يُعرّف التعلم الذاتي أو عصامية التعليم بـ عملية أخذ المعلومات ومعالجتها وفهمهما والاحتفاظ بها دون الحاجة إلى شخص آخر يقوم بمعالجتها عوضاً عنك، ويعتمد على الدوافع الذاتية للمتعلمين بشكل كلي، وهو ما دفع المؤلف الأمريكي إسحاق عظيموف إلى وصفه بـ “النوع الوحيد الموجود من التعلم”.
وإن كان التعلم الذاتي بمعناه العام يتجاوز الحدود الزمانية والمكانية، ويرتبط جذرياً بالتعلم الاختياري النابع من الذات طيلة الحياة ولأسباب معرفية أو مهنية، بعيداً عن الحياة الدراسية سواء في المدارس أو الجامعات، أو اقتصاره على سن معينة، إلّا أن تأخر التعليم والصعوبات التي رافقت العملية التربوية والتعليمية في سوريا، والفروق الفردية بين الطلبة والناتجة عن انقطاع التعليم أو التسرب الدراسي وما سببته ظروف الحرب والنزوح من انقطاع الأطفال عن التحصيل الدراسي، كل تلك الأسباب دفعت منظمة “غصن زيتون” العاملة في الشمال السوري إلى افتتاح مراكز خاصة بالتعلم الذاتي بهدف مساعدة الأطفال المتأخرين في تحصيلهم الدراسي وتأهيلهم للحاق بأقرانهم خلال فترة لا تتجاوز أربعة أشهر.
يقول أحمد الشبيب “مدير مكتب غصن زيتون في إدلب” بدأنا بتنفيذ المشروع في منتصف شهر تشرين الثاني حيث قمنا بتوقيع مذكرة تفاهم مع مديرية التربية في إدلب و منها تم استخلاص مذكرات تفاهم مع المجالس المحلية في المناطق التي سيتم استهدافها.
يتابع “الشبيب” قمنا بتنفيذ مرحلتين من المشروع وتمكنا من تغطية 16 بلدة بمقدار مركز في كل بلدة وبدأت تلك المراكز باستقبال طلابها بهدف سبر وتحديد مستوى التلاميذ وتوزيعهم من الصف الأول حتى السادس.
كما حددت المنظمة مجموعة معايير للطلاب الذين يحق لهم التقدم لتلك المراكز بهدف التركيز على الأطفال الأكثر حاجة لهذا النوع من التعليم، في حين تم اختيار المواد الأساسية في كل صف لتدريسها للطلاب (رياضيات -عربي -علوم -انكليزي) وفق منهج مخصص مجاني ومناسب للأطفال، يتم عرضه بطريقة سهلة و ممتعة، وتغطي جوهر المواد العلمية، كما يتم تطبيق منهاج متكامل في الدعم النفسي للأطفال. ويكون الدوام لكل طفل يومين في الأسبوع فقط يحصل في كل يوم منهما على حصتين تدريسيتين وجلسة دعم نفسي.
وتابع “أحمد” بأن المراكز التسعة التي تم افتتاحها مؤخراً تأتي في المرحلة الثانية من مشروع التعليم الذاتي حيث قمنا في وقت سابق بافتتاح سبعة مراكز في عدة مناطق مختلفة ونأمل من أهالي الطلاب المباشرة فوراً بتسجيل أطفالهم ضمن تلك المراكز، علماً أن مديرية التربية تعترف بشكل رسمي بالمراحل التي يتجاوزها الطالب في مراكز التعلم، وتستقبله لاحقاً في صفه الجديد.
“خديجة” أرسلت طفليها إلى المركز الذي تم افتتاحه في مدينة كفرنبل بهدف تأمين دروس إضافية للأولاد تمكنهم من التفوق على أقرانهم، وترى خديجة أن مستوى أولادها الدراسي “مقبول”، ولكن تغيب أساتذتهم في بعض الأوقات ترك أثراً سلبياً على مسيرتهم الدراسية فقررت إرسالهم لهذا المركز بهدف تعويض النقص، بينما قامت “أم محمد” بإرسال أطفالها إلى المركز بهدف الحصول على بعض جلسات الدعم النفسي والترفيه لإخراجهم من الأجواء القاسية التي عاشوها خلال السنوات الماضية.
أكثر من 3 آلاف طالب انضموا لمشروع التعلم الذاتي حتى الآن، ويتوقع القائمون على المشروع وصول العدد إلى خمسة آلاف طالب، بحسب أحمد دحروج “منسق المشروع”، الذي ذكر أن مدة المشروع سنة كاملة يتم خلالها إنجاز مرحلتين (سنتين) دراسيتين من مراحل التعليم الرسمي. وتسعى المنظمة لتوسيع نطاق المشروع ليشمل أكبر قدر من المناطق التي تحتاج لمثل هذه المشاريع التي تساعد الأطفال بالعودة للمدارس التي حرموا منها خلال فترة قصيرة.