أنهى المجلس المحلي في مدينة كفرنبل بريف إدلب بالتعاون مع المشفى الجراحي في المدينة وبدعم من منظمة العمل البولندي PAH تجهيز محرقتين للنفايات الطبية في المنطقة، سيتم افتتاحهما خلال الأسبوع القادم بحسب الدكتور هيثم الخطيب رئيس المجلس المحلي الذي قال إن فكرة إنشاء هذه المحارق كانت وليدة الحاجة، بعد ورود عدد من الشكاوى تقدم بها عمال النظافة عن تعرضهم لجروح سطحية أو وخز بمخلفات الحقن والمواد الطبية خلال قيامهم بعملهم، إضافة لخطر وجود هذه النفايات في المكبات العامة وما تسببه من انتشار للأمراض والأوبئة، ناهيك عن الغازات السامة التي تنتج عن إحراقها في الهواء الطلق.
وقال الخطيب إنه تم إنشاء المحرقتين بطاقة استيعابية تكفي للتخلص من النفايات الطبية في المدينة وأريافها، إذ “تستغرق عملية الحرق ما يقارب الساعة وبدرجات حرارة تصل حتى 1400 درجة مئوية، ما يؤدي لصهر كامل النفايات بما فيها المعدنية”.
يشرف على عمل المحرقتين المجلس المحلي في المدينة، الذي قام باختيار مشفى كفرنبل الجراحي لهذا المشروع، وذلك لموقعه الجغرافي الطرفي عن المناطق السكنية، إضافة إلى كونه الأكثر استيعاباً للحالات الطبية، وسيخضع العمال المكلفون بعملية التخلص من النفايات إلى دورة تدريبية لتمكينهم من العمل بصورة جيدة، يقول الخطيب الذي أضاف إن “الخدمة ستكون مجانية للمشافي العامة وبأجور رمزية للمشافي الخاصة”.
من جهته قال المهندس مأمون الشحود المسؤول في منظمة العمل البولندي “بعد الموافقة على المشروع من قبل المنظمة تم اعتماد التصميم الأوروبي وتصنيع الحراقات محلياً، وهي المرة الأولى التي يتم فيها تصنيع هذا النوع من الحراقات بعد أن حالت الكلفة المالية العالية من تكرار تجربة استيرادها”.
وأضاف الشحود أن المنظمة قامت بتصنيع وتقديم ثلاثة حراقات، واحد لمشفى الهداية بقرية قاح في ريف إدلب الشمالي، واثنان لمشفى كفرنبل الجراحي، كما ساهمت بتكاليف الإنشاء ولوازم الحرق والدورات التدريبية للمشغلين، ومن ثم سيتم تسليم الحراقات ووضعها تحت إشراف مشفى كفرنبل وبرعاية من المجلس المحلي فيها.
وعن مواصفات المحارق قال الشحود “تبنى غرفة المحرقة الواحدة بأبعاد 1 ×3متر، وبقدرة حرق تتجاوز 100كيلو غرام من النفايات في الساعة الواحدة”، وتعالج المحرقة النفايات الطبية إضافة إلى الأدخنة الناتجة عن عمليات الاحتراق وذلك باستخدام “المخمدات المائية”.
وتشكل النفايات الطبية مصدر قلق للأهالي والعاملين في المشافي وعمال النظافة، يقول الدكتور عبد الرحمن الحلاق (مدير المشفى المركزي في مؤسسة شام الإنسانية) إنها تعتبر مصدراً من مصادر التلوث الصحي لما تحتويه من مسببات المرض كـ “البكتيريا والفيروسات والفطريات وغيرها”، وهذا ما يجعل هذه النوع من النفايات هو الأكثر خطورة بين المخلفات الأخرى سواء للسكان القريبين من مكبات النفايات، أو العاملين على نقلها وإتلافها. وخاصة مع انتشار ظاهرة البحث في الحاويات والمكبات من قبل الأطفال على بقايا بلاستيكية لبيعها في المنطقة، وجهلهم بكيفية التعامل مع المخلفات الطبية والضرر الناتج عنها.
وثمّن الدكتور الحلاق خطوة المجلس المحلي بإنشاء المحارق الطبية، واصفاً المشروع بـ “الضروري”، خاصة وأن الأمراض والأوبئة التي تسببها سريعة الانتشار ولا يمكن ضبطها واستيعابها، مؤكداً أن الطرق القديمة التي كانت تلجأ لها المشافي بدفن النفايات الطبية في حفر أو حرقها بشكل مباشر ودون أماكن مخصصة، غير ناجعة على حد قوله.
وقسّم الطبيب أحمد الاقرع (مدير مشفى دار الحكمة الخاص في كفرنبل) النفايات الطبية إلى قسمين” المعدات الطبية والسرنكات والشاش المستخدم ومخلفات الولادة ورأى فيها الأكثر خطورة، إضافة إلى النفايات الطبيعية من بقايا الطعام وعلب الدواء الفارغة وهي الأقل خطورة، مؤكداً أن وزارة الصحة سابقاً قامت باستصدار قرار يلزم جميع المشافي بإنشاء محرقة لإتلاف المخلفات الطبية، إلّا أن هذا القرار لم يدخل حيز التنفيذ.
لم تحدد بعد المبالغ المفروضة على المشافي الخاصة لاستخدام المحارق، في انتظار دخولها حيز العمل، إلّا أن عبيدة الدندوش (المدير الإداري لمشفى السيدة مريم في كفرنبل) رأى أنه “لا ضير من دفع مبالغ رمزية، كما علمنا، للمجلس المحلي لقاء هذه الخدمة، وذلك لضمان تغطية نفقات المشروع من أكلاف تشغيلية ومستلزمات للحرق ورواتب للعمال، ولا أظن أن ذلك سيشكل عائقاً أمام هذه المشافي”.