مثّل افتتاح المعاهد الإعلامية في الشمال السوري خطوة أولى رأى فيها كثير من العاملين في المجال الصحفي والإعلامي حلّاً لرفد المؤسسات بكوادر مؤهلة أكاديمياً، وتدريبهم وتزويدهم بالمعلومات النظرية والعملية اللازمة لسد ثغرات النقص لتمكينهم من العمل بمهنية أكبر تحميهم من الوقوع في الأخطاء والتعرض للنقد، ناهيك عن الشهادة الممنوحة من المعاهد والتي تؤهلهم وتسهل عملهم وحركتهم في مختلف المناطق والمؤسسات الحكومية والاجتماعية والخدمية.
ومع انتشار الدورات التدريبية على الصحافة، وكثافة المعلومات المقدمة فيها، وغناها في كثير من الأحيان، إلّا أنها بقيت قاصرة في تكوين نواة من الإعلاميين المؤهلين، وتعزيز الثقة بالمواطنين الصحفيين (كما يطلق عليهم)، سواء في المؤسسات المحلية أو العالمية، كما أنها فشلت في تقديم غطاء للمتدربين يساعدهم في الحصول على فرص عمل أو حمايتهم، إضافة إلى أن معظم المتدربين كانوا يحصلون على نفس الشهادة دون تقديم امتحانات أو معايير من شأنها التمييز بين المتدربين وإمكانياتهم وقدرتهم على هضم المعلومات المقدمة وتطبيقها خلال عملهم.
المعهد التقاني للإعلام والذي تأسس في جامعة إدلب منذ (2016-2017) شكل اللبنة الأولى لنواة إعلامية، تقول سلوى جبان والتي التحقت بصفوف المعهد لـ “تكتسب مزيداً من الخبرات والمهارات في العمل الذي امتهنته منذ ثلاث سنوات، وتضفي على عملها حالة من الأكاديمية والشرعية وتتعرف على الطرق الأصح والأفضل في العمل الصحفي”، وهو ما أكد عليه محمد (طالب في المعهد) والذي رأى في افتتاح المعهد “الحل الأمثل لتأهيل الإعلاميين الذين تحتاجهم المنطقة بشكل ملحّ في ظل الظروف الراهنة”
يضم المعهد أكثر من 280 طالباً موزعين بين السنتين الأولى (183) طالباً والثانية (102)، تخرجت الدفعة الأولى من المعهد في العام الماضي وبلغ عددها 17 طالباً، بحسب إحصائيات قام بها (قتيبة الحسين) أحد المحاضرين في المعهد بالتعاون مع غرفة شؤون الطلاب.
يفتقر المعهد إلى بعض التجهيزات والوسائل التعليمة (أجهزة لا بتوب -جهاز إسقاط) ويتوفر به عدد من الكاميرات إلا أن إدارة المعهد تعمل بالتوازي مع رئاسة الجامعة لتزويد المعهد بالتقنيات اللازمة وتلافي النقص الموجود في التجهيزات، يقول إياد نجار مدير المعهد الذي تحدث عن وجود خطة جديدة متبعة لهذا العام تعتمد على العمل الميداني في مجال التحرير بشكل خاص (من كتابة الخبر وغيره)، إضافة إلى المواد الإعلامية الأخرى بشكل عام والتي تمكن الصحفي من تعلم كيفية نقل المعلومة بمسؤولية خاصة (الخبز وتحليله والتأكد منه).
يتوزع دوام المعهد على ثلاثة أيام أسبوعياً (من الساعة 8 صباحاً حتى 2 ظهراً)، ويدفع الطالب المنتسب إلى المعهد رسماً سنوياً (100 دولار). ويتكون الكادر التدريسي في المعهد من ستة مدرسين أكاديميين، من ذوي الشهادات الجامعية في الصحافة والإعلام، تم اختيارهم من أصحاب الكفاءات العلمية والصحفية من خلال اختبارات ميدانية، إضافة إلى خبراتهم السابقة وعملهم في المؤسسات الإعلامية، لتدريس المواد المقررة التي تم الحصول عليها من الكتب التي تدرس في الجامعات العالمية عن طريق الأنترنيت، وأهمها (التحرير –التصوير –التصميم –التشريعات والقوانين الدولية –الرأي العام ..)، بحسب مدير المعهد.
يرتبط المعهد بالمؤسسة السورية للإعلام، وذلك بهدف صقل المعلومات النظرية التي تلقاها الطالب وممارستها بشكل عملي، يقول النجار الذي أعرب عن أمله بالتعاون مع شبكات إعلامية عالمية لتزويد الطلاب بالمزيد من الخبرات العلمية، مؤكداً أن تحويل المعهد إلى كلية مرهوناً بتوفر الظروف المناسبة والتي اختصرها “بتواجد أحد الحاصلين على شهادة الدكتوراه في الإعلام في صفوف المعهد”.
يواجه طلاب المعهد عدداً من الصعوبات والعثرات التي تعترض طريقهم أهمها بحسب بعض الطلاب أثناء لقاءات أجريت معهم “عدم الاعتراف بالشهادة من قبل النظام العالمي للشهادات”، إضافة إلى بعد المكان عن طلاب الأرياف، والذين يشكلون عملياً معظم طلاب المعهد، وصعوبة وسائل المواصلات ناهيك عن غلاء أسعارها وعدم توافر سكن جامعي جميعها مشكلات يعاني منها معظم الطلاب، أما بالنسبة للطالبات فجلّ ما اعترض طريقهن كان نظرة المجتمع الدونية لعمل المرأة بهذا المجال.