوع أخطر أنواع مرض اللشمانيا ويعرف باسم “الحمى السوداء”، وإذا بقي دون معالجة فمن الممكن أن ينتهي بالموت ويسبب هذا النوع، عادة، تضخماً في الطحال وفي الكبد مصحوبين بفقر الدم، وانخفاض في عدد خلايا الدم البيضاء وارتفاع في مستويات بروتينات الدم الغلوبولينية”.
ويقدّر محيو خلاصي مدير مركز صحي بقرية كفرنوران بريف حلب الغربي نسبة الزيادة في عدد المصابين باللشمانيا خلال العام الحالي بـ 10بالمائة، عن الأعوام السابقة، إذ تم إحصاء ما يزيد عن 600 إصابة في المركز الصحي الذي يديره، مرجعاً السبب إلى غياب الرعاية الطبية والأدوية وتوقف المنظمات الصحية عن الدعم، مؤكداً أن النسبة العظمى من الإصابات تطال الأطفال دون عمر السابعة.
ويناشد محيو المنظمات الإنسانية بإحداث مراكز تحليل للشمانيا في القرى والبلدات السورية، وتأمين الأدوية النوعية اللازمة، وإنشاء مراكز علاجية ثابتة إضافة إلى العيادات المتنقلة وخاصة في المدارس، كما يطالب المجالس المحلية بتحمل مسؤولياتها بترحيل القمامة ورش المبيدات وتجفيف المستنقعات التي تعتبر أماكن مناسبة لانتشار ذبابة الرمل الناقل الأساسي للمرض.